لابد وأن كاتبوا السيناريو الذين يراقبون الشرق الأوسط يجلسون على آلاتهم الكاتبة وأصابعهم متشوقة للكتابة. إن الأحداث في المملكة العربية السعودية توفر الشخصيات والدراما وتحريف المؤامرة إلى حبكة حقيقية. هناك الأمير الشاب، والاستقالة الدرامية وعودة رئيس الوزراء اللبناني، والجيران المعادين، وتجميع الوزراء وأفراد العائلة المالكة المتهمين بالفساد، والعدو السابق إسرائيل الذي يوصف كحليف غير محتمل. إن محور القصة، شأنه في ذلك شأن العديد من التطورات في عالم اليوم، وكان يمكن رفضه باعتباره مستبعد قبل بضع سنوات.
ولكن هذا ليس مجرد تخيل، هذا هو الواقع الإقليمي الجديد والناشئ. وفي حين أن صناع السيناريوهات قد يكونون مفتونين، فمن المهم جدا أن يستقيم واضعو السياسات والدبلوماسيون ووسائل الإعلام وأن ينتبهوا.
وقد يبدو في البداية أن القدس وإعلان الرئيس ترامب عن اعتراف الولايات المتحدة بالمدينة عاصمة لإسرائيل هو محور القصة الرئيسي. ولكن في الحقيقة، تأتي الإدانة الجزئية المستعصية من الجيل الأكبر سنا فقط ، وهذا دليل على أن هذا مجرد إلهاء عن الصورة الأكبر، والتقلبات المؤثرة أكثر من ذلك بكثير.
لأنه، في حين أن إسرائيل والمملكة العربية السعودية لا تغني بالضبط من نفس ورقة النشيد، إلا أنهم لأول مرة في التاريخ يغنون ألحانا متشابهة جدا مع لازمة تغلب عليها كلمة واحدة، وهي إيران. ويرى البعض إيران المصدر رقم واحد للإرهاب فى العالم، والسبب رقم واحد لعدم الاستقرار فى المنطقة، والتهديد الأكبر للشرق الاوسط.
كان المخطط الرئيسي السعودي في وسائل الإعلام مؤخرا هو العمدة الجديد في البلاد، ولي العهد محمد بن سلمان، والذي قام بتطهير الحرس القديم في ما وصفه بتطهير ضد الفساد. لقد رأينا اعتقال بفندق ست نجوم حيث وجد مسؤولون رفيعو المستوى أنفسهم في “سجن بفندق ريتز”.
وسواء كان ذلك حقا يتعلق بتدعيم السلطة من قبل الوريث الشاب أو حملة من أجل الحداثة ومكافحة الفساد، تبقى الحقيقة حول كيف أن الأحداث في الرياض لها مخاطر عالية على المنطقة والعالم. ومن مصلحتنا جميعا أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على العمل بشكل استراتيجي وديناميكي مع من يتشاطرون معها المخاوف بشأن مسيرة إيران.
يذكر أن الزعيم الشاب يحمل على كتفيه جزءا كبيرا من المسؤولية عن سلامة وأمن المنطقة الأكثر تقلبا في العالم. ولا ينبغي لأحد أن يخطئ محمد بن سلمان بتوماس جيفرسون، ولكن المهمة التي أمامه تضع بلده والمنطقة في مفترق طرق تاريخي. وهو مكلف بموازنة العقيدة والحساسيات الدينية مع العالم الحديث.
وفي الوقت نفسه، مع الإسلام الذي يتعرض لهجوم من تطرف داعش من جهة، والثورة الإسلامية الإيرانية من جهة أخرى، ويجد بن سلمان نفسه على خط المواجهة، ومن المحتمل أن يحاصر في تبادل لإطلاق النار.
وبالتوغل في هذه التضاريس الوعرة، فالأمير، الذي يشغل أيضا منصب أصغر وزير دفاع في العالم، لن يكون دائما على حق. ولكن إذا نجح، سيتملك الشجاعة على القيام بذلك والعمل على رسم مسار أكثر توجها نحو الأمام من أجل بلده، إنه يمتلك القدرة على تحقيق المزيد من الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ولكن إذا فشل، فرغم ذلك، سيتم الشعور بالفشل في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
هذه ليس مبالغة. المشهد اليوم جديد، ويجلب تحديات جديدة وفرص جديدة. ولم يحدث أبدا في تاريخ الشرق الأوسط مثل هذا التوافق بين خصوم سابقين أو توافق واسع في الآراء بشأن التهديدات الرئيسية للمنطقة. والرسالة واضحة، ليس هناك خطر أكبر على المنطقة من النظام الإيراني ووكلائه القاتلين. ويحتاج أولئك الذي يتصدرون خط المواجهة في تلك المعركة إلى التوجيه والتشجيع والدعم.
يقول السفير والدبلوماسي الإسرائيلي رون بروسور، كنا نستنتع بنهاية الصيف، وجاء “يوم ما بعد داعش”. ولكن، وكما حذرنا، فالفراغ الذي تركته داعش شغله النظام الإيراني الوحشي. وتشعر إسرائيل بذلك في القدس، تماما كما يشعر جيراننا العرب بها في الرياض والقاهرة وأبو ظبي وعمان. وأضاف، إننا على حافة الهاوية.
ويتابع، لقد شهدت مباشرة كيف أنه منذ انسحاب إسرائيل من غزة في عملية فك الارتباط، وأطلق وكلاء إيران الفلسطينيون الصواريخ على بلادنا وحفروا الأنفاق الإرهابية تحت مدارسنا. والآن وكلاء إيران لديهم صواريخ بعيدة المدى لا تستهدفنا فحسب، بل تستهدف جيراننا العرب أيضا.
والصواريخ التي تستهدف مطار الرياض من اليمن هي قصة أكبر للمنطقة من الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل أو سجن كبار السن السعوديين الذين يتم تقديم الطعام السجن لهم من قبل خدمة الغرف في فندق ريتز الرياض.
ويضيف، لم أكن خجولا أبدا في التعبير عن انتقاداتي للمملكة العربية السعودية أو إيديولوجيتها الحاكمة أو نظام الحكم فيها. ولكن في عهد ولي عهدها الجديد قد يكون لدينا شخص يمكننا العمل معه بطرق لم يسمع بها حتى الآن . وأعداءه الخارجيون هم خصومنا الخارجيون، ونحن مدينون لأنفسنا وشعوبنا ومستقبل منطقتنا المشتركة لضمان هزيمتهم.
واذا كان كتاب السيناريو في هوليوود لا يزالون يبحثون عن “لقاء لثنائي لطيف” ، فوزير الاستخبارات الإسرائيلي قام بإجراء مقابلة مع صحيفة سعودية، دعا خلالها ولي العهد الى القيام بزيارة رسمية لاسرائيل.