ينتشر في إيران ما سمي باسم “زواج المتعة” إذ تعد إيران سوقًا رائجة لمثل هذا الاتجاه الذي يحظى بدعمًا من جانب الدولة، وهو ما يخلق أزمة سواء دولية أو مجتمعية من جانب الأوساط الرافضة، ورغم الرفض إلا أن مباركة الدولة تعد دافعًا لاستمرار هذا النوع من الزواج الذي أصبح نوعًا رائجًا داخل إيران له الكثير من المعجبين به سواء من إيران أو من خارجها، وله الكثير من النوافذ التي تسهل هذا النوع، وذلك في ظل تساؤلات دولية عن جدوى تلك الخطوات، وإن كانت بالفعل ذات مرجعية دينية، أم أن هناك أهدافًا أخرى وراء هذا النوع من الزواج؟
أصل الفكرة
تعود فكرة زواج المتعة إلى شبه الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي إلى أن أوقفها عمر بن الخطاب، ثم في القرن التاسع الميلادي عاد الخليفة العباسي المأمون وأتاحها من جديد، غير أنه أعاد تحريمها من جديد بسبب حرب العلماء المسملون السنة عليه، رغم ذلك أخذ الشيعة مذهبًا مختلفًا من قبل الخليفة المأمون حتى، خاصة الشيعة الإنثى عشر، الذين رأوا أن الإباحة تأتي بالأساس من النبي محمد على حسب زعمهم.
ومنذ أعوام دعى وزير الداخلية الإيراني الأسبق بور محمدي إلى إعادة تلك الفكرة إلى الأذهان من جديد، مشرعًا إياها من قبل الدولة، ومعتبرها أمرًا حلال لا غضاضة فيه، وذلك من أجل مواجهة المشكلات الجنسية عند الشباب، وهو الأمر الذي أدوى إلى قيام عدد من الشباب الإيرانيين في الفئات العمرية من عمر 15 عاماً فأكثر باتباع مثل هذه الفكرة.
ماهيته
أما عن طريقة زواج المتعة فتختلف حسب الاتفاق، فمدة زواج المتعة ليست مدة محددة، فهناك ساعة أو أيام أو شهور أو حتى عام وذلك بحسب الاتفاق بين الزوجين، ويتم قيام عقد بين الزوج وزوجته مثل الزواج العادي، وتستطيع المرأة إتمام الإجراءات بمفردها أو بالاستعانة برجل دين، ويصبح الزواج سارى المفعول بتلاوة تلك الصيغة، حيث تقول الزوجة “تذكر اسمها” أنا أتزوج منك أو أمتعك مقابل «كمية من المال» يتم تحديدها، ولمدة “يتم تحديدها أيضًا”، ويرد الرجل وأنا قبلت الزواج بهذه الشروط.
أما بالنسبة لفترة العدة عند المرأة فى زواج المتعة فهناك من يقول أن المرأة لا تمثل لفترة العدة، إذ يمكنها الزواج في اليوم التالي من الطلاق بعكس الزواج الشرعي الذي يستلزم عدة مدتها ثلاثة أشهر، وفي بعض الآراء يعود تقرير العدة إلى أن تصل لمدة 45 يومًا بعد الزواج من أجل زواج آخر، وتأخذ الزوجة مقابل هذا الزواج، يسمونه مهرًا.
رفض
رغم الإتاحة السلطوية، إلا أن ليس كل المجتمع الإيراني يقبل هذا النوع من الزواج، إذ ظهرت حركات علمانية ترفض “تسليع” المرأة الجنسي بحد قولهم، إلى جانب عدد من المؤسسات النسوية، التي تعد هذا تسليعًا واضحًا أيضًا.
وظهرت عديد من الدراسات التي حاولت فهم هذا النوع من الزواج من أجل محاربته ولاقضاء عليه، وتمكنت تلك الدراسات من فهم أن عوامل مثل الفقر، والكبت الجنسي، والازمات الاجتماعية تعد سببًا رئيسًا في وجود مثل هذا النمط بحسب تأكيدهم، حيث يعد زواج المتعة غير مكلف ماديًا تمامًا كما يكلف الزواج العادي، الذي يجب على الزوج فيه تأسيس عش الزوجية، ودفع المؤخر والمهر، وغيرها من المطالب، بعكس زواج المتعة، والذي لا يكلف سوى تأجير مكان مناسب، ودفع مقابل مادي للزوجة، بل وأحيانًا تدفع الزوجة، أو يقرر الطرفان عدم الدفع نهائيًا.
إحصائيات
تؤكد الإحصائيات أن نسبة زواج المتعة كبير للغاية داخل إيران، بل تصل إلى أن 84% من الشباب الإيراني جربوا زواج المتعة في إيران.
كما أظهرت نتائج دراسة أجريت على 216 شخصا حول زواج المتعة أن 36.84% ممن شملهم الاستطلاع تقل أعمارهم عن 18 عاما، دخلوا أيضا في تجربة زواج المتعة أو ما يسمى زواج “الصيغة” في إيران”.
أما الأسباب التي دفعت الرجال لزواج المتعة، فقد أكدت الإحصائيات أن 61% ممن جربوا زواج المتعة كانت بدوافع جنسية.
كما تم ملاحظة أن 31.1% ممن شاركوا بالإحصائيات قاموا بزواج المتعة بسبب العلاقات العاطفية بين الطرفين، وبنسبة 9.8% كان زواج المتعة بدوافع مادية؛ بسبب الفقر بين العائلات الإيرانية”.
كما ذكرت تقارير صحفية سابقة أن نسبة زواج المتعة بلغت 20% في مقابل الزواج العادي، وأن هذه النسبة الرسمية هي فقط لزواج المتعة المسجل رسمياً، ولكن الأرقام تتضاعف في حالة إحصاء زواج المتعة خارج الإطار القانونيمما يرفع النسبة لما يقارب من 40% تقريبًا.
إتاحة كاملة
ورغم الكثير من الرفض العالمي، أو الرفض الشعبي من بعض الأوساط داخل إيران إلا أن هناك تسهيلات عدة في إيران تقام من أجل إتاحة هذا النوع من الزواج الذي تختلف طرقه تحت مسمى “المتعة” فمن خلال صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو غرف فندقية معدة من أجل هذا الغرض خصيصًا، أو مكاتب لزواج المتعة داخل إيران.
كما توجد مواقع إنترنيت كاملة بمباركة الدولة من أجل إتاحة زواج المتعة، مما جعل إيران من أكبر الدول باعًا في تلك الطريقة للزاوج “الشرعي” كما رأوها، ويختلف سعر ذلك الزواج بحسب الفتاة وجمالها وعمرها وكونها بكرًا من عدمه، ويكون نصف الربح للمراكز الدينية الشيعية والمبلغ المتبقي للفتاة يجب أن تدفع الخمس منه إلي السيد لكي يصبح هذا المبلغ حلالا عليها.
استخدام سياسي
أكدت وثيقة نشرت في موقع ويكيليكس أن إيران تقوم بتقديم النساء من أجل الزواج المؤقت لعشائر إيرانية خلال رحلاتها في إيران، وذلك من أجل تعزيز نفوذها في العراق.
كما أكد الدكتور محمود أقبينار الأستاذ بإحدى الجامعات التركية في حوار سابق له أن إيران تعد من أكثر الدول في العالم استخدامًا لسلاح المتعة من أجل تقوية نفوذها داخل العديد من البلدان، وهو ما يجعل الأمر سياسيًا بالأساس كما أشار وليس دينًا كما يدعي المسئولون.