اسم الشاعر الإيراني الكبير “سهراب سبهري” ليس غريبًا تمامًا على القارئ العربي، إذ تُرجمت العديد من قصائده في أنطولوجيات شعرية ومواقع ودوريات ثقافية عربية.
هو واحد من أشهر الشعراء والرسامين الإيرانين في العصر الحديث. ولد بمدينة “قم” يوم 7 أكتوبر عام 1928 م. توفي والده في صغره وربته أمه في بيت جده.
قضى المرحلة الابتدائية في مدرسة خيام كاشان والمرحلة الثانوية في مدرسة بهلوي كاشان، ثم التحق بدار المعلمين عام 1945 م. عمل في دائرة الثقافة في مدينة كاشان ثم ذهب إلى طهران ليبدأ دراسته في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران.
نشر أولى مجموعاته الشعرية (موت اللون) في سن الثالثة والعشرين من عمره، وتنبأ له حينها الشاعر الإيراني “مشفق كاشاني” بأنه سيهدي الأدب الفارسي أعمالًا قيمة. أنهى دراسته في كلية الفنون الجميلة عام 1953 م وانطلق في مشواره التشكيلي جنبًا إلى جنب مع اسهامه الشعري والأدبي.
في نفس العام شارك في عدد من المعارض الفنية في طهران وأصدر مجموعته الشعرية الثانية (حياة النائمين)، ثم سافر إلى عدد من دول الشرق مثل الهند وباكستان والصين واليابان. اهتم بالشعر القديم لسائر هذه البلدان فقام بترجمة العديد من الأشعار القديمة عن الصينية واليابانية، كما قضى فترة في اليابان تعلم خلالها فن النقش على الخشب.
سافر أيضًا إلى أوروبا متنقلًا بين انجلترا وفرنسا، قبل أن يعود إلى ايران ليستقر به المقام في مدينة “كاشان” وضواحيها للعشر سنين الأخيرة من حياته. وتوفي سهراب بمرض السرطان في عام 1980 م.
تميزت قصائد سهراب ببساطة تركيبها وانشغالها بموضوعات الموت والوحدة، مع نزعة صوفية وحضور كثيف لمفردات الطبيعة، كما تأثرت أشعاره بعالم الصورة والفن التشكيلي. وابتعد سهراب عن التعرض لمشكلات الواقع وانشغل أكثر بالموضوعات الانسانية المجردة في كتابته.
ونقدم له اليوم عددًا من القصائد ترجمها لنا خصيصًا المترجم محمود أحمد، مزينةً ببعض من لوحاته التشكيلية.
المختارات
ترجمة: محمود أحمد
1
قصيدة: “صداي پاي آب”
من ديوان: “صداي پاي آب”
يجب أن نغلق المظلات
ونسير تحت المطر
يجب أن نحمل الأفكار والذكريات
تحت المطر
يجب أن نسير مع أهل المدينة كلهم
تحت المطر
يجب أن نصحب أصدقاءنا
تحت المطر
يجب أن نبحث عن الحب
تحت المطر
يجب أن نضاجع النساء
تحت المطر
يجب أن نلعب
تحت المطر
يجب أن نكتب شيئاً
أن نتكلم
أن نزرع أزهار اللوتس
تحت المطر
2
قصيدة: روشن شب
من ديوان: مرگ رنگ
النار مضيئة في الليل
ووراء دخانها
رسم للأطلال البعيدة
وإن يتناهى إلى الأسماع
صوت جاف:
فهو عظام ميت تتقلب
في القبر
3
قصيدة: آب
من ديوان: حجم سبز
لا نعكر الماء
فربما يجري هذا الماء
عند شجرة حور
ليغسل هم القلب
وربما تغمس يد أحد الدروايش
خبزاً يابساً
في الماء
وجاءت امرأة حسناء
على حافة النهر
لا نعكر الماء
فقد تضاعف الوجه الحسن
ما ألذ هذا الماء
وما أعذب هذا النهر
4
قصيدة: نداي آغاز
من ديوان: حجم سبز
ذات ليلة من الليالي
سألني رجل ما:
الطريق كم ساعة
حتى طلوع العنب؟
عليَّ أن أذهب الليلة
عليَّ أن أحمل الحقيبة
التي تسع قميص وحدتي
وأسير حيث تظهر
أشجار الحماس
متوجهاً صوب المدى غير الموصوف
الذي يناديني دائماً
فناداني أحدهم مرة أخرى: يا سهراب
أين حذاؤك؟
5
قصيدة: غمي غمناك
من ديوان: مرگ رنگ
ما من لون يقول لي:
صبر قليل، إن الفجر قريب:
كل لحظة أُطلق هذه الصيحة
من قلبي:
ويلي، كم هو حالك هذا الليل!
أين ضحكة لأثير بها قلبي؟
أين قطرة لأسكبها في البحر؟
أين صخرة لأتعلق بها؟
6
قصيدة: رو به غروب
من ديوان: مرگ رنگ
الأغصان ذابلة
والأحجار متعبة
ويأن النهر
وتنعق البومة
وتعلَّق الحزن بلون الغروب
وتقطر من شفتي
قصة باردة:
إن قلبي متعب
في هذا الغروب الضيق
7
قصيدة: دنگ
من ديوان: مرگ رنگ
دنج دنج
ساعة الزمان الحائرة
تدق جرسها على التوالي
في ليلة العمر
وسم هذه الفكرة التي تمر
هذه اللحظة
ينتقش على جدار شريان وجودي
امتلأت لحظتي باللذة
أو ضربها صدأ الهم
لكن يجب أن تمر
كهذه اللحظة
فلو بكيت
فبكائي بلا جدوى
ولو ضحكت
فضحكي سدى