كان للإنترنت دورًا هامًا في إحداث تغيير جذري في العالم بأكمله، إذ صار قناة يمكن من خلالها لأي شخص أن يعبر عن نفسه، أو أن يمتلك كل المعلومات الممكنة التي يريدها، وإقامة الصداقات، والترويج لمنتجانته، وغيرها من مميزات هذه الشبكة العنكبوتية الضخمة التي جعلت العالم بأكلمه كأنه مساحة صغيرة للغاية.
ومع هذه المميزات كانت أيضًا بعض المخاطر التي تسبب بها الإنترنت على أبرزها فكرة التجسس، ومع هذا يأتي دور الدولة مشوشًا، إذ يأتي السؤال الأهم متى يتحين عليها أن تحكم قبضتها، ومتى يجب عليها أن تترك مساحة الحرية التي يطالب بها أي شعب؟
ريادة
تعد إيران من أوائل الدول التي قامت بإدخال الإنترنت في الشرق الأوسط، إذ دخل الانترنت عام 1993 لتصبح الدولة الثانية بعد إسرائيل داخل الشرق الأوسط التي تدخل الإنترنت لديها، لتصبح بعد سنوات أيضًا من أكثر الدول التي يستخدم مواطنوها الإنترنت.
إلا أنه في عام 2005 بدأ ظهور الرقابة من جانب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وذلك بسبب المعلومات التي يمكن أن ينقلها المعارضون لحكمه، وهو الأمر الذي كان سببًا في أن تصدر الحكومة الإيرانية قرارًا بتخفيض السرعة الإنترنت إلى 128 كيلو بايت في الثانية، أي أقل ب50 مرة من سرعة الإنترنت في الدول الأوروبية.
إحصائيات
تشير الإحصائيات حول طبيعة استخدام الإنترنت داخل إيران أن الأداة الرئيسة التي يستخدمها الإيرانيون لتصفح الإنتريت هي هواتف المحمول، يليها خطوط الاشتراك الرقمي التي تصل بالحواسيب، أما أكبر شركات الاتصال في إيران فهي “شركة الاتصالات المتنقلة الإيرانية، إيران سيل، رايت تل” وبحسب تقارير وزارة الاتصال وتكنولوجيا المعلومات بإيران، فإن هناك ما يقرب من 70 مليون مشترك لهذه الشبكات الثلاث.
أما المتصفح الأكثر استخدامًا هو “إنترنت إكسبلورر” والذي رغم قدمه فإنه متوافق مع كثير من المواقع الإيرانية، مما يجعل اسخدامه أسهل.
إنترنت حلال
يعتبر من أهم الخطوات التي تسعى لها إيران حاليًا، هي فكرة الإنترنت الحلال أو ما يسمى بالشبكة الوطنية، التي انطلقت عام 2011 بدعوى من على أغا محمدي، نائب الرئيس للشئون الاقتصادية والنائب بمجلس الشورى، وتم بالفعل من الانتهاء من المرحلة الأولى في هذه الشبكة في أغطسطس العام الماضي.
وأوضحت وكالة “إرنا” الرسمية داخل إيران أن هذه الشبكة تتيح خدمة عالية الجودة، بتكلفة قليلة، غير أن العديد من الأصوات المعارضة قد أكدت أن الهدف هو الرقابة على الجمهور.
ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز المحتوى الإسلامي، كذلك يقيم مرشحات تهدف إلى تنقية الإنترنت من أي محتوى خليع، أو غير موافق عليه من قبل الحكومة الإيرانية، وهو ما يراه عديد من النشطاء الحقوقيون بأنه تكبيل للحريات، إلى جانب خوفهم من المراقبة والتنكيل.
حجب
لم تكن تلك الخطوة الوحيدة التي اتخذتها إيران من أجل حجب المواقع غير المرغوبة، إذ خرج قرار العام الماضي بإلزام المواطنين على استخراج تصريح لاستخدام موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وهو القرار الذي لم يستطع أن يثبت سيطرته نظرًا للعدد الكبير من مستخدمي الإنترنيب داخل إيران.
وفي هذا العام أمر القضاء الإيراني بوقف خدمة الاتصالات الصوتية من شبكة التواصل الاجتماعي “تليغرام” وهي شبكة كبيرة يستخدمها الملايين من الإيرانيين للتواصل، ولم يوجد رد من القضاء إن كان هذا الأمر بهدف سياسي، أم أنه من أجل الحفاظ على مصالح الشركات المحلية.
أما موقعي فيس بوك وتويتر فقد تم إغلاقهم داخل إيران منذ عام 2009 بعد المظاهرات التي نظمت بسبب إعادة انتخاب “محمود أحمدي نجاد” والتي تمت بعدما تم حشد المتظاهرين من خلال هذين الموقعين.
وفي عام 2014 أعلن وزير الاتصال الإيراني محمود فائزي أنه قد تم تطوير نظام جديد يتيح التعرف على هوية مستخدمي الإنترنت، مشيرًا إلى أن هذا النظام سيقوم بتصفية بعض المواقع أيضًا، غير أنه لم يشر إلى ماهية هذا النظام.
ومن جانهبا أدرجت منظمة “مراسلون بلا حدود” إيران من ضمن دول الاعتداء على الانترنت، ويشاركها في اللائحة عدة دول مثل الصين وسوريا وكوريا الشمالية وكوبا.
سجن
وخلال الأعوام الماضية لم تكتف السلطات الإيرانية بحجب المواقع أو مراقبتها، ولكن تم أيضًا سجن بعض من النشطاء بسبب تهم مختلفة، حيث تم القبض على 12 شخصًا العام الماضي بعد اتهامهم بنشر صور غير لائقة على حسابهم في موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”، وتصل الأحكام بالسجن إلى عدد كبير من السنوات، إلى جانب القبض على صحفيين ومديري شبكات التواصل الاجتماعي بعد اتهامات بالعمل ضد الأمن القومي من خلال الإنترنت.
كما تم اعتقال في العام نفسه 8 مشاهير إيرانيين، بسبب أيضًا نشر بعض الصور على الإنترنت، والتي اعتبرتها السلطات منافية للدين والحياء.
كما ظهرت بعض الفتاوي التي تحرم الإنترنت من الأساس، والتي كان أبرزها الفتوى التي أطلقها “المرجع الشيرازي” والتي رأى فيها أن هذه التقنيات الحديثة تخرق القواعد الإنسانية والأخلاقية.
وعلى الرغم من المنع، يستثني ذلك المسؤولين في الدولة، إذ يملك وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حساباً على تويتر، أما الرئيس حسن روحاني والمرشدالأعلى للجمهورية آية الله الخميني يملك حسابًا على إنستغرام.
تحدٍ
بحسب عدد من المواقع الإيرانية فإن 69% من الشباب داخل إيران لا يلتفت للمنع، ويستخدم مواقع لفك الحجب على شبكات التواصل أو بعض المواقع، أبرزها موقع “بروكسي”.
أما الموقع الأكثر استخدامًا داخل إيران فهو “تليجرام” والذي يستخدمه داخل إيران أكثر من 2 مليون مستخدم.