تشبه اللغة في تكوينها الكائن الحي، إذ تتطور وتكبر فيستع المعجم اللغوي بما يتناسب مع كل الكلمات التي تدخل فيها، فبالتأكيد المعجم اللغوي الحالي ليس هو نفسه منذ مائة عام، وهذا هو الحال مع دخول كلمات أخرى إلى اللغة العربية تزيد المعجم وتغنيه، وهو ما حدث مع دخول اللغة الفارسية في اللغة العربية.
كانت العلاقات قديمًا بين بلاد فارس، قبل أن تتحول لاسمها الحالي “إيران” بين العرب خصبة وممتدة، بسبب عدد من الأمور مثل العلاقات الاقتصادية، حيث كان التجار يجلبون كثير من البضائع من وإلى البلدين، والفتوحات الإسلامية التي قربت بين العالمين، وهو الأمر الذي نتج عنه اندماج الكلمات بين اللغتين، نتيجة استعمال التجار تلك الكلمات، لتصبح بعد ذلك كلمات من صميم اللغة، لا يشك ابنها ومستعملها الأساسي أنها ذات أصل عربي، ولكنها في الحقيقة ليست هكذا.
وهو الأمر الذي دعى أيضًا كثير من علماء اللغة القدامى أن يكتبوا أعمال كاملة تشرح هذا التداخل بين اللغتين، كان أهمها ما كتبه السيوطي في كتابه “المتوكلي” والجواليقي في كتابه “المعرب من الكلام الأعجمي”.
ويسحمل دخول اللغات في اللغة ما يسمى باسم “التعريب” وهو أن تتحول الكلمة مع الاحتفاظ بأغلب حروفها إلى اللغة العربية، مع بعض التعديلات البسيطة التي يتم تغييرها لتناسب طبيعة اللغة، وطبيعة نطق أهلها الأصليين.
ومن هذه الكلمات:
شطرنج: وهي كلمة فارسية أصلها “شترنگ”، والتي مع انتقال اللعبة إلى العرب انتقلت باسمها الأصلي، فصارت تعرف به، رغم أصلها الفارسي.
بستان: تعتبر الكلمة مركبة من مقطعين، هنا “بوي” أي رائحة بالفارسي و”سِتان” أي محل، وهي لها نفس النطق في الفارسية مع زيادة الواو بعد الفاء، حيث تكتب “بوستان”.
دفتر: تكتب “دفتر” أيضًا بالفارسية لتدل على الكراسة أو الكشكول، وغالبًا انتقلت عديد من الكلمات الخاصة بالتدوين وأماكن الأحوال الشخصية، بعد أن نُقل إلى العرب عن طريق الفرس كثير منها.
التّخت: ومما يدل على العلاقات الاقتصادية أيضًا، وصول كلمة تخت إلينا في العربية، والتي تعني من خشب، ثم أصبحت تستعمل لتدل على الشّقة والأريكة والسرير.
بلور: أيضًا كلمة أخرى جاءت تبدو على الالتقاء الاقتصادي بين الثقافتين، وهي كلمة “بلور” والتي تعني زجاج، فهي كلمة فارسية في الأصل
الخيار: أما في مجال الزراعة فقد استخدمت اللغة العربية نفس الكلمة الفارسية فيما يخص بخضار “الخيار” مما يوضح أن حتى الاقتصاد دخل فيه المنتجات الزراعية.
طازج: كلمة “طازج” أصلها في الفارسية “طازة” وهي تستعمل للدلالة على أن الطعام جديد ما يزل.
المهرجان: وليس فقط الكلمات الناتجة عن التعامل الاقتصادي هي التي دخلت اللغة، بل أيضًا كلمات من المظاهر الاجتماعية التي انتقلت لبلاد العرب، مثل “المهرجان” والتي معادلها في الفارسية المهرجان”، كلمة “مِهرْگان” وهي مكونة من جزئين “مهر” – والتي تعني المحبة ونور الشمس – و “گان”، وهي أداة تلحق بآخر الأسماء الفارسيّة لتشير إلى الاحتفال.
خان: أصلها فارسي وتعني “الدكان” وتستخدم في كثير من الأشياء حتى الآن مثل “الأكزخانة” أي الصيدلية.
البقسماط: قد تظنون أن البقسماط هي كلمة عامية تمامًا، ولكن الحقيقة أن أصلها فارسي.
النرد: “النرد” هي كلمة فارسية الأصل أيضًا، وانتقالها إلى العربية كان بسبب أن هذه اللعبة وضعها أحد ملوك الفرس.
طشت: أيضًا تلك الكلمة يظن الكثير أنها كلمة عامية عربية، ولكن في الحقيقة فهي كلمة فارسية انتقلت إلى اللغة العربية، لتعني إناء من النحاس.
استبرق: تعد كلمة “استبرق” من أشهر ما أخذ من الفارسية، ذلك لأن اللفظ ذكر في القرآن الكريم نفسه، وأصلها في الفارسية “استبره”.
سروال: وهي مكونة من جزئين “سر” ومعناها “فوق” و “وال” والتي تعني “القامة” بالفارسية.