لم تَغِب السينما الإيرانية عن المهرجانات الدولية بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 م، على الرغم من المضايقات والمشاحنات التي يتعرض لها صناع الفيلم والسينما في إيران من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في إيران. فها هي السينما الإيرانية لها حضور قوى في كافة المهرجانات الدولية ولا يقتصر دورها على المشاركة المتميزة فقط، وإنما تفوز السينما الإيرانية بالكثير من الجوائز وتحصُد المراكز الأولى في كافة المهرجانات الدولية بدايةً من مهرجان أوسكار مرورًا ببرلين وصولًا إلى مهرجان كان الفرنسي أحد أهم المهرجانات السينمائية الدولية بعد مهرجان أوسكار.
السينما الإيرانية في عصر الثورة .. تحدى الصعاب وحصد الجوائز
على الرغم من الإمكانيات الضخمة التي أولاها نظام الشاه الإيراني للسينما الإيرانية وحضورها القوى المُمَيز في المحافل الدولية والمشاركة في المهرجانات العالمية، إلا إن هذه المشاركة لم تتكلل بالفوز بجائزة الأوسكار – أهم جائزة سينمائية عالمية – بل فازت السينما الإيرانية بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية و أفضل فيلم أجنبي في منافسات الأوسكار في ظل نظام الحكومة الإسلامية في إيران أي بعد 1979 م. فنجد فيلم ” انفصال ” للسيناريست والمخرج الإيراني الشهير أصغر فرهادى الذي تم اختياره ضمن أفضل 100 شخصية مؤثرة في العام 2012 م من قِبَل جريدة التايم الأمريكية، حصل فيلمه ” انفصال ” على جائزة أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية فى منافسات أوسكار 2011 م ليكن أول فيلم إيراني يحصُد جائزة الأوسكار. وتُعَد أفلام الكاتب والمخرج الإيراني الشاب فرهادى المعروف باستقلال آراءه السياسية من الأفلام الإيرانية الشهيرة على الساحة العالمية حيث نجد له أفلام “الرقص على الغبار” (2003)، “المدينة الجميلة” (2004)، “الأربعاء الأخير” (2006)، “عن إيلي” (2009)، “الماضي” (2013) وجميع هذه الأفلام حَصَدَت جوائز عالمية وكان أخر أفلامه فيلم ” البائع ” الذي حصل على جائزة أفضل فيلم أجنبي في منافسات الأوسكار وامتنع فرهادى عن السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل استلام الجائزة وذلك بسبب تصريحات دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية العنيفة ضد إيران وتقييد سفر الإيرانيين ورعايا خمس دول أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبناءًا عليه صار فرهادى بالإضافة إلى شهرته العالمية صار بطلًا قوميًا إيرانيًا.
على الرغم من الظروف العصيبة التي تمر بها إيران عامةً وصناعة السينما والدراما الإيرانية بشكلٍ خاص، إلا إن هذه العوائق والعراقيل لم تؤثر في صُناع السينما الإيرانية، حيث يشتَهِر الإيرانيين بصناعة الدراما والسينما التي تحقق أرباحًا كثيرة على الرغم من السيطرة الحكومية والمركزية في إدارة الأمور السينمائية والتلفزيونية والدرامية في البلاد ووضع قيود وشروط صعبة لصُناع الدراما والسينما الإيرانية ومنها ارتداء النساء للحجاب في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الإيرانية إلا إن هذه الأمور قد أدت إلى ازدهار الفن السينمائي وفن الدراما في البلاد وخلق جيل متميز من الفنانين والكُتاب والمخرجين المشهورين على الساحة العالمية في وقت قصير.
” نفس ” للمُخرجة نرجس آبيار يشارك باسم إيران في منافسات أوسكار 2018 م
أصدرت هيئة الرقابة السينمائية في إيران قرارًا بمشاركة فيلم ” نفس ” للمخرجة الإيرانية نرجس آبيار في منافسات الأوسكار هذا العام.
صرح أمير أسفنديارى، المتحدث الرسمي باسم لجنة تقييم الأعمال الإيرانية المشاركة في مهرجان أوسكار إنه تم اختيار فيلم ” نفس ” للمخرجة الإيرانية نرجس آبيار من أجل المشاركة في فعاليات مهرجان أوسكار للعام 2018 م في الولايات المتحدة الأمريكية. وصرح أسفنديارى إن الاختيار جاء بعد تصويت معظم أعضاء لجنة التحكيم لفيلم ” نفس ” بعد منافسة مع ثلاثة أفلام أخرى هي: ” نقطة ضعف ” للمخرج حميد نعمت الله و فيلم ” مالاريا ” للمخرج پرويز شاهبازى و فيلم ” الڤلل ” للمخرج منير قيدى.
تدور أحداث فيلم ” نفس ” في إطار من النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي حيث تدور أحداثه حول فتاة إيرانية تبلغ من العمر تسعة أعوام تسمى بهار – أي الربيع – في حقبة السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي حيث تُعاصِر الفتاة أواخر العهد الملكي الإيراني وتشهَد وقوع الثورة الإسلامية في إيران والحرب الإيرانية العراقية ويذهب والدها إلى الحرب هناك وتدور أحداث الفيلم حولها هي وجدتها ووالدها وأختها واثنين من إخوتها الصبية. بهار بطلة الفيلم هي شخصية تتمتع بالذكاء الشديد وحب القراءة والإطلاع والخيال حيث تدور الأحداث حول رحلتها هي وعائلتها حول العاصمة طهران.
من أهم الممثلين في فيلم ” نفس ” مهران احمدی، پانتهآ پناهیها، گلاره عباسی، سیامک صفری، شبنم مقدمی، ساقی زینتی، محمد رضا شیرخانلو، سیده ساره نورموسوی، علی خانبابایی و جمشید هاشمپور.
حاز فيلم ” نفس ” على جائزة أفضل فيلم إيراني في مهرجان فجر القومي الإيراني في دورته الرابعة والثلاثين وحاز أيضًا في نفس المهرجان على جائزة أفضل ممثلة.
أما مخرجة الفيلم نرجس آبيار فهي في الأساس مخرجة وكاتبة روائية لها أكثر من 30 رواية في الأسواق الإيرانية وفيلم ” نفس ” مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم لنرجس وهى من أكثر الروايات المُباعَة في الأسواق الإيرانية، وفيلم ” نفس ” هو الفيلم الثاني للمخرجة بعد فيلم ” أخدود 143 “.
وجدير بالذكر إن لجنة التحكيم الخاصة بالأفلام الإيرانية المشاركة في مهرجان أوسكار في الولايات المتحدة الأمريكية قد تكونت هذا العام من كل من: سیروس الوند (مخرج)، مجید انتظامی (موسيقار)، محمد بزرگنیا (مخرج)، کمال تبریزی (مخرج)، جمال ساداتیان (مُعِد)، رسول صدر عاملی (مخرج)، جواد طوسی (ناقد)، رضا کیانیان (ممثل) و أمير أسفندیاری (نائب رئيس مؤسسة الفارابي الدولية للسينما).