تُعرف إيران منذ القدم بأنها بلد الشعر والشعراء، وفي خطابه هذا العام للجمعية العامة للأمم المتحدة قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران قد رسخت مكانتها في قلوب العالم بالثقافة والحضارة، حيث تعرف العالم على بلاده عن طريق جلال الدين الرومي وسعدي وحافظ، و رغم فخر روحاني بالتاريخ الثقافي لبلاده إلا أن إحصائيات الأمية في إيران لازالت كارثية.
وفقًا لتصريحات الدكتور علي باقر زاده، رئيس هيئة نهضة التعليم ــ الهيئة الحكومية المسئولة عن محو الأمية بإيران ــ هناك قرابة 9 مليون أمي «بشكل تام» في إيران، و هو ما يمثل نحو 11% من تعداد السكان.
وبمراجعة الإحصائيات الإيرانية، ذكرت اخر إحصائية للأمية قبل الثورة الإسلامية عام 79 أن نسبة الأمية فوق سن السادسة تمثل 50.5 % ، وفي عام 2010 حوالي 10 مليون و 300 ألف شخص، و أخيرًا عام 2015 إنخفضت النسبة إلى 8 مليون و 700 الف، منهم 6 مليون فوق سن الخمسين، وعليه فإن نسبة الأميين تحت سن الخمسين وخاصة العشرين تمثل 3.5 % من المجتمع الإيراني.
أماكن تمركز الأمية في إيران
إيران شأنها شأن الكثير من الدول العربية، والنامية حيث يرتفع معدل الأمية في القرى أكثر من المدينة، وتنتشر الأمية في محافظات سيستان ،و بلوچستان، وآذربایجان الغربیة، وکردستان، ولرستان، و خراسان الشمالیة، و خوزستان.
أسباب استمرار وجود الأمية في إيران ؟
الفقر : يوجد 13 مليون إيراني تحت خط الفقر المطلق، ومن 25 : 30 مليون على أعتاب الفقر. أي أن المشكلة أكبر من مجرد أشخاص لم يحالفهم الحظ ليحظوا بتعليم جيد، بل أنهم لا يجدوا قوت يومهم، لذا لن يكون التعليم من أولويات جائع.
والسؤال، كيف لدولة كإيران تسعى لأن تكون في صف الدول العظمى. دولة تمتلك رابع إحتياطي بترول عالميًا ، ونجد محافظة كخوزستان ترقد على بحر من نفط، تحيا في فقر لا مثيل له بين المحافظات الأخرى .دولة ترسل الإمدادات و الأسلحة والمال والجيش لأتباعها في مختلف بلدان الوطن العربي، وهناك الملايين من ابناء شعبها يحيون تحت خط الفقر المطلق.
البطالة : يصل معدل البطالة على مستوى الدولة إلى 12 % ، و في بعض المحافظات الإيرانية إلى 60 %.
المشاكل الأسرية : الزواج المبكر للفتيات دون الـ15، و زيادة معدلات الطلاق ، وهروب الأطفال من المنزل.
الإدمان : وفقًا لإحصائيات العام الحالي، يوجد في إيران قرابة الـ 3 مليون مدمن.
المرض : إنتشار الكثير من الأمراض المزمنة ، مع عدم توفر تأمينات صحية وإجتماعية لشريحة كبيرة من الشعب .
جهود الدولة لمحو الأمية
تسعى هيئة نهضة التعليم منذ سنوات للقضاء على الأمية نهائيًا، وهناك الكثير من الحركات، والمتطوعين لمحاربة الأمية، كما تستقبل فصول محو الأمية سنويًا الاف الأُميين بمختلف اعمارهم، و من الجدير بالذكر أن نسبة الأمية في الخمس سنوات الأخيرة قد انخفضت نحو المليون ونصف مليون .
ويبقى سؤال هام ، في عصرنا الحالي هل خروج شخص من قائمة الأمية لتعلمه القراءة والكتابة ومبادئ الحساب يجعله حقًأ غير أمي ؟
السؤال الذي أجابه سعيد پیوندی عالم الإجتماع، في حواره مع راديو فردا، قائلًا : تعلم المرء للقراءة والكتابة شيء غير كافي، فلابد أن يستطيع الفرد التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وادراك القضايا البيئية، والأفكار التنموية، حتى يستطيع أن يكون له دورًا إجتماعيًا.
فالأمية ليست الهجائية وحسب، وإنما يأتي بعد ذلك الأمية الثقافية، والحضارية ،والعلمية التي يكتفي المرء فيها بمحو أميته الهجائية فقط دون الحصول على شهادة علمية .
وتشير إحصائية إيرانية إلى أن نسبة الأميين و محدودي التعليم تصل إلى 20 مليون إيراني.