تتأثر السياحة الإيرانية في مصر بما يطل به المشهد السياسي بين البلدين، فإذا كانت العلاقات جيدة زادت الوفود وإذا توترت مُنعت الوفود تماما.. هذا ما يحكيه لنا تاريخ رغبة الإيرانين في زيارة مصر ومشاهدة إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة أهرامات الفراعنة.
قبل 2011 انحسرت العلاقة بين مصر وإيران بين الفتور والتوتر، على خلفية القطيعة التي حدثت بين البلدين أعقاب الثورة الإسلامية في إيران اوائل عام 1979 وقيام الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات باستضافة شاه إيران وقتها محمد رضا بهلوي.
ومن ثم زادت الأمور توترا حينما أكدت مصر على دعمها لشقيقتها العربية العراق في حربها مع إيران، ثم وجهت لها اتهامات برعاية الإرهاب بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط ودعم الجماعات الإسلامية المسلحة في مصر بشكل خاص خلال تسعينات القرن الماضي إبان حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
ثورة يناير 2011
كل ماسبق كان السبب الرئيسي وراء حالة القطيعة التي أصابت عمليات تبادل الوفود السياحية بين مصر وإيران، رغم العلاقة القوية التي جمعت البلدين على امتداد التاريخ لدرجة وصلت إلى المصاهرة بين الأسر الحاكمة، حينما تزوج شاه إيران محمد رضا بهلوي الأميرة فوزية ابنة ملك مصر فؤاد الأول وشقيقة الملك فاروق الذي حكم مصر هو الآخر.
لكن مع توتر الأمور، استمرت القطيعة لما يُقارب الثلاثة عقود ونصف، ومن وقتها لم يدخل فوج إيراني واحد إلى مصر، حتى صباح الخامس والعشرون من يناير عام 2011 وقيام الثورة المصرية وما آلت إليه من أحداث حتى وصل الرئيس الاسبق محمد مرسي إلى مقعد الرئاسة المصرية.
وفتها بدأت الأمور تتبدل وتذهب إلى التحسن، خاصةً بعد تبادل الرئيسان الإيراني والمصري الزيارت التي وصفت آنذاك بالتاريخية؛ حيث زار الثاني العاصمة الإيرانية طهران بغرض المشاركة في قمة عدم الأنحياز، والتقي وقتها بالرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي رد الزيارة وقدم إلى العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في مؤتمر القمة الاسلامية الثاني عشر.
تلك الزيارت التبادلية كان لها مفعول السحر، في عودة السياحة الإيرانية إلى مصر، حيث خرج بعدها وزير السياحة المصري آنذاك في تصريحات صحفية يؤكد على اتفاق طهران والقاهرة على تنظيم رحلات سياحية من إيران إلى مصر للمرة الأولى منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
غير أن الوزير المصري آنذاك، أشار إلى الاجراءت الأمنية المشددة التي ستتخذها الجهات الأمنية المصرية؛ ملمحًا إلى أن المخابرات العامة ستتولى مراجعة طلبات الإيرانيين الراغبين في السياحة بمصر للتأكد من أن هدفهم الأساسي هو السياحة فقط، وذلك بهدف التقليل من مخاوف البعض التي أثيرت نتيجة عودة السياحة الإيرانية بغرض زيادة فرضية أن تكون هذة الوفود ستارا لنشر المذهب الشيعي في مصر.
ساتر للتشيع وضرب استقرار القاهرة
ورغم محاولات الوزير المصري السابق إلا أن الأمور لم تسر على خير ما يرام مجددا، بالأخص بعد ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس المصري محمد مرسي وتولي الرئيس عبدالفتاح السياسي الحكم، فبدأت فرضية الغرض السياسي والديني من السياحة الإيرانية تطفوا مجددًا على السطح وهو ما واجهته الحكومة المصرية بمبدأ “إذا قدم إليك الشر من أحد الشبابيك فأغلقه واستريح”.
وليس هذا فقط بل ازدات الأمور سوءا بعدما توترت العلاقات من جديد مع اتهامات غير معلنة من القاهرة إلى إيران بأنها تحاول زعزعة استقرارها، ومحاولة التجسس على شئونها من خلال الوفود السياحية التي سمح لها بالتواجد الرئيس الأسبق محمد مرسي.
انفراجة
وبعيدا عن حالة اللاسياحة واللاقطيعة تلك، يبدو أننا سنشهد انفراجة عن قريب، وستعود السياحة الإيرانية إلى مصر من جديد وفقًا لما نشرته جريدة “اليوم السابع” المصرية قبل ما يقارب العام، حينما أكدت أن الحكومة المصرية أصبح ليها نية قوية لعودة السياحة الإيرانية إلى المقصد السياحي المصري لما تمثله من أهمية على الدخل المصري حيث إن انفاق السائح الإيراني يمثل 3 أضعاف انفاق السائح الأوروبي.. فهل ستسير الامور في نصابها أم ستعيد التوترات السياسية بين البلدين الأمور إلى نقطة الصفر من جديد، هذا ما ستجيب عليه الأيام.