25 عامًا مضت، وبشكل أدق منذ عام 1993 ولم يستطع أي نادٍ إيراني أن يقتنص جائزة الثلاثة ملايين دولار مكافأة الحصول على دوري أبطال آسيا المسابقة الثانية من حيث الأهمية في القارة الأكبر جغرافيا على مستوى العالم بعد كأس الأمم الأسيوية للمنتخبات.
فهل نحن هنا أمام عُقدة رياضية؟ ولماذا تستعصي هذة البطولة على الأندية الإيرانية رغم تقدم الكرة بها وامتلاكها للاعبين جيدين ودوري تنافسي قوي ينتج عنه منتخب مرعب لجميع منافسيه في القارة؟
أرقام
الإجابة سنستفيض فيها سويًا، ولكن قبل ذلك علينا أن نتعرف على هذة الأرقام..
إيران تحتل المركز الرابع في قائمة الدول الأكثر تحقيقا لهذة البطولة، حيث حققت أنديتها 3 ألقاب فقط منذ انطلاقها عام 1967، ويسبقها في الترتيب السعودية بأربعة ألقاب وقبلهما اليابان بخمسة القاب، أما متصدرة هذة القائمة فهي كوريا الجنوبية برصيد 10 ألقاب.
من جملة 18 نادٍ إيراني يُشارك في الدوري المحلي الأول في إيران، لم يستطع سوى ناديان فقط من تحقيق الثلاث ألقاب التي تملكها إيران، الأول نادي استقلال طهران أكثر الاندية تحقيقا للبطولة مرتين الأولى عام 1970 والثانية عام 1990، كما لم يحالفه الحظ في مرتين حينما نجح في الوصول إلى نهائي البطولة لكنه لم يحقق اللقب وحدث ذلك في موسم 1991 ثم تكرر نفس المصير في نسخة عام 1999.
أما النادي الثاني فهو باس طهران صاحب آخر لقب إيراني لدوري أبطال آسيا بالتحديد عام 1993.
محاولتان
ومن وقتها غاب اللقب عن الأندية الإيرانية رغم المحاولة الجادة من نادي سباهان عام 2007 بعدما نجح في الوصول إلى نهائي البطولة لكنه لم يحرز اللقب وتخلى عنه لناجي أوراوا الياباني بعدما تعادل معه إيجابيا بنتيجة 1/1 في ذهاب النهائي بإيران وخسر بنتيجة 2/0 في لقاء الإياب باليابان.
المحاولة الثانية جاءت على يد لاعبي نادي ذوب أهان عام 2010، والذي صنف وقتها بأنه الحصان الأسود للبطولة بعدما تصدر مجموعته في المراحل الأولى، ونجح في إقصاء حامل لقب عام 2009 نادي يوهانغ الكوري في الدور ربع النهائي ثم أقصى نادي الهلال السعودي في الدور نصف النهائي بعدما نجح في الفوز عليه بنتيجة 1/0 ذهابا وإيابا، لكنه في النهاية لم يستطع أن يكمل النهاية السعيدة وخسر اللقب أمام سيونغنام الكوري الجنوبي.
مصدر أم مستورد
وبعيدًا عن تلك الأرقام وبالتدقيق في السببية التي أدت بنا إلى هذة النتائج سنجد أمامنا سبب رئيسي، يتمثل في اعتماد إيران التصدير وليس الاستيراد، ففي عالم كرة القدم هناك إشكالية كبيرة في تلك الصناعة وهي الاختيار بين أن تكون دولة مصدرة للاعبين أو دولة مستوردة للاعبين.
فإذا ارتضيت بالاختيار الأول نتج عن ذلك منتخب قوي وكبير قادر على المنافسة في جميع البطولات ولكن في المقابل الأندية لا تتمتع بهذة القوة لاعتمادها بشكل كبير على لاعبيها المحليين فقط دون الاستفادة من المواهب الكروية في الدول الأخرى، أما الاختيار الثاني فينتج عنه العكس بشكل كبير أندية قوية للغاية ومنتخب ضعيف.. انظر لحال إنجلترا كرويًا كمثال.
أما من ينجح في خلق توازن بين الاختيارين ويصدر لاعبين بقدر ما يتسورده؛ ينجح في الجمع بين مزايا الاختيارين وتجنب عيوبهما وإسبانيا اكبر مثال على ذلك.
إيران تعتمد بشكل كبير على الاختيار الأول المتمثل في الاعتماد فقط على اللاعبين المحليين وبالتالي فإن أنديتها لن تكون في يوم بالقوة التي تجاري قوة الأندية المنافسة لها على الألقاب القارية والتي لا تتوانى أو تدخر أي مجهود في جلب أهم اللاعبين إلى صفوفهم لتحقيق هذا اللقب.. انظر لما تفعله أندية الخليج العربي الآن وأندية الصين التي تسعى بكل الجهود لتحقيق هذا اللقب الأسيوي والذي يتوقع أن ينجحوا في ذلك في النسخ المقبلة ولأكثر من مرة.
إشكالية أخرى
أحد الأسباب التي أدت إلى تلك النتيجة أيضا هي عقود اللاعبين الإيرانين التي تصنف على أنها قصيرة المدى للغاية، فأغلبية اللاعبين لا تتجاوز مدة عقودهم مع أنديتهم العامين، وفي كثير من الأحيان عام واحد فقط، وهو ما يخلق حالة من عدم الاستقرار داخل الفرق، فحتى إن نجح أي نادٍ في تكوين فريق جيد وقوي لا يستطيع أن يحافظ على نفس عناصره لمدة عاميين متتالين.
العقدة والعامل النفسي
بالتأكيد غياب لقب كروي عن بلد تمتلك أجيالًا من اللاعبين الموهوبين لمدة قاربت الربع قرن يخلق عقدة رياضية تؤثر بشكل لا أحد يستطيع أن ينكره، فمفهوم العقدة الرياضية موجود في عالم كرة القدم وهناك فرق تفوز على فرق أخرى فقط لهذا السبب من منظور البعض.
لكن في المقابل ابتعاد هذا اللقب من المفترض أن يخلق دافع نفسي إيجابي أمام جميع الأندية الإيرانية ويوجد لهم حافز كبي لتحقيقه؛ لأن وقتها فرحة تحقيقه تزداد فوق مقدراها الطبيعي مئات المرات.