يعتبر السجاد الإيراني من أكثر أنواع السجاد الذي يحظى بشهرة عالمية، خاصة لتميز أشكاله وأنواعه وخامته، كما أنه يصنع يدويًا على يد النساء بالخصوص اللاتي تدربن على هذه الصناعة منذ نعومة أظافرهن، الأمر الذي بلغ لتخصيص معارض فنية أيضًا له داخل إيران، ورغم تلك الشهرة، إلا أنه حاليًا يواجه بعض الأزمات بعد دخول التكنولوجيا في الصناعة، والتي صارت توفر الوقت والجهد، وكذلك المال.
بداية تاريخية
بدأت صناعة السجاد مع بداية دولة فارس نفسها، وازدهرت بشكل خاص في العهد الأخميني –والأخمين هم أسرة ملكية كونت إمبراطوريتها في فارس عام 559 ق.م وتميزت بالكثير من النقوش المميزة التي مازالت تميز هذه الفترة حتى الآن، كما اهتم الإيرانيون كثيرًا باستخدام السجاد في حياتهم اليومية، فصاروا يضعوه تحت أسرتهم، وهو الأمر الذي أنعش صناعتها كثيرًا.
أما في العهد الإسلامي فقد تطورت الصناعة بشكل ملحوظ للغاية، ثم ما لبث أن فترت همة هذه الصناعة، إلا أن عادت في أوج قمتها في عهد “التيموريين” خاصة وقت حكم “ياينغد ميرزا” وتحديدًا مدينة “أردبيل” وهو الأمر الذي أفرز عديد من النقوش والرسومات المميزة للغاية والتي صارت حتى الآن تعرض بالمتاحف، وتعد أشهر سجادة في هذه الفترة هي سجادة صناعة مدينة “أردبيل” والتي تحوي صورة لمقبرة الشيخ صفي الدين الجد الاكبر للسلالة الصفوية، و توجد الآن بمتحف فيكتوريا في انكلترا.
وفي الهجوم الأفغاني على إيران عادت صناعة السجاد لهبوط من جديد، لتعود لقوتها في عهد السلالة القاجارية، أما في العصر “الصفوي” فقد كانت أصفهان من أكبر المدن في هذه الصناعة، بل إن شاه عباس شخصيًا كان يشرف عليها، وكانت معامل السجاد بجانب القصر الملكي حتى أن كثير من سجاد هذه الفترة يقع الآن داخل العديد من المتاحف العالمية، ووصل عدد المشتغلين بها في العصر البهلوي إلى أكثر من 10 ملايين عامل، كما أنها تعد المصدر الثاني للدخل في إيران، إذ تتخطى قيمة صادراتها من السجاد اليدوي 420 مليون دولار سنويا، أي 30 في المائة من السوق العالمية، كما يتواجد داخل أسواق 100 دولة حول العالم.
طبيعة السجاد
ينقسم السجاد داخل إيران إلى نوعين، الأول “إيراني قبلي” وهو يتميز بالرسومات البسيطة والألوان الحارة والصوف المخملي والوبرة الطويلة، لذا فإن وزنه ثقيل دائمًا، ونقوشه دائمًا على شكل نباتات وورود أو أشكال هندسية بسيطة، أماالنوع الثاني فيسمى “سجاد المدن” ويسمى بحسب المدينة التابع لها، وتعد أشهر هذه المدن “تبريز” المشهورة بالسجاد الحريري بنقوش هندسية جميلة، وألوان قاتمة في الغالب.
أما أشهر المواد المستخدمة في السجاد فهي “الصوف” وله أنواع عدة مثل صوف “كورك، مانشستر، صوف وبر الإبل” كما يستخدم أيضًا القطن، وكذلك الحرير ولكنه الأقل استخدامًا بين السجاد ذلك لأن مقابله المالي عالي جدًا، كما أنه أقل قدرة على التحمل، لذا دائمًا ما يتم تعليقه على الحوائط وليس الأرضيات، ولكن ميزته أن مقابله يزيد مع الزمن، وفي بعض الأحيان يمزج ما بين الصوف والحرير في آن واحد داخل السجادة نفسها، وهو ما يجعل مقابلها عاليًا أيضًا، وأحيانًا تدخل خيوط الذهب في الصناعة.
أما صناعته نفسها فهي تقوم على قطعتي خشب فيما بينهما الخيوط المراد استخدامها، وهي قاعدة السجاد، بينما يتم لف الخيوط الملونة حولها صناعة شكل السجاد نفسه، كما تقوم السيدات في إيران بصناعة السجاد منزليًا في بعض الأحيان، إذ هناك أماكن متخصصة تبيع النقشات التي يمكن أن تعملن عليها، إضافة إلى وجود كثير من الأماكن التي تدرب النساء على صناعة السجاد.
ويختلف سعر السجاد على حسب المدن المنتجة له، وكذلك بعدد العقد التي تكونت منها السجادة، أما سجاد القبائل فيتحدد سعره حسب سمك خيوط السجاد، أما السجاد “الأصفهاني” بشكل خاص فإن سعره يتم تحديده بحسب الخيوط الصغيرة، أما السجاد الصناعي فهو الأقل كلفة من بين الأنواع، ويتميز بوجود مادة الإكليريك وهي مادة رخيصة.
تحديات
رغم هذا الازدهار، إلا أنه مؤخرًا عانى السجاد من بعض المشاكل، فمنذ عام 2013 واجهت الضناعة ركود خاصة مع مستوى التضخم في السوق الذي أدى لقلة في المبيعات، كما أن ظهور عديد من الأنواع الأخرى من السجاد بعد ظهور التكنولوجيا الحديثة التي صارت صناعتها أسهل بكثير من خلال مساعدة الأجهزة، قد تسبب في قلة بيع السجاد الإيراني، نظرًا لقلة سعرها بالمقارنة مع السجاد الإيراني، والذي بسبب صناعته اليدوية يكلفكثير من الجهد والوقت والمال، غير أن هناك الكثير ممن يقدرون السجاد الإيرانيعلى مستوى العالم رغم سعره، خاصة أنه من أكثر الأنواع التي لا يصابها التلف بعد طول السنوات، وهو ما يجعلها قطعة مميزة وباقية.