“المنازل التي ترتفع جدرانها لثلاثة أو خمسة أذرع، وكل منافذها تختصر في باب واحد عليه سجان، وسلاسل العبودية والقهر والضغط، قد تم كسر رأس و أيدي نساء إيران، بعضهن جائعات وعرايا و بعضهن ينتظرن الخلاص باكيات”.
بهذه الكلمات قد وصفت تاج السلطنة شقيقة ناصر الدين شاه قاجار حياة نساء إيران في تلك الحقبة، وهي التي كانت تفكر أفضل من والدها وأشقائها، كما تمنت أن تخرج من خلف الستار وتعمل كوزيرة أو محامية. بعد مرور قرن تحققت الكثير من أحلام تاج السلطنة، وكانت ستظل تلك الأمنيات، مجرد أمنيات لو لم يضحي الكثير من الرجال والنساء بأرواحهن من أجل الحصول عليها، وكانتا قرة العين و فرخرو پارسا من بينهن، فقد استطاعا تغير وجهة النظر إلى النساء ودورهن في المجتمع.
قرة العين
هي فاطمه زرینتاج برغانی قزوینی الشهيرة بالطاهرة أو قرة العین، وُلدت عام 1814 أو 1817 في قزوين، عُرفت كشاعرة وعالمة في أصول الدين، و اول امرأة يتم إعدامها بتهمة الإفساد في الأرض، وهذا في طهران عام 1852.
وُلدت طاهرة في إسرة شيعية، وكان والدها من رجال الدين المشهورين في قزوين، تعلمت مع شقيقتها في الصغر مقدمات العلوم والفقه واصول الدين و الأدب العربي، وذلك في وقت لم تكن النساء فقط في إيران غير متعلمات بل انتشت الأمية في السواد الأعظم من المجتمع رجالًا ونساء، وفيما بعد تزوجت ابن عمها، ولكن في تلك الفترة كان هناك جدال و اختلافات فقهية كبيرة بين علماء الدين، فذهبت طاهرة إلى سيد كاظم رشتي أكبر عالم آنذاك في كربلاء، وهو من لقبها بقرة العين، وبعد موته كانت تُدرس إلى طلابه، وقد كان منهجه واسلوبه وآرائه مخالفة لوالدها وعمها، مما جعلهما يغضبان منها، ثم يقال أنهما حاولا إعادتها إلى إيران لكنها أصرت على منهجها المخالف لهما، فيما بعد تم القبض عليها بتهمة قتل عمها ولأنها كانت بعيدة عن إيران قالت الحكومة أنها من أمرت وخططت لجريمة القتل، ثم طلقها زوجها، وسجنت حتى تم تنفيذ حكم اعدامها.
فرخ رو پارسا
وُلدت فرخرو پارسا في أسرة مثقفة عام 1922، كانت والدتها مديرة مجلة عالم النساء ومن المدافعات عن حقوق المرأة، ونتيجة لما كتبته عن ضرورة تعليم النساء وتعديل قوانين الزواج و الأسرة، غضب منها رجال الدين فكان ذلك سبب كافي لنفيها بعيدًا، لكن بعد توسط من أحد الوزراء استطاعت العودة.
تخرجت فرخ رو في كلية الطب عام 1950، لكن بدلًا من التفرغ للطب،فضلت الإستمرار في الأنشطة الثقافية والتعليمية، وأسست في عام 1954 الرابطة النسائية الثقافية لتقديم الدعم إلى المدارس الثانوية الخاصة بالفتيات، ثم درّست في المدارس الثانوية في طهران لسنوات عديدة وحصلت على منصب مديراً لأمانة الجامعة الوطنية في إيران، وفي عام 1968 أصبحت أول وزيرة للتعليم الإيراني في التشكيل الحكومي لأمير عباس هويدا، فلعبت دورًا هامًا آنذاك لتطوير التعليم بشكل عام، وتطوير وتنمية تعليم الفتيات بشكل خاص.
عند إندلاع الثورة الإسلامية لم تهرب خارج إيران، واختبأت عند بعض المقربين، وعندما تم القبض عليها وجه إليها الكثير من التهم، وقد أُعدمت عام 1980 رميًا بالرصاص بتهمة الإفساد في الأرض ومعاونة السافاك في القبض على الثوار و الفساد المالي، وقالت في المحكمة” اتمنى أن يكون حال نساء إيران في المستقبل أفضل من اليوم” .
كما قال المؤرخ الإيراني عباس ميلاني، لم يتم إعدام فرخرو پارسا بعد الثورة فقط، لكن تم اعدامها قبل ذلك مرات عديدة، حين حاولوا اغتيالها، واتهامها باطلًا بسوء الأخلاق وتعدد العلاقات الجنسية والفساد المالي، فكانت هذه الشائعات قتل من نوع آخر.
المصدر: http://www.beytoote.com/art/negah-gozashte/women2-changed-history1.html