انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عدة أيام صورًا لأعمال جرافيتى تملأ المبنى التاريخي للمجلس القديم أو مبنى بهارستان أو قصر بهارستان أو دار الشورى القومية الإيرانية، ذلك المبنى التاريخي الذي يعود إلى ما يقرب من سبعمائة عام حيث تم تشييده في طهران.
ويُعَد هذا القصر أحد أهم المراكز السياسية والاجتماعية التي شهدت فصلًا تاريخيًا من أهم الفصول التاريخية في تاريخ إيران الحديث حيث كان مقرًا للأحرار الدستوريين الذين طالبوا بإقرار الحياة الدستورية في إيران في مطلع القرن العشرين.
وليس معروفًا حتى الآن من قام برسم هذه الصور الجرافيتية على جدران القصر حيث ليس هناك معلومات لدى مؤسسة التراث الثقافي والمعماري الإيرانية ومقرها طهران العاصمة عن هذه الأعمال التصويرية التي تُصَوِر مطالبات شعبية بالعدالة والتنمية ومنع تكرار حدوث الهجمات الإرهابية في طهران على غرار ما قام به تنظيم داعش في إيران منذ عدة أشهر.
عمليات التشويه الحكومية للمباني الأثرية
عمليات التخطيط والتوسعة التي تشوه محيط قصر بهارستان ليست وليدة الصدفة، وإنما هي عبارة عن مشروع منذ فترة طويلة من أجل تغيير المعالم المحيطة بالقصر من أجل إنشاء مكتبة عامة ومبنى من أجل نواب مجلس الشورى الإيراني من أجل إقامتهم.
وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من جانب نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني من أجل إيقاف هذا المشروع لخطورته على الصورة العامة لقصر بهارستان في العاصمة الإيرانية طهران إلا أن الحكومة الإيرانية لا تزال ماضية في هذا المشروع.
بدأت مشروعات إقامة مكتبة عامة و استراحة لإقامة نواب مجلس الشورى الإيراني في محيط مبنى بهارستان ومسجد سپهسالار ” القائد ” وانتهى جزء كبير من هذه المشروعات حتى الآن. وذلك على الرغم من إعداد إدارة التخطيط في محافظة طهران مشروعًا كبيرًا لترميم القصر والمسجد بإعتبارهما أحد أهم الرموز التراثية والثقافية الإيرانية التي لها دور بارز في رسم الخريطة السياسية والاجتماعية لإيران الحديثة مما يؤصل للهوية التراثية والثقافية الإيرانية في ذلك العصر.
كانت عمليات الترميم من جانب إدارة التخطيط الإيرانية في محافظة طهران واعتمدت على تغطية أرض محيط المسجد والقصر بالأحجار الصخرية بالإضافة إلى إعادة افتتاح المحلات في محيط القصر والمسجد و إعادة الحياة مرةً أخرى إلى القصر والمسجد.
وعلى الرغم من أعمال الترميم الحكومية هذه، إلا أن نشطاء المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال التراث والهوية الإيرانية أكدت على إن أعمال الترميم التي تقوم بها الحكومة الإيرانية هذه ما هي إلا عبارة عن قبلة الموت التي توجهها إلى أحد أهم المعالم الأثرية التراثية التي تحكى عن فصل مهم من فصول الحرية الإيرانية والدستورية الشعبية في مطلع القرن العشرين.
وعلى هذا النحو ترى المنظمات المدنية العاملة في مجال التراث الإنساني المادي والثقافي والتراثي في إيران إن أعمال الجرافيتى التي وُجِدَت على جدران المعالم المحيطة بالمسجد والقصر تحث وتطالب الحكومة الإيرانية بوقف هذه المهزلة المعمارية والحفاظ على التاريخ الإيراني بعيدًا عن العبث، بل يتعدى الأمر أكثر من ذلك حيث تصور أعمال الجرافيتى على جدران المباني المواجهة للمسجد والقصر مطالبات النخبة الإيرانية من النظام الإيراني بإقرار مزيد من الحرية والديمقراطية في البلاد.
أصوات الشباب عبر الجرافيتي
تبعًا لذلك، حدثت ضجة كبيرة جدًا على مواقع التواصل الاجتماعي حيث عبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الإيرانيين عن غضبهم من النظام والحكومة الإيرانية التي تقوم بتشويه الماضي والحاضر والمستقبل ليس فقط من خلال مشروعات تشويه الميادين والمباني التاريخية التراثية والثقافية في إيران بل أيضًا عن طريق تشويه الأفكار والمبادئ الديمقراطية الإيرانية.
وعلى الجانب الآخر، عبر عضو لجنة التراث الثقافي في مجلس الشورى الإيراني عن محافظة طهران حسن خليل آبادي، عن استيائه من انتشار الجرافيتى على المباني المواجهة لقصر بهارستان وقال: “يريدون وقف تشويه المباني التراثية للمجلس الإيراني وهو من أهم المواقع التراثية في إيران ويشوهون المباني المقابلة له ” .
وأضاف آبادي، أنه لابد وأن تقوم محافظة طهران بمنع انتشار ظاهرة الجرافيتى فى الشوارع الإيرانية.
وذكر رئيس لجنة الشئون الثقافية والاجتماعية في مجلس الشورى الإيراني إن الأمور ليست مترابطة بقدر يمكننا فهمه حيث إن الأمور الماضية والأدوار السابقة للرموز الإيرانية معروفة وليست موضع تجاهل وإنما الجرافيتى له مقاصد وأهداف أخرى التي غالبًا ما يعبر بها الشباب عن قضايا تهمه ولا يستطيع التصريح بها جهرًا.
كانت قضية انتشار الجرافيتى على أسوار المباني المواجهة لمجلس بهارستان التاريخي في العاصمة الإيرانية طهران قد جلبت الكثير من ردود الأفعال السلبية من جانب الحكومة والنظام الإيراني والإيجابية من جانب الشعب الإيراني والمجتمع والمواطنين في إيران حيث ترى الحكومة والنظام في إيران إنها تشوهات في جدار المباني التراثية.
في حين يرى الشباب في إيران إنها صوت المعارضة للنظام الإيراني ضد قرارات وسياسات لا يرضى عنها الشعب والشباب والمجتمع في إيران وهي صوت المستضعفين في إيران وهى صوت من أجل معارضة الظلم والطغيان وصوت من أجل تحسين الواقع المعيشي للمجتمع الإيراني وتعبر عن أمل الديمقراطية المفقود والحرية المطلقة المنشودة التي يريدها ويأمل فيها الشعب والمواطنين في إيران خصوصًا الشباب الفاقد للهوية والمُغيَب عن الأمور السياسية حيث إن هذا التغييب متعمد من قبل النظام الإيراني من أجل إبعاد الشباب الإيراني عن أية قضية تهمه أو تهم الوطن.