تولى الرئيس الإيراني حسن روحاني منصبه منذ أكثر من أربع سنوات، إلا أنه لم يتمكن من إنجاز أي من تعهدات الإصلاح المحلي الرئيسية التي تم انتخابه من أجلها في عام 2013 وكذلك على أساسها أعيد انتخابه في وقت سابق من هذا العام. إن هذه التعهدات جعلته يفوز بدعم حاسم من الإيرانيين المدنيين والعلمانيين والطبقة الوسطى، كما تلقى استحسانا من قبل الغرب.
ومع ذلك، فالإيرانيون ليسوا أحرارا بشكل أكثر مما كانوا عليه قبل أربع سنوات، ولا تزال الجمهورية الإسلامية هي نفس الدولة الأمنية التي كانت آنذاك.
ومن ثم، كان انتصار روحاني في الاقتراع كافيا لإعطاء النظام تصورا باسما ومعقولا، كما أدى إلى تقليل حدة السخط المتزايد، ولكن هذا ليس كافيا لإحداث أية تغييرات ذات مغزى.
وكان للرئيس نظرية جديدة لتفسير هذا التباين بين القول والفعل. وتتمثل تلك النظرية في أنه تحت تأثير ضغط من بعض حلفائه، كان هناك ادعاءات بأن روحاني يحاول أن ينأى بنفسه عن الإصلاحيين داخل النظام وذلك في الوقت الذي يسعى فيه لاسترضاء فصيله المتشدد، أو “المتعصب”.
وزعم روحاني وفقا لهذا الرأي أنه “تحول نحو الاتجاه الصحيح”، ويأتي ذلك على الرغم من الميول الإصلاحية للرئيس. ولكن ذلك كان بهدف خلق محورا جديدا وكذلك معتدلا في السياسة الإيرانية.
قدم الصحافي الإيراني سعيد جعفر، يوم الاثنين نسخة واحدة من هذه الفكرة في صحيفة “المونيتور”. وقال جعفري إن الإصلاحيين غير راضين عن وعود حملة روحاني “التي لم توفي بعهودها، مثل تعهدها بإعطاء المرأة دور أكثر بروزا في المشهد السياسي الإيراني” و”التخلص من المناخ الأمني الذي يسود الجامعات الإيرانية وخلق بيئة أكثر انفتاحا”.
ونقل جعفري عن وزير سابق في حكومة خاتمي في عام (1997-2005) قوله، إن “روحاني أكثر ذكاء من أن يتحول نحو الاتجاه الصحيح، وذلك لأنه يعلم أنه إذا فعل ذلك، فإنه لن يحظى بشيء. وبدلا من ذلك سيفقد الدعم الشعبي الضخم الذي وراءه، ويجب على روحاني أن يكون حذرا من ذلك”. ولكن الأصوات الأخرى، التي يقودها رئيس هيئة الأركان روحاني محمود فايزي، قد سادت في النقاش الداخلي وأقنعت الرئيس بتجنب الإصلاح.
ويرى البعض أن هذه محاولة جيدة؛ فنظرية روحاني المترددة والمتشعبة، يدحضها سجل الرجل الطويل في الجمهورية الإسلامية. ومهما كان قدر المحاولات، فالمدافعين عن روحاني لا يمكنهم إخفاء حقيقة أنه عمل في منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في الفترة من 1989 إلى عام 2005، وهي السنوات التي شنت فيها إيران حملة اغتيالات و “سلسلة جرائم قتل” كانت تستهدف المنشقين في الداخل والخارج.
كما لا يمكن إنكار التراجع في الدور القيادي لروحاني في الحملة الانتخابية ضد الانتفاضة الطلابية في عام 1999، وذلك عندما استدعى قوات أمن النظام لـ “القمع وبلا هوادة لأي تحرك لهذه العناصر أينما كانت”. وأخيرا، يمكن أن يتجاهل المدافعين رفض روحاني منذ سنوات طويلة التحدث بوضوح عن قادة الحركة الخضراء المعتقلين.
وكما قال پيام فضلی نژاد، وهو عالم أيديولوجي بارز تناغمت أفكاره مع فصيل النظام، كما أنه باحث في صحيفة كيهان (التي كان رئيس تحريرها هو ممثل المرشد الأعلى لوسائل الإعلام الإيرانية)، إن “السيد روحاني شخصية متحفظة، بل هو أحد مؤسسي المرجعية المحافظة في إيران. ولذلك فهو أقرب بكثير إلى تيار اليمين والأصولين في إيران “مما هو عليه بالنسبة للإصلاحيين. وأضاف فضلی نژاد، إن “روحاني يعد جزءا من الأسباب التي تجعل الأصولية تتمتع بهذه الهيمنة في إيران”.
وفي النهاية يأتي التساؤل حول ما الذي يعنيه كل هذا بالنسبة للغرب؟ إن هذا يعني أنه يتوجب على الولايات المتحدة وحلفائها التوصل في النهاية إلى أن يتعايشوا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما هي، وليس كما يرغبون في أن تكون. ومنذ ما يقرب من أربعة عقود من تأسيسها، أصبح النظام أكثر تماسكا واتساقا من الناحية الفكرية عن ظهور مشاحنات بين النخب الطائفية. كما إنه ليس هناك أصدقاء ليبراليون ومؤيدون للغرب في الداخل. ويعد أمرا سيئا للغاية أنه في واشنطن وأكثر من ذلك في بروكسل، هناك ينابيع أبدية من الأمل الإصلاحي.