الروايات هي الباب السحري الذي يمكن من خلاله الولوج إلى ثقافة وتاريخ الأمة، ورغم تركيز الروايات على الجانب الأدبي في المقام الأول، إلا أنها مهما خرجت من محاولة التأريخ، فهي ترصد بشكل أو بآخر صورة المجتمع التي كتبت فيه، خاصة إن تم تصنيف الروايات بأنها اجتماعية أو حتى تاريخية، ونعرض في هذا التقرير مجموعة من الروايات التي قدمت صورة أو أخرى للمجتمع الإيراني.
صيف ذلك العام
برغم أن رواية “صيف هذا العام” لطاهرة علوي، والتي ترجمها أحمد حيدر، ونشرت عن دار المتوسط، لا تدور أحداثها داخل إيران، إلا أنها ترصد جانب آخر للإيرانيين هو الاغتراب من خلال طالبة الطب الإيرانية التي تسافر إلى باريس، وتتخذ من قبر الكاتب الإيراني الكبير “صادق هدايت” الذي مات منتحرًا أنيسًا لها في غربتها، بالإضافة للمسجد الذي تزوره في باريس هو الآخر، وهنا يحضر عنصريين من بلدها المسجد والكاتب الراحل.
كما تصور الكاتبة أيضًا كل الكليشيهات التي يظنها الغرب عن الشخصية الإيرانية، موضحة خطأ الصورة المنقولة للعالم عن الهوية الإيرانية، ومرسخة لطبيعة أكبر تخص الشخصية الإيرانية الحقيقية التي تريد أن تقدمها الكاتبة من خلال روايتها.
أن تقرأ لوليتا في طهران
تنتمي هذه الرواية بشكل أكبر إلى فن السيرة الذاتية، فرواية “أن تقرأ لوليتا في طهران” التي كتبتها “آذار نفيسي” وترجمتها ريم قيس كبة، ونشرت عن دار منشورات الجمل، والتي انتقدت فيها حكم الملالي، الذي لم يكن يقيم وزنًا للإبداع والتميز، كما رأت في عملها، حيث حاولت كشف الزيف الذي يعيش فيه المجتمع آنذاك، إضافة إلى التركيز على طهران بشكل خاص، التي كتبت عنها الأديبة أنها “غيابها يبدو أكثر حقيقية وعمقًا من حضورها”.
عيناها
تعد رواية “عيناها” للكاتب “برزك علوي” من أشهر الروايات الإيرانية، وقد ترجمها أحمد حيدري، ونشرت عن دار المدى، والتي كتبت في زمن ما قبل الثورة الإسلامية، راصده ديكتاتورية شاه إيران السابق “رضا شاه بهلوي” وتحكي قصة حب بين كمال الملك والمرأة ذات العيون الواسعة التي تأسره منذ أن رآها في لوحة حتى صادفها ليتفق معها على سرقة اللوحة، ومعها يعلم سر المرأة، وغير ذلك يهتم الكتاب بتبيان نضال الحركة اليسارية في ذلك الوقت، وتعد ميزة هذا الكتاب هو قدرة الكاتب على رصد بدقة تداخل السياسة مع الحب، كما تنبع أهميتها من تركيزها بقوة على رسم الشخوص والأماكن الإيرانية بدقة.
العقرب على أدراج سلم أنديمشك
تتناول رواية “العقرب على أدراج سلم أنديمشك” للروائي “حسين مرتضيان أبكنار” وترجمها “حسين طرفي عليوي” عن دار “شهريار” قصة الحرب العراقية الإيرانية، من خلال جندي إيراني بشكل خاص، ويكشف من خلالها الكاتب عن الوجه القبيح للحرب، ومآسيها، حيث يستعيد الجندي انكساره ومأساته، من خلال اللحظات الكابوسية غير المنتظمة، يتذكر وقائع الموت، والخوف المستمر منه، وهي كلها مآسي نجح الكاتب في رصدها بعيدًا عن عالم البطولات والنياشين الذي يتصدر شاشات الدولة، ليدخل لعالم حقيقي بشكل أكبر، وأكثر إنسانية.
بنات إيران
رواية بنات إيران هي أيضًا سيرة ذاتية للكاتبة “ناهد رشيلان” تتحدث فيها عن أسرة إيرانية، وأزمة ابنتهم في الإحساس بحريتها، نظرًا لتعنت الأسرة، الذي هو جزء من تعنت المجتمع الذكوري بوجه عام، حيث ترصد الرواية قصة أختين، يقوما في عمر المراهقة بقراءة القصص دون علم والديهما، وتمثيلها لحبهم الأدب، وهو أمر لم تكن ترحب به العائلة، ثم يتم إرغام إحدى الأختين على الزواج من رجل ثري قاس يمنعها من الخروج من المنزل.
وهو ما يجعل بطلة الرواية تطالب استكمال دراستها في أمريكا، هروبًا من مصير مشابه لاختها، وبالفعل تسافر ويشتهر اسمها في مجال الأدب، ولكنها تصطدم فيما بعد بخبر وفاة اختها، لتعود إلى إيران التي صارت في هذا الوقت محكومة بالنظام الإسلامي، وتتعرف على هذا المجتمع الجديد لتواجه ماضيها، ومستقبلها.
كليدار أو العقيد
تعد رواية “كليدار” من أكبر الروايات الإيرانية مقامًا وورقًا، إذ تأتي الرواية في 10 مجلدات كاملة وتتحدث الرواية عن ضابط جيش سابق يعيش مع عائلته المكونة من خمسة أولاد في عهد الشاه الإيراني، ولكل من هؤلاء الأولاد صلة بالسياسة بشكل أو بآخر، ثم يلقى كل ابن له حتفه في مناسبة مختلفة، فتقتل ابنة له على يد السلطة، بينما يقتل ابنه خلال أحداث الثورة الإسلامية، ويقتل الثالث في الحرب الإيرانية العراقية.
وبهذا يمر الكاتب على مراحل هامة قبل وبعد الثورة الإسلامية داخل إيران، موضحًا دور السياسة التي ألقت بظلالها الثقيلة على أبنائها.
المرجومة
يرصد الكاتب الإيراني “فريدون صاحبجام” في روايته “المرجومة” التي ترجمها وليد سليمان التي نشرت ضمن منشورات دار “ميسكلياني” قصة امرأة يتم اتهامها بالزنا كذبًا داخل قريتها الصغيرة، ويضع الكاتب هنا يده على الازمات التي تواجه المجتمع الإيراني ككل من فكرة سيطرة رجال بعض الدين، واستخدام الدين كذريعة أحيانًا لتنفيذ رغبات شخصية، التي نتج عنها موت امرأة في هذه الرواية.
والرواية مأخوذة عن قصة حقيقية بالفعل لامرأة تدعى “ثريّا مانوتشهري” والتي تقصى فيها الكاتب بالفعل عن حكايتها حتى كتبها وصاغها في هذه الرواية، وقد ترجمت هذه الرواية إلى 34 لغة، وتم تحويلها أيضًا إلى فيلم سينمائي حمل اسم “رجم ثريا”.
خالي العزيز نابليون
في رواية “خالي العزيز نابليون” يحكي الروائي “إيرج بزشك زاده” عن الخال الذي يحب نابليون بشكل غريب، وهو ضابط متقاعد لديه وهم انه شارك في الحروب ضد الإمبراطورية البريطانية، وأن الإنجليز يريدون العودة للانتقام منه، ومن خلال هذه القصة، يحاول الكاتب بشكل ساخر أن يلقي الضوء على وقت احتلال إيران من قبل قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، مناقشًا كيف تؤثر المؤامرة على أذهان الكثيرين، وذلك بشكل مضحك وساخر.
إضافة لذلك لا يتغاضى الكاتب عن الجانب الاجتماعي من خلال الطقوس العائلية في إيران، والحياة في ذلك الوقت، وقد ترجم هذه الرواية أحمد حيدري، ونشرت عن دار المدى.
قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب
تدور أحداث رواية “قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب” للكاتب الإيراني “شهريار مندني بور” والتي ترجمها خالد الجبيلي، ونشرت في دار “منشورات الجمل”، حول المجتمع الإيراني بعد الثورة الإسلامية والروابط التي تحدث بين الجنسين بعد هذا المجتمع، ووجود دوريات مكافحة الفساد المجتمعي.