شنت إدارة ترامب هجومًا من الخطابات والاتصالات عبر الإنترنت بهدف إثارة الاضطرابات والمساعدة في الضغط على إيران لإنهاء برنامجها النووي ودعمها للجماعات المسلحة، وفقًا لما ذكره مسؤولون أميركيون على دراية بالأمر.
وقال أكثر من ستة من المسؤولين الحاليين والسابقين، إن الحملة التي يدعمها وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، تهدف بالتنسيق مع دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى خنق إيران اقتصاديًا من خلال إعادة فرض عقوبات صارمة، وقد اشتدت الحملة منذ أن انسحب ترامب في 8 مايو من الاتفاق النووي الإيراني.
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إن الحملة تشوه صورة القادة الإيرانيين بشدة، وأنها تستخدم في بعض الأحيان معلومات مبالغ فيها أو تتناقض مع تصريحات رسمية أخرى، بما في ذلك تعليقات الإدارات السابقة.
ورفض البيت الأبيض التعليق على هذه الحملة، كما رفضت وزارة الخارجية التعليق تحديدًا عن دور بومبيو.
وعبر مسؤول ايراني كبير عن استيائه من الحملة، قائلًا: إن الولايات المتحدة سعت عبثًا لتقويض الحكومة منذ الثورة الاسلامية عام 1979، وقال: “ستفشل جهودهم مرة أخرى”.
المزيد من المنشورات الحرجة
وأظهر حساب تويتر لوزارة الخارجية الأميركية وموقعها “شيرأمريكا” عددًا من المنشورات التي تنتقد طهران خلال الشهر الماضي.
وتعد إيران موضوع أربعة عنوانين من أصل خمسة في قسم “مكافحة التطرف العنيف” على الموقع الإلكتروني، وتشمل هذه العناوين أخبارًا مثل “شركة الطيران الإيرانية تساعد على نشر العنف والإرهاب”.
وفي 21 يونيو، قام بومبيو بتغريدة عنوانها: “الاحتجاجات في إيران تنمو”، “إن الشعب الإيراني يستحق احترام حقوقه الإنسانية”، “الحرس الثوري الإيراني يصبح غنيًا بينما تكافح الأسر الإيرانية”.
وتم ترجمة هذه التغريدات باللغة الفارسية ونشرها على موقع “شيرأمريكا”
وسيلقي بومبيو خطابًا اليوم بعنوان “دعم الأصوات الإيرانية” في كاليفورنيا، وسيلتقي بأمريكيين إيرانيين فر العديد منهم أثناء الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية ردًا على أسئلة من وكالة رويترز: “دعوني أكون واضحًا، إننا لا نسعى لتغيير النظام، نحن نبحث عن تغييرات في سلوك الحكومة الإيرانية”.
وأضاف: “نحن نعلم أننا نقود إيران لاتخاذ بعض الخيارات الصعبة، إما أن يغيروا طرقهم أو أنهم سيجدون صعوبة متزايدة في الانخراط في أنشطتهم الخبيثة، نحن نعتقد أننا نقدم رؤية إيجابية للغاية لما يمكن أن نحققه، وما يمكن أن يكون لدى الشعب الإيراني”.
حملة عدوانية
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إن بعض المعلومات التي نشرتها الإدارة غير مكتملة أو مشوهة.
وفي خطاب ألقاه بواشنطن في 21/ مايو، قال بومبيو إن القادة الإيرانيين يرفضون إنفاق أموالهم التي حررتها صفقة الأسلحة النووية، ويستخدمونها بدلًا من ذلك في حروب إقليمية وبالفساد.
وعلى النقيض من ذلك، قال مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية روبرت أشلي، في شهر مارس أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي، إن النفقات الاجتماعية والاقتصادية لا تزال تمثل أولوية طهران على المدى القريب على الرغم من بعض الإنفاق على قوات الأمن.
كما اتهم بومبيو “الميليشيات الشيعية التي ترعاها إيران والإرهابين” بالتسلل إلى قوات الأمن العراقية وتعريض سيادة العراق للخطر طوال فترة الاتفاق النووي.
في حين يتهم المعارضون الميليشيات العراقية المدعومة من إيران بانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين، والتي تنكرها هذه الجماعات، فقد قاتلت الميليشيات المتطرفين في الدولة الإسلامية، وساعدت على منعهم من اجتياح العراق في عام 2014 بعد انهيار جيش العراق، وساعدوا بعد ذلك الهجمات التي تدعمها الولايات المتحدة والتي حررت الأراضي التي يسيطر عليها داعش، ويجري دمج بعض الوحدات في قوات الأمن العراقية.
واعترف مسؤول بوزارة الخارجية بأن الميليشيات المعروفة باسم قوات الحشد الشعبي، هي جزء من قوات الأمن العراقية، ولعبت دورًا في مواجهة الدولة الإسلامية في عام 2014.
وقال المسؤول: “اننا ندرك أن بعضًا من قوات الدفاع الشعبي غير المنضبطة قريبة بشكل خاص من إيران، التي تستجيب لتوجيهات إيران، ولديها تاريخ من النشاط الإجرامي والإرهاب وهذه المجموعات هي مشكلة بالنسبة للعراق كما هي بالنسبة لنا”.
وقال الخبراء إن الإدارة تبالغ في تقارب العلاقة بين إيران ومقاتلي طالبان في أفغانستان وتنظيم القاعدة من خلال وصفهم بأنهم متآمرون، ولم تستجب وزارة الخارجية لطلب التعليق على دقة المعلومات التي كانت تنشرها.
وقال المسؤولون الأمريكيون إنه من السابق لأوانه تحديد تأثير حملة الاتصالات التي تشنها الإدارة.
نتيجتين محتملتين
وقال كريم سجادبور، الخبير الإيراني في مؤسسة كارنيغي إندومنت للسلام الدولي، إن الاستراتيجية الرامية لخنق إيران اقتصاديًا وتأجيج الاستياء العام من القيادة، تهدف إلى تحقيق واحدة من نتيجتين.
واستأنف سدجادبور: “النتيجة الأولى هي الاستسلام، مما يجبر إيران على زيادة تقليص برنامجها النووي وطموحاتها الإقليمية، والنتيجة الثانية هي الانفجار الداخلي للجمهورية الإسلامية”.
ولكن بعض المسئولين الأمريكيين وغيرهم من الخبراء حذروا من أنه يمكن للإدارة الأمريكية من خلال تأجيج الاضطرابات في إيران، تعزيز حكم استبدادي أكبر وسياسة خارجية أكثر عدوانية، مما يزيد من خطر المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.
وقد وصفت واشنطن إيران بأنها “الدولة الراعية للإرهاب” في العالم لأن طهران تسلح وتمول جماعات متشددة مثل حزب الله اللبناني.
ويحث القادة الإيرانيون على تدمير الولايات المتحدة وإسرائيل، وقتل الوكلاء الإيرانيون مئات الجنود والدبلوماسيين الأمريكيين منذ قيام الثورة الإسلامية.
وقد زود هذا السجل الإدارات السابقة بمواد وافرة لشن حملاتها الخاصة بالعلاقات العامة ضد طهران، بما في ذلك محاولة التواصل المباشر مع الشعب الإيراني.
وأقامت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش إذاعة فاردا، وهي هيئة إذاعية تمولها الولايات المتحدة، وترسل إلى إيران ما تقول إنه “أخبار ومعلومات موضوعية ودقيقة للتصدي لرقابة الدولة والتغطية الإعلامية القائمة على الأيديولوجية”.
وأطلقت إدارة أوباما حسابًا على موقع تويتر باللغة الفارسية في عام 2011، أسمته @USAdarFarsi