سلسلة من المشكلات والأزمات تحيط بالشعب الإيراني عامةً وبالشباب الإيراني خاصة، تلك الأزمات والكوارث أفضت إلى فقدان الشباب الإيراني لروح المقاومة، مقاومة المشكلات ومقاومة الأوضاع المأساوية للحياة في إيران تلك الحياة التي ينسج النظام الإيراني خيوط الذل والهوان والقتل والتعذيب والإقصاء فيها ببراعة لا مثيل لها.
وقود جحيم النظام الإيراني
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة آية الله الخميني في عام 1979 م، ظن المجتمع الإيراني بمختلف طوائفه إن الثورة الجديدة سوف تجلب لهم الخير ورفاهية العيش والمتعة بثروات وطنهم المهدرة، إلا أن الأمر لم يكن كما حلموا وخصوصًا الفقراء منهم.
فسيطرت طبقة رجال الدين الشيعة على مقاليد الأمور في البلاد لاسيما الثروات النفطية والاقتصادية في إيران وأرهقت المجتمع والثروات الإيرانية في معارك ليس لهم فيها ناقة ولا جمل من بينها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات استُهِلك فيها جزءًا كبيرًا من ثروات البلاد الاقتصادية والطاقات البشرية فضلًا عن الدمار والخراب الذي أصاب البلاد ذلك بالإضافة إلى إهدار الثروات الاقتصادية للبلاد في دعم وتأييد الجماعات المسلحة والميليشيات العسكرية في الشرق الأوسط وفى مختلف دول العالم من أجل الدفاع عن المصالح الواهية لطبقة الحكم الإيرانية والنظام الحاكم في إيران وتصدير الثورة الإسلامية إلى دول الجوار.
كان الشباب الإيراني من أكثر فئات المجتمع الإيراني صدمةً وتضررًا من التغير السياسي بعد الثورة الإيرانية 1979 م، حيث أصبح الشباب في إيران هم كبش الفداء الدائم في مخيلة النظام الديني الحاكم في إيران لاستخدامه من أجل تنفيذ مخططاته وتحقيق طموحاته الشاذة من خلال إشراك شباب إيران في المعارك والحروب الدائمة التي لا يكاد يخرج منها النظام الإيراني من أجل تحقيق مشروع ومخطط وأيدلوجية واهية وهى تصدير الثورة الإيرانية الشيعية إلى دول الجوار والدول الإسلامية.
يستخدم النظام الإيراني شباب الدولة في الميليشيات العسكرية وشبه العسكرية التي تنتشر في أرجاء الشرق الأوسط والقرن الإفريقي بعد تغييبهم باسم الدين والشريعة الإسلامية ومحنة الأئمة واستغلال الروح الشيعية والموروث الشيعي في الاستشهاد بمحن الأئمة وآل بين الرسول ” صل الله عليه وسلم ” من أجل شحذ الهمم والطاقات الكامنة في الشباب الإيراني وتغييبهم من أجل السيطرة على عقولهم من أجل تنفيذ المخططات والمشروعات الخاصة برجال الدين والنظام الإيراني.
في بداية الألفية الجديدة، ومع توتر الأوضاع والعلاقات بين إيران والدول الأوربية والدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، انتشرت العديد من الأزمات التي تعصف بالشباب الإيراني وأحلامه في العيش بحياة أفضل في مجتمع أفضل يحترم الحريات وحقوق الإنسان ويُقَدِر الطاقات البشرية الكامنة في الشباب، إلا أن هذه الأمنيات تبددت بفضل سياسات النظام الإيراني المخيفة والمتردية بشأن الداخل الإيراني.
منذ بداية الألفية الثالثة تصاعدت معاناة الشباب الإيراني وكافة الطبقات الاجتماعية – ما عدا المقربة من النظام – فانتشرت العديد من المشكلات والأزمات التي أدت إلى فقدان الشباب الإيراني هويته وأجبرته إما على الانعزال في الداخل الإيراني أو التفكير في الهجرة سواء المنتظمة الشرعية أو غير المنتظمة غير الشرعية معرضًا حياته للخطر حيث تنتهي عادةً مسارات الهجرة غير الشرعية أو غير المنتظمة إما بالموت أو بالسجن أو الترحيل إلى البلد الأصل والاختيار الثالث يُعَد أبشع الخيارات أمام الشباب الإيراني حيث تُمثِل إعادتهم إذا لم يوفقوا في الهجرة أو الوصول إلى البلد المنشود وإعادتهم إلى إيران تُمثِل للشباب الإيراني العودة إلى الجحيم.
كان معدل الشباب في إيران يتراوح فيما بين 40 : 60 % من عدد السكان في إيران عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 م إلا أن عدد الشباب الآن في إيران تناقص بشدة حتى وصل إلى أقل من 25 % من عدد السكان في إيران بسبب الظروف المعيشية القاسية التي يعانى منها الشباب وأبناء المجتمع الإيراني وانخفاض وتناقُص معدلات الخصوبة في إيران حيث يعود هذا التناقص بسبب إحجام الشباب في إيران عن الزواج على الرغم من كون إيران في الماضي من أكثر دول الشرق الأوسط في معدلات الزواج حيث كان الشباب والفتيات يتزوجوا في سن قبل العشرين أو في العشرينيات من العمر أما الآن فيتجاوز سن الزواج بين الفتيات إلى الثلاثينيات والشباب إلى الأربعينيات بسبب الضائقة المالية والظروف الاقتصادية القاسية.
يعانى الشباب في إيران العديد من المشكلات والأزمات التي تؤثر بشكلٍ كبير عن هويته القومية وانتماءه السياسي والوطني، حيث يعانى الشباب الإيراني من مجموعة من المشكلات والأزمات العاصفة ومنها: الفقر حيث يعانى غالبية الشباب في إيران من معدلات قياسية من الفقر المرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعدلات قياسية أيضًا من البطالة التي يعانى منها الشباب بسبب سياسات الإقصاء السياسي، الاجتماعي والاقتصادي التي ينتهجها النظام الإيراني ضد الشباب والمرأة في إيران مما أدى إلى مشكلات اجتماعية أكثر قسوة وشراسة يعانى منها الشباب والفتيات في إيران وأهمها الطلاق وعدم التوافق الاجتماعي وعلى إثر تلك الأزمات والكوارث المحيطة بالشباب والفتيات في إيران ظهرت مجموعة من الظواهر السيئة التي يعانى منها الشباب والفتيات والأطفال وأهمها عمالة الأطفال وعمالة الفتيات في الأعمال الشاقة وأطفال الشوارع وعائلات الشوارع ونساء الشوارع والإدمان كل هذه الكوارث والأزمات التي أدت إلى التفكير في السبيل الوحيد للتخلص من كل هذا الجحيم ألا وهو الهجرة.
الطريق الوحيد للشباب للتخلص من جحيم النظام
هناك نوعان من الهجرة في إيران أولهما الهجرة الشرعية وهى الهجرة التي تحدث عن طريق حصول الشاب أو طالب الهجرة على تأشيرة دخول مسبقة إلى دولة بعينها من أجل غرض معين في غالب الأحيان يكون الدراسة، حيث يهاجر من إيران كل عام حوالي 50 ألف إيراني بهدف العمل والدراسة في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ولكن الدراسة تكون على رأس الأهداف المعلنة أما العمل واللجوء السياسي هو الهدف غير المباشر وغير المُعلن.
والنوع الثاني من الهجرة هو الهجرة غير الشرعية، وتكون عن طريق تركيا وتكن عبارة عن عبور الحدود الإيرانية التركية إما براً أو بحراً، وبعدها ركوب قوارب الموت في البحر المتوسط أو البحر الأسود من أجل الهجرة إلى إحدى الدول الأوربية عن طريق نفس الزوارق التي تقل المهاجرين ويتراوح عدد المهاجرين الإيرانيين بشكل غير شرعي سنوياً حوالي من 55 إلى 65 ألف إيراني يصل نصفهم إلى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا بينما يموت النصف الآخر غرقًا في البحر في مأساة لا تقل عن مأساة المعيشة في إيران.
تذكر الأرقام الرسمية لوزارة الخارجية الإيرانية إلى أن هناك من 200 إلى 250 ألف إيراني يهاجرون سنوياً من البلاد 65 % منهم على الأقل تتم بشكل غير شرعي عن طريق شبكات الهجرة غير الشرعية الدقيقة في عملها والتي تنتشر في كافة أرجاء العاصمة الإيرانية طهران ويُشرِف على هذه الشبكات غير القانونية الحرس الثوري الإيراني من أجل جلب المال واستخدام الشباب المهاجر في بعض الأحيان في تهريب المخدرات، لكن هذا العدد قليل جدًا مقارنةً بالإحصائيات الدولية الأخرى التي تذكر أنه خلال العام الماضي فقط هاجر حوالي 540 ألف إيراني خارج البلاد إلى عدة دول أخرى.