أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعلاقات “إسرائيل التي لا غنى عنها” مع الولايات المتحدة، وذلك في أول تصريحاته للرأي العام بعد أن أعلنت إدارة ترامب أنها ستنقل السفارة الأميركية إلى القدس، لكنه لم يتطرق إلى مسألة نقل السفارة مباشرة وركز على التهديد الإيراني بدلا من ذلك.
وفي مؤتمر دبلوماسي عقد في القدس، أشاد نتانياهو بالتوسع في علاقات إسرائيل مع العالم ووصفه بـ”تسونامي العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والأمنية والتكنولوجية”. لكنه قال إن العلاقات التي يجري بناؤها مع العالم العربي لا يمكن أن تتحقق بالكامل حتى يتم التوصل إلى اتفاق حول الأراضى الفلسطينية ودعا الدول فى جميع أنحاء العالم إلى بذل المزيد من الجهد لمواجهة النفوذ الايرانى المتزايد.
يذكر أن الرئيس ترامب قام بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فى خطاب ألقاه أمس ووعد بنقل السفارة هناك. وتعتبر إسرائيل القدس بأكملها عاصمة لها، بينما يأمل الفلسطينيون فى أن تكون القدس الشرقية التى ضمتها إسرائيل في عام 1967 عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وفي الوقت الذي رحب فيه العديد من السياسيين الإسرائيليين بموقف ترامب بشكل علني، فيمكن أن يترتب على ذلك زعزعة علاقات إسرائيل المتنامية مع الدول العربية السنية في الوقت الذي يتشاطرون فيه مصلحة واحدة وهي مواجهة التهديد الملموس للتوسع الإيراني في المنطقة، فضلا عن إثارة الاحتجاجات ونسف جهود السلام الوليدة للبيت الابيض. وقد رد المسؤولون الفلسطينيون بحالة من الغضب، وأثارت خطط ترامب تحذيرات قاتمة من دول الشرق الأوسط قائلين إن هذه الخطوة ستضر بالسلام والاستقرار فى المنطقة.
إن هذه الخطوة من شأنها أن تحول عقودا من السياسة الأمريكية، ضد التوافق الدولي على أن وضع المدينة يجب أن يتقرر في إطار اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي حين أعربت الدول العربية عن استيائها العام، فقد تقرر أن مصالحها المشتركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل مهمة جدا من الناحية الاستراتيجية أيضا ويمكن أن تتعرض لتهديد حقيقي بسبب ما يحدث. ورغم كل ذلك، فنقل السفارة لا يعد بالضرورة أولوية بالنسبة لإسرائيل.
ووفقا لما ذكره أحد مساعدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه فى محاولة لكسب تأييد ضد هذه الخطوة، دعا الرئيس قادة العالم، بمن فيهم البابا فرنسيس والرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس الصينى شى جين بينغ.
ولكن يبدو أن ترامب على الوفاء بوعد حملته، بغض النظر عن العواقب الإقليمية. وقد دعت الفصائل الفلسطينية الى “ثلاثة أيام من الغضب” ابتداء من الأربعاء إذا اخذ ترامب هذه الخطوة. وكانت ردود الفعل في الشوارع محدودة في الفترة التي سبقت خطاب ترامب.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى “دعوات واسعة النطاق للمظاهرات” في القدس والضفة الغربية، ودعت المواطنين الأميركيين إلى تجنب مناطق الاحتشاد، كما قاموا بتقييد حركة موظفي الحكومة وعائلاتهم.
وفى العاصمة التركية أنقرة حذر الرئيس رجب طيب أردوغان والعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى من أن هذه الخطوة الامريكية يمكن استغلالها من قبل الإرهابيين. ودعا أردوغان إلى عقد قمة استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامى لمعالجة قضية القدس فى 13 ديسمبر.
وقال أردوغان فى مؤتمر صحفى عقب محادثاته مع عبد الله “إن القدس محمية بموجب قرارات الأمم المتحدة”، مضيفا “لا لأحد يملك الحق في ان يلعب بحياة الملايين من الناس لتحقيق مكاسب شخصية لأن مثل هذه الخطوة ستخدم فقط أهداف منظمات ارهابية “.
وقال عبد الله “لا بديل عن حل الدولتين، والقدس أساسية لأي اتفاق سلام ولاستقرار المنطقة بأسرها. إن تجاهل الحقوق الفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين في القدس لن يؤدي سوى إلى زيادة التطرف وتقويض الحرب ضد الإرهاب”.
وصف اردوغان اليوم الثلاثاء القدس بأنها “خط أحمر” للعالم الاسلامي، كما هدد بقطع العلاقات مع اسرائيل.
وفى رسالة مفتوحة موجهة إلى ترامب حث قادة الكنيسة المسيحية فى القدس أمس الأربعاء على عدم تغيير السياسة الأمريكية بشأن المدينة. وأضافوا “إننا واثقون من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى المزيد من الكراهية والصراع والعنف والمعاناة فى القدس والأراضى المقدسة وتحركنا بعيدا عن هدف الوحدة وتعمق الانقسام المدمر”. وقالوا “إن نصيحتنا الرسمية ونداءنا يتمثل في أن تواصل الولايات المتحدة الاعتراف بالوضعز الدولي الحالي للقدس. إن أي تغييرات مفاجئة ستسبب ضررا يتعذر إصلاحه”.
جدير بالذكر أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي انتقد أمس الأربعاء القرار عبر تويتر قائلا إنه اتخذ “نتيجة اليأس والضعف”.
وأضاف “في ما يتعلق بمسألة الأراضي الفلسطينية، فهم مقيدون ولا يمكنهم تحقيق أهدافهم”. وقال إن “الأراضي الفلسطينية ستكون حرة”.
وقد أصدرت الحكومة المصرية والسعودية والأردنية تصريحات يوم الثلاثاء تحذر من نتائج القرار بعد ان تحدث قادتها مع ترامب.