منذ بداية القرن الحالي، وبدأت ظاهرة هروب الفتيات الإيرانيات إلى الشارع تنتشر بشكل مخيف، وأفادت تقارير لعام 2002 بهروب 700 فتاة، ثم في عام 2003 تزايد العدد ليصل إلى 2500.
وآخر إحصائية قد نشرت حول هذه الظاهرة عام 2015، والتي أشارت لزيادة 12% في نسبة هروب فتيات ونساء بقاع إيران المختلفة قاصدات العاصمة طهران. وتتراوح أعمارهن بين 15 : 30 عاما، بينما ذكرت مصادر أخرى انخفاض سن الهاربات إلى 12 عام.
وطبقًا للإحصائية المذكورة، فحوالي 80% من الهاربات يتعرضن خلال الـ 24 ساعة الأولى من هروبهن إلى المضايقات، والتحرش الجنسي، كما أفادت الإحصائية أن أكثر حالات الهروب تتمثل في محافظات کرمانشاه، ایلام، لرستان، مازندران، گیلان ،وخراسان رضوي.
ورغم تحول ظاهرة هروب الفتيات إلى مشكلة اجتماعية كبيرة في إيران، إلا أن المسئولين يمتنعون عن نشر الإحصائيات حيال هذا الأمر.
أسباب الهروب
رأى علماء اجتماع ومحللون أن أسباب الهروب ترجع بسبب الفقر والمشاكل الأسرية كارتفاع معدل الطلاق الذي وصل عام 2014 19 حالة طلاق لكل ساعة، إضافة إلى المعاملة القاسية لأحد الوالدين أو كليهما، أيضًا عنف زوج الأم أو زوجة الأب، وإدمان الأب للمخدرات، وأخيرا أصدقاء السوء.
وفي ذات السياق رأى آخرون أن الأسر لا تعطي الحرية الكافية للفتيات بسبب التعصب الديني الشديد، وفرض الحجاب، ومنع الفتيات من مزاولة الكثير من الأمور كالرياضة و الموسيقي والرسم، المعاملة السيئة والعنف و الإهانة، والتفرقة، كل هذا له دور رئيسي في تفاقم هذه الظاهرة.
قصة “مهرناز”
تروي فتاة تدعى “مهرناز” والتي تبلغ من العمر 19 عاما قصة هروبها من المنزل منذ عام ونصف، لإحدى الصحفة المحلية بإيران، فتقول:
لدي أخ و أختان، جميعهم تزوجوا ورحلوا من المنزل، أمي امرأة قاسية القلب، كانت تضربني بقسوة وأنا في هذا العمر، حتي أبي كان يخافها، أذكر أنه في إحدى المرات ظلت تضربني بقوة حتى نُقلت إلى المشفى، لم ينجدني أحد منها، ولم يهتموا، فلكلٍ له حياته.
وتتابع: كانت حياتي في ذلك المنزل لا تطاق، فكرت في الهرب، لم أكن أعلم إلى أين سأرحل، لكني فقط كنت أريد أن أرحل.. هربت، و كنت مرهقة، فجلست في حديقة حتى جاءت سيدة مبتسمة، و قالت لي لو لم يكن لديك مكان للإقامة، تعالي معي.
وتتابع “مهرناز”: في الحقيقة كنت متعبة ولا مكان لي، ذهبت إلى منزلها بحثًا عن المحبة، كنت أتمنى أن أجلس مع أشخاص نتحدث، آمنت لها، لكن للأسف لوثتني بالذنوب، عرفتني على رجل لا يملك أي رحمة، كانوا يدركون أن لا أحد يحميني، ولا مكان لي، فاجبرونني على توصيل المخدرات إلي بيوت الزبائن.
وفي النهاية قالت “مهرناز”: لم أحب اليوم ولا أمس، ولكني أعتقد لو كنت صبرت فترة أكبر في منزلي، ربما كان اليوم أفضل من أمس، فأنا اليوم لا أستطيع حتى الرجوع لهذا المنزل.
لماذا الفتيات؟
ويبقى السؤال الأهم.. لماذا ترتفع نسبة هروب الفتيات في المجتمع الإيراني بشكل ملحوظ عن هروب الأولاد؟
أجاب أحد المختصين بالقضايا الاجتماعية، أن الأسر تغلق باب العودة في وجه الفتيات الهاربات، في الوقت ذاته يرحبون بعودة الأولاد لمنازلهم، لذا تزداد النسبة بشكل تلقائي. و هذا يبدو منطقيًا، حيث شأن الكثير من الأسر في المغفرة المطلقة للذكور.
وطبقًا للمصادر المذكورة تمثل نسبة الفتيات الهاربات من منازلهم سنويًا من 10 : 15 % ، وبدورها الحكومة قد أنشأت عدة دور رعاية لهؤلاء الهاربات، ومؤخرًا تم افتتاح داران للرعاية بمحافظة سنندج.. ولم يُغلق الملف إلى الآن.