اختتم بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني زيارته لإيران والتى استمرت يومين دون أية إعلان عن الإفراج عن المحتجزة البريطانية نازانين زاغارى راتكليف المزدوجة الجنسية، ولكنه اتفق مع الرئيس روحانى على أن بريطانيا وإيران تريدان تحقيق تقدم “بشأن إزالة جميع العقبات في العلاقات الأنجلو إيرانية”.
وجاء البيان الموجز بعد أن التقى جونسون بروحاني لمدة ساعة لمناقشة القضايا الإقليمية والثنائية بما في ذلك القيود المصرفية الأمريكية والبريطانية والمخاوف البريطانية بشأن “القضايا القنصلية للمواطنين ذوي الجنسية المزدوجة”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن كلا الطرفين “تحدثا بشكل صراحة عن العقبات فى العلاقة واتفقا على ضرورة تحقيق تقدم فى كافة المجالات”.
وأضاف “لقد كانت زيارة جديرة بالاهتمام، وسنغادر مع الشعور بأن الجانبين يرغبان فى الحفاظ على نشاطهم من أجل حل القضايا الصعبة فى العلاقات الثنائية والحفاظ على الاتفاق النووى”.
وخلال زيارته اجتمع جونسون مع كبار الشخصيات المعنية بالسياسة الإيرانية من بينهم وزير الخارجية جواد ظريف بالإضافة إلى الدكتورعلي أكبر صالحي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.
يذكر أن تقارير وسائل الإعلام الإيرانية حول الاجتماعات لم تركز على قضية زاغارى راتكليف، ولكن بدلا من ذلك ركزت على ما يمكن أن تقوم به المملكة المتحدة لتخفيف القيود المصرفية البريطانية التي تعوق التجارة الإيرانية البريطانية في أعقاب رفع العقوبات التي تحققت من خلال الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015.
جدير بالذكر أيضا أن الاتفاق النووى معرض للتهديد فى أمريكا، لكن بريطانيا، وشأنها في ذلك شأن غيرها من دول الاتحاد الاوروبى، كانت مدافعا قويا عن الاتفاق، وأصرت على أن إيران تمتثل لشروط الاتفاق.
لقد تم احتجاز زاغارى راتكليف منذ عامين تقريبا بسبب اتهامها بالسعى الى قلب نظام الدولة الايرانية، وقد تمثل أمام المحكمة مرة اخرى يوم الأحد بتهم جديدة يمكن ان تزيد من مدة العقوبة الموجهة إليها لتصل الى عشر سنوات.
وقد كان هناك تلميح يشير إلى أن الإيرانيين ربما قاموا بتأجيل جلسة الاستماع التي كانت تتزامن بالمصادفة مع زيارة وزير الخارجية.
ولا تعترف طهران بالجنسية المزدوجة لزاغاري بين إيران وبريطانيا، كما ترفض وصولها إلى ممثلي السلطات البريطانية.
وأعرب زوجها ريتشارد راتكليف عن قلقه إزاء احتمال ذهاب زوجته إلى المحكمة مرة أخرى. وقال في مؤتمر صحفي، “إنني بالتأكيد أتابع الوضع عن كثب وكلي أمل، عسى أن يُكتَب لي التوفيق”.
وكذلك أعرب راتكليف عن أمله فى أن تحقق زيارة وزير الخارجية بفائدة. وقال “نأمل أن يكون مقنعا ومؤثرا، وأن يقوم ببناء علاقة جيدة. بالتأكيد من الجيد تواجده هناك، ولكن دعونا ننتظر ونرى ما سيحدث”.
وعلى الرغم من أن الاجتماع مع روحاني يعتبر دليلا هاما على رغبة إيران في التعامل مع المملكة المتحدة، إلا أن الروايات الإعلامية الإيرانية أبرزت المشاكل التي تقف في طريق تحسين العلاقات، لا سيما الاعتقاد بأن المملكة المتحدة يمكنها أن تفعل المزيد من أجل كبح العقوبات المصرفية التي ترفضها الولايات المتحدة، وانتقادات الرئيس دونالد ترامب للاتفاق النووي.
ونقلت وكالة أمهر للأنباء عن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني قوله إن الحملات العسكرية الأميركية والبريطانية منذ العام 2000 أغرق العالم في حالة من الفوضى وإنها السبب الرئيسي لانتشار الإرهاب. وقال لاريجاني “بدلا من التعبير عن المشاعر معادية لإيران، سيكون من المجدي أن نولي اهتماما لحقيقة ما يجري في البلدان الإقليمية”.
وتساءل أيضا عن دعم بريطانيا للحكومة الملكية البحرينية قائلا: “إن الشعب البحريني بأسره يريد الديمقراطية. إنهم يريدون المساواة في حقوق التصويت. لماذا تساعدون في اضطهادهم؟ إنكم تدعي أنكم من المدافعين عن حقوق الإنسان، ولكنكم تدعمون أولئك الذين ينتهكون حقوق الشعب البحريني”.
و كذلك أشار لاريجاني إلى أن جميع جوانب الاتفاق النووي الإيراني، والمعروفة أيضا بخطة العمل الشاملة المشتركة، لم تنفذ بالكامل من قبل المملكة المتحدة.
ونقل عنه قوله، “بعد التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، على عكس بعض الدول الأوروبية الأخرى التي بذلت قصارى جهدها للمشاركة في التعاون الاقتصادي مع إيران، لم تتخذ المملكة المتحدة التدابير المناسبة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع إيران. ولم تقم حتى بإيجاد حل للعقبات المصرفية للسفارة الايرانية في لندن”.
ونُقل عن جونسون قوله إن المملكة المتحدة سترحب بالسائحين الإيرانيين القادمين إلى لندن، وأقر بأن بعض التدخلات البريطانية قد فشلت، وهو موضوع ورد بالتفصيل فى خطاب ألقاها فى لندن الأسبوع الماضى حول مكافحة الإرهاب.
وذكرت وكالة مهر أن بعض الإجراءات غير المناسبة التى اتخذتها المملكة المتحدة أسفرت عن حل الأنظمة الإقليمية. كما زعمت المواقع الإخبارية الإيرانية أن جونسون استفاد نسبيا من مناقشة الخلافات بين السعودية وإيران والتي انتشرت عبر جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقال جونسون “إن التوترات بين إيران والسعودية ليست مفيدة لأي دولة ولن تؤدي سوى إلى حالة من عدم الاستقرار. والمشاكل بين البلدين تحتاج إلى حل، ونحن نعتزم مساعدة محاولات إيران لتحقيق الاستقرار في المنطقة”.
يذكر أن جونسون تلقى انتقادات مماثلة أيضا من على شمخانى، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيراني.
ونقل عن شمخانى قوله إنه منذ دخول خطة العمل المشتركة حيز التنفيذ، لم تتطور العلاقات الاقتصادية بين المملكة المتحدة وايران يكفي، مؤكدا على أن تطوير العلاقات المصرفية يمكن أن يكون خطوة أولى لتوسيع التعاون فى المجالات الاخرى. وقال إن موقف الولايات المتحدة من الاتفاق النووى “كارثة بكل المقاييس” مضيفا أن إساءة التصرف هذه ستثير الشكوك حول جميع الاتفاقيات الدولية.
وقال المسؤول إن الأطراف الأخرى المشاركة فى خطة العمل المشتركة لم يكونوا سوى مراقبين سلبيين لسلوك واشنطن غير الملائم، مضيفا أن إيران ستتخذ الإجراءات اللازمة على أساس مصالحها الوطنية.
وقد توجه وزير الخارجية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لإجراء مزيدا من المحادثات التى من المحتمل أن تركز على الأزمة فى اليمن.