لم تنفصل الكوميديا عن إيران قديمًا، بل منذ بداية عرض الأفلام نفسها، وقد كانت الأفلام الكوميدية في البداية مستوردة من الخارج كأفلام “شارلي شابلن” التي حظت إعجابًا عالميًا، إلى أن ظهر أول فيلم إيراني كوميدي طويل وهو “آبي ورابي” الذي أنتجه “آوانس أوهانيان” وهو مدير أول مدرسة للتمثيل السينمائي، غير أنه لم يكن فيلمًا ناطقًا، لكن أول فيلم ناطق كان عام 1949 الذي تم على يد درويز خطيبي، وكان بعنوان “واريته بهاري”.
البداية
وفي السنوات التالية أخرج عدد من المخرجين أفلام عدة، ولكن أزمتها الكبرى صارت في أنها مقلدة عن الأصل الانجليزي، إضافة إلى خلو الكثير منها إلى الكوميديا الحقيقية القادرة على الإضحاك، ليتم إنتاج مائتي وثلاثين فيلمًا كوميديًا حتى النصف الأول من العقد السابع للقرن العشرين.
أما الأفلام التي لاقت رواجًا كبيرًا عن غيرها، فكانت الكوميديا العائلية المحتوى، كما ظهر أنواع أخرى متنوعة من الكوميديا مثل الكوميدية التاريخية والأسطورية، وكذلك أفلام الكوميديا الموسيقية، التي احتوت على الرقص، وكذلك أفلام الكوميديا الخيالية التي تعتمد على الخيال والخرافة، وأفلام الكوميديا البوليسية، التي تمزج بين المواقف المضحكة والواقع.
أما في العقدين السادس والسابع من القرن العشرين، بدأت تظهر أفلام كوميدية تطرقت إلى المواضيع والمسائل الاجتماعية.
الكوميديا والحرب
اربتبطت الكوميديا بالحرب بشكل كبير، فمنذ الحرب العراقية الإيرانية التي دار رحاها بين عام 1980 و1988، وقد حاولت السينما بعد هذه السنوات الثقيلة أن تقدم محتوى يمكن أن يصبح بديلًا عن الثقل الذي صار يحيط بالأجواء، ومن هنا ظهرت الكوميديا في الأفلام التي تتناول أيام الحرب، فلم تكتفي بلحظات المعاناة، بل أدخلت الكوميديا في أحداثها أيضًا، لتخفيف وطئة الحدث.
واللافت في هذه الأفلام، هو أنها تتناول دائمًا أشخاص مهمشين وبسطاء، برواية كوميدية في كثير من الأحيان، توضح انتقاله من مرحلة الماديات إلى المعنويات، حيث تجعل الحرب البشر أكثر فهمًا للعالم، ويرون بأم أعينهم التضحية والدفاع عن الوطن، وكل هذه المسميات التي كانوا فقط يسمعون عنها، ولا يرونها بأعينهم.
وقد فسر بعض النقاد أيضًا اتجاه السينما بهذا النوع بالذات كان لأسباب اقتصادية بحتة من أجل استقطاب المشاهدين إلى صالات السينما، خاصة في الوضع الاقتصادي الذي غالبًا يتدني مع أي دولة بعد دخولها أي حرب، حتى ولو كانت طرفًا من أطراف عدة.
ولكن سينما الكوميديا التي تتخذ الحرب موضوعًا لها لم تظهر فقط في تلك المرحلة، ولكنها ظلت ممتدة إلى العصر الحديث، مثل فيلم “المنبوذون” للمخرج “مسعود دهنمكي” الذي عرض عام 2009 وتناول فيه وقت الحرب الإيرانية العراقية، الذي حكى فيه بشكل ساخر عن حالة بعض من خاضوا حرب الخليج الاولى مع العراق، ليصبح من أكثر الأفلام ربحًا وقت عرضه، خاصة لأن مخرج الفيلم كان صحافيًا وقت الحرب، واستطاع بالفعل توثيق العديد من الأحداث بأم عينيه.
العصر الحديث
استمر إنتاج الأفلام الكوميدية في العصر الحديث أيضًا، بل صارت الأفلام الكوميدية هي أكثر الأفلام التي تتصدر قائمة الأرباح، وإن كان حضورها في المهرجانات الدولية يكاد يكون خافتًا وغير موجودًا، إلا أن الاهتمام الجماهيري وخاصة في الأعياد مازال متجهًا صوب الفيلم الكوميدي، وقد نالت أفلام العام الماضي مثل “دراكيولا” للمخرج رضا عطاران، و”باركود” لمصطفى كيايي، و”الفضيحة2″ لمسعود ده نمكي، إلى أرباح وصلت إلى ملياري تومان أو ثلاثة مليارات، وهو الأمر الذي ينبئ باتجاه قوي تجاه هذا النوع السينمائي.