في الوقت الذي تنتهي فيه الحملة العسكرية الأمريكية ضد تنظيم الدولة في الشرق الأوسط، ستحول إدارة ترامب تركيزها نحو ما تعتبره تهديدا أكبر، وهو إيران.
ويتصارع المسؤولون الأمريكيون حول أين وكيف يقومون بصد ما وصفوه بالتوسع العسكرى الإيرانى الخطير فى جميع أنحاء المنطقة، ويثير هذا التطور قلقا متزايدا فى واشنطن وتل ابيب والرياض.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن “قيادتنا وضعت هدفا لعدم السماح لإيران ووكلائها بالتمكن من إقامة وجود لهم في سوريا يمكنهم من خلاله تهديد حلفائنا أو تهديدنا في المنطقة”. وأضاف “هناك سبلا مختلفة لتنفيذ ذلك، وما زلنا نعمل من خلالها”.
ووفقا لأشخاص مطلعين على تفكيره، فمن المفترض أن يقدم مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأمن القومي، هربرت مكماستر، خطابا سياسي حول سوريا في مطلع العام المقبل والذي يحدد فيه استراتيجية الإدارة الجديدة،.
ومن المسائل الرئيسية التي يجب على إدارة ترامب التعامل معها هي ما إذا كانت ستجعل مواجهة إيران هدفا جديدا وصريحا للقوات الأمريكية التي تضم أكثر من ألفي شخص حاليا في سوريا.
وقال وزير الدفاع جيم ماتيس إن القوات ستبقى فى البلاد فى المستقبل القريب لضمان عدم استعادة تنظيم الدولة موطىء قدم أو أن يتحول بقايا التنظيم إلى تهديد جديد خطير.
وأضاف أن هذه القوات يمكن وضعها في مقدمة الجهود الجديدة لمنع ايران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا أو إقامة طريق آمن في جميع انحاء البلاد يسمح لطهران بنقل اسلحة متقدمة إلى الحلفاء على الحدود الإسرائيلية. وذلك وفقا لمسؤولين أمريكيين وآخرون مطلعون على المناقشات المستمرة.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن لها علاقات وثيقة بإدارة ترامب، “إن الوجود العسكري المتزايد في سوريا يجب أن يكون مركز الثقل لاستراتيجية تحييد إيران”. وأضاف “لا يوجد نفوذ سياسي دون قوة عسكرية أميركية على الارض”.
وكانت إيران قد انتقدت الولايات المتحدة لتواجودها فى الشرق الاوسط، قائلة إن واشنطن تدعم الإرهابيين الذين يقاتلون ضد النظام السوري. ولم ترد إيران على طلب التعليق على التحول الأمريكى.
وفي حين رسم السيد ترامب خطة واسعة في أكتوبر لمكافحة نفوذ إيران، فقد ركز الجيش الأمريكي على القضاء على معاقل تنظيم الدولة في سوريا والعراق. وهذا المشروع، الذي أقره المسؤولون الأمريكيون، سمح لإيران بزيادة نفوذها، وخاصة في سوريا. وهناك تقديرات لمسؤولو الإدارة تشير إلى أن طهران وحلفائها يوفرون حاليا نسبة 80٪ من المقاتلين لنظام بشار الأسد المستنزف هناك. وبحسب بعض التقديرات، هناك حاليا 125،000 من القوات الإيرانية في سوريا.
يذكر أن تحويل التركيز من تنظيم الدولة الإسلامية إلى إيران من شأنه أن يواجه سيلا من التحديات، بما في ذلك المخاوف بشأن اندلاع رد فعل عنيف إلى حد بعيد من قبل إيران يستهدف القوات الأمريكية في المنطقة.
وهذا الاحتمال هو مصدر قلق كبير للمسؤولين العسكريين الأمريكيين خاصة الذين قاتلوا فى العراق قبل عقد من الزمان وتذكروا التأثير المميت الذى خلفته المتفجرات التى زودتها إيران على القوات الأمريكية فى البلاد.
وكان مدير وكالة الاستخبارت المركزية الأميركية مايك بومبيو قد وجه تحذيرا خاصا الشهر الماضي إلى الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وهو فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني. وفي الخطاب قال بومبيو مؤخرا إن الولايات المتحدة حذرت الجنرال سليمانى من أن الإدارة “ستحمله وايران المسؤولية عن أى هجمات على المصالح الأمريكية فى العراق من قبل القوات الخاضعة لسيطرتهم”.
وكشفت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية عن وجود الرسالة وقالت أن عميل تابع لوكالة الاستخبارات المركزية حاول تسليمها باليد إلى الجنرال سليماني بينما كان يزور مدينة البوكمال السورية المحاصرة، على مقربة من الحدود مع العراق. ووفقا لما ذكره السيد بومبيو ووسائل الإعلام الإيرانية، رفض السيد سليماني فتح الرسالة.
وقد أظهرت إدارة ترامب بالفعل استعدادها لمواجهة إيران مباشرة في سوريا. وخلال الصيف، أسقط الجيش الأمريكي طائرتين مسلحتين إيرانيتين بالقرب من القوات الأمريكية العاملة في جنوب سوريا. وعلى الرغم من أن التوترات سرعان ما هدأت بعد ذلك، فقد أظهرت الأحداث مدى خطورة المواجهات في سوريا.
وقد أوضح الجنرال مكماستر في الأيام الأخيرة أن الولايات المتحدة تقوم بصياغة سبل احتواء هذا التهديد في سوريا.
وقال فى منتدى عام فى وقت سابق من هذا الشهر “إن ما نواجهه هو احتمالية امتلاك إيران لجيش بالوكالة على حدود اسرائيل”.
ويشعر المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بالقلق الشديد إزاء المعلومات الاستخبارية التي تشير إلى أن إيران تقيم منشأة عسكرية في شمال غرب سوريا لصنع صواريخ بعيدة المدى. وقد نفذت إسرائيل أكثر من 100 غارة جوية في سوريا، معظمها تستهدف ما تقول أنها قوافل تنقل الأسلحة إلى مقاتلي حزب الله.
و بعد اخر غارة جوية على قاعدة عسكرية إيرانية بالقرب من دمشق فى مطلع ديسمبر، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن بلاده “لن تسمح لنظام مصر على إبادة الدولة العبرية” بـ “ترسيخ نفسه عسكريا في سوريا”.