في إيران لا يمكنك أن تكون “مثليًا” ولكن يمكنك أن تكون “متحول جنسيًا” بدأ هذا الأمر بفتوى من “آية الله خامنئي” وهو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، وتحديدًا بعد الثورة الإسلامية، إذ كانت إيران قبل عام 1979 تجرم الحالتين، ليصبح الأمر حلم للمتحولين، وكابوسًا للمثليين.
عن المثلية والتحول
بداية ما هي “المثلية”؟ المثلية هي انجذاب ذوي الجنس الواحد لبعضهم سواء كانوا إناث أو ذكور، أما “متحولي الجنس” هم أفراد أي جنس الذين يشعرون أنهم ليسوا ضمنه، ويحاولوا التحول للجنس المعاكس، والمختلف هنا أن المثليين لا يرغبوا في أن يغيروا أجسادهم، وهو الأمر الذي أصبح لزامًا عليهم داخل إيران من أجل أن يستكملوا حياتهم الطبيعية، وإلا سوف يواجهون مصيرًا صعبًا يمكن أن يصل إلى الإعدام، وقد أُعلن أنه منذ الثورة الإسلامية وحتى عام 2005 بلغ عدد المعدومين من “المثيلين” 4 آلاف شخص.
ورغم تلك الإعدامات، إلا أن الرئيس الأسبق “محمود أحمدي نجاد” قد صرح عام 2007 أثناء استاضفة جامعة كولمبوس له حينما سألوه عن تعامل إيران مع المثليين فأجاب “ليس في إيران مثلية مثل بلادكم” ورغم تصريحه فيما بعد أنه كان يمزح، إلا أن هناك بالفعل حالة رفض في إيران للمثلية تصل إلى الإنكار.
الشرارة الأولى
كان السبب أشعل الشرارة الأولى في هذا الأمر كله إلى شخص يدعى “فريدون” حيث طلب من “آية الله خامنئي” بإصدار هذا الحكم، بعد قابله شخصيًا، رغم العديد من الضعوبات والإعاقات التي كانت لتحولدون هذا اللقاء، لتصبح عمليته هي أول عملية بعد الثورة، تحول فيها “فريدون” بعد فتوى “خامنئي” إلى امرأة، واختار لها اسم “مريم خاتون مولكارا”. وبعكس بقية الدول الإسلامية التي لا تتيح في قوانينها التحول، إلا أن إيران قد كسرت تلك القاعدة، وصار الأمر يتم فيها بمباركة دولية، حتى أن الدولة تساعد في نصف تكاليف هذه العملية، هذا لأن إيران تعتبر الأمر كإنه مرض يحتاج إلى علاج، لتصبح إيران من أكثر الدول تصدرًا لعمليات التحول الجنسي في العالم كله، لتحتل المرتبة الثانية عالميًا في إجراء مثل هذه العمليات بعد تايلاند.
رفض مجتمعي
ورغم ذلك فحتى الآن لايزال بعض علماء الشيعة في إيران يرفضون إجراء مثل هذه العمليات، طالما لم يكن المتحول يحمل في الأصل جزءًا من التكوين الأنثوي أو الذكوري، إذ أن هناك حالات تولد على شكل جنس ما ولكنها في الحقيقة بشكل بيولوجي تمامًا هي تابعة للنوع الآخر، وهو ما يتوجب إجراء عملية “تصحيح جنسي” لأن التكوين البيولوجي هو الأحق في التعامل من مجرد الشكل الخارجي، وهي الحالة الوحيدة التي يوافق عليها جميع علماء المسلمين في التحول.
ومع وجود ذلك تبقى المشكلة الأكبر هي الأهل أنفسهم، فمع وجود طائفة من الأهل تجبر أبنائها على إجراء مثل هذه العمليات، يعارض آخرون إجرائها، خاصة إن كان المتحول ذكرًا يريد التحول لأنثى، كما أن أي متحول لن يصبح مكتمل الرجولة في نظرهم أبدًا، أماتحول الأنثى لرجل، فهو الأمر الذي يخضع لنسبة أكبر من التسامح داخل المجتمع الإيراني، ورغم ذلك فالمتحولين يعيشون حياتهم بشكل سري داخل المجتمع، إذ يحاول المتحولون التكتم عن ماضيهم الجنسي، ويتعاملون مع المجتمع باعتبارهم أشخاص ولدوا على هذه الحالة، وذلك بسبب حالة الاستنفار التي تنتاب الأشخاص عند إعلامهم بالمعلومة الصحيحة.
عملية التحول
أما عملية التحول نفسها فإنها تخضع أيضًا للعديد من الضوابط داخل إيران، فيجب على الشخص بداية أن يظهر ميوله تجاه نفس الجنس، فيخضع لعدد من الاختبارات والأسئلة، ويسلم الشخص نفسه رسالة تؤكد كونه من المتحولين وأنه يحتاج لإجراء مثل هذه العملية، التي يتم تحويلها إلى الطب الشرعي، فيتابع معه طبيب نفسه يساعده في حالته، إلى جانب حقنه بالهرمونات اللازمة للتغيير النهائي، الذي سيستتبع تغييرًا في الشكل ونبرة الصوت وغيرها من التغيرات الجسدية.
وفي ظل هذه العمليات، يختار بعض المثليين تغيير هويتهم، رغم ما يعتريهم من أزمات نفسية لاحقة، غير أنها تحميهم من عقاب أكبر وهو الموت بحسب القانون الإيراني، أو السفر، وغالبًا ما يهرب المثليون إلى تركيا بشكل خاص من أجل اجتناب عملية التحويل، ورغم أن تركياهي أيضًا حافلة بالعديد من الصعوبات فيما يتعلق بالمثليين، إلا أن البعض يختار أفضل الحلول السيئة، أو يقرر السفر من جديد إلى إحدى الدول الأوروبية لممارسة حياته بتسهيلات أكبر.