رفضت الولايات المتحدة طلبًا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا لمنح إعفاءات واسعة للشركات الأوروبية العاملة في إيران، قائلة إنها ستمضي قدمًا بفرض عقوبات تهدف إلى ممارسة ضغط اقتصادي “غير مسبوق” على نظام طهران، حسبما قال مسؤولون أمريكيون وغربيون لأخبار إن بي سي.
وردًا على رسالة من القوى الأوروبية في 4 يونيو، كتب وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوشين، أن إدارة ترامب لن توافق على حماية واسعة النطاق للشركات الأوروبية العاملة في إيران، وبدلًا من ذلك ستمنح استثناءات محدودة فقط على أساس الأمن القومي أو لأسباب إنسانية.
وأتت الرسالة الصارمة في الوقت الذي قام فيه البيت الأبيض بتصعيد خطابه تجاه إيران، واتهم طهران بالتآمر لشن هجمات إرهابية في أوروبا، وتعهد بتدمير اقتصاد البلاد.
وتشير الرسالة الصادرة من إدارة ترامب إلى الخلاف الأخير في علاقة الولايات المتحدة المتوترة مع الحلفاء الأوروبيين، والتي تفاقمت بسبب انتقادات الرئيس الحادة لشركاء الناتو هذا الأسبوع أثناء زيارته لبروكسل.
وبعد انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو، تعتزم إدارة ترامب إعادة فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية على إيران، بما في ذلك إجراءات تهدف إلى عزل القطاع المالي لطهران عن البنوك الغربية، وسوف تدخل أول موجة من العقوبات حيز التنفيذ في أغسطس، يليها موجة أخرى في نوفمبر.
وقالت الرسالة، بحسب المسؤولين الأمريكيين والغربيين، إن الاتفاق النووي الإيراني الذي فرض قيودًا على برنامج إيران النووي في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية فشل في ضمان سلامة الشعب الأمريكي.
وتعتزم الإدارة الإبقاء على العقوبات المفروضة على إيران إلى أن ترى الولايات المتحدة تحولا ملموسًا وواضحًا ومستدامًا في السياسات التي قامت بذكرها.
ونتيجة لذلك، كتبت الإدارة الأمريكية: “إن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها باستثناء هذه السياسة إلا تحت ظروف محددة للغاية تفيد أمننا القومي بوضوح”. كما أشارت الرسالة إلى استثناءات لأغراض إنسانية، ورفضت وزارة الخارجية التعليق.
وتعارض القوى الأوروبية الثلاث، التي وقعت أيضا على الاتفاق النووي مع روسيا والصين الانسحاب الأمريكي وتعمل على الحفاظ على الاتفاق من الانهيار.
وفي الشهر الماضي، كتب وزراء الخارجية والمالية في بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى نظرائهم في واشنطن قائلين إن حكوماتهم تعتقد أن الصفقة النووية الإيرانية تستحق الحفاظ عليها لأنها توفر أفضل فرصة لمنع إيران من التسلح النووي، وطلبوا من أمريكا عدم اتخاذ أي إجراء لمنعهم من التخفيف من العقوبات المفروضة على الإيرانيين كما هو مذكور في إطار الاتفاق.
وقال الوزراء في رسالتهم، إنهم يتوقعون من أمريكا باعتبارها حليف وثيق، عدم فرض عقوبات ضد الشركات الأوروبية التي تقوم بأعمال في إيران، وطلب الوزراء من الولايات المتحدة الامتناع عن معاقبة الشركات في قطاعات تجارية معينة، بما في ذلك الطاقة وتصنيع السيارات والطيران والبنية التحتية ومجال الأدوية.
وبدون بعض الحماية من واشنطن، لن يكون أمام معظم الشركات الأوروبية الكبرى خيار سوى الانسحاب من إيران، لأنها لا تستطيع أن تفقد إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية، أو تعريض قدرتها لتمويل الصفقات بالدولار الأمريكي للخطر.
وبالنظر إلى الخطاب التصادمي لإدارة ترامب حول إيران، قال دبلوماسيون أوروبيون إنهم لا يستغربون ممانعة أمريكا لوضع استثناءات للشركات الأوروبية، وقال مسؤولون أوروبيون وخبراء ان حديث الرئيس دونالد ترامب ونوابه، أوضح أن الولايات المتحدة عازمة على شن حرب اقتصادية على ايران.
وفي بيان في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مسؤول رفيع بالوزارة: “اننا جادون جدًا، وعازمون على إعادة فرض عقوباتنا التي تم رفعها بموجب الاتفاق النووي الإيراني”.
وكجزء من حملة الضغط الاقتصادي، يضغط كبار المسؤولين الأمريكيين من وزارات الدولة والخزانة على حلفاء وشركاء في جميع أنحاء العالم لخفض مشترياتهم من النفط الإيراني في الوقت الذي يناشدون السعودية زيادة إنتاجها النفطي لمنع أي خلل كبير في أسواق الطاقة.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن وفدًا أمريكيًا قام بثلاثة أيام من المحادثات في السعودية هذا الشهر “لبحث مشاكل الطاقة والدبلوماسية والأمن والضغوط الاقتصادية” على إيران.
وأكدت تعليقات المسؤول على تصاعد التوتر الأمريكي مع إيران، ووفقًا لتقرير في أكسيوس، فقد شكلت إسرائيل والولايات المتحدة مجموعة عمل مشتركة في الأشهر الأخيرة للمساعدة في دعم المعارضة الداخلية لنظام طهران، وفي مؤتمر صحفي في بروكسل يوم الخميس، قال ترامب إنه “قد يكون هناك تصعيد بيننا وبين الإيرانيين”.
وكشف بومبيو النقاب عن خطط رئيسية في 22 يوليو بعنوان “دعم الأصوات الإيرانية” بعد إصدار سلسلة من التغريدات التي تؤيد الاحتجاجات الإيرانية وتشير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين شباب البلد.
وكتب بومبيو في 27 يونيو: “لقد تعب الناس من الفساد والظلم وعدم الكفاءة من قادتهم، العالم يسمع صوتهم”.
ويقول بعض منتقدي الإدارة، بمن فيهم السناتور تيم كين، أن الانسحاب من الصفقة الإيرانية بالإضافة إلى تصريحات الإدارة العامة، تزيد من خطر نشوب حرب محتملة مع إيران.
وكتب كين في صحيفة ذي أتلانتك: “أخشى أن تكون الولايات المتحدة على شفا التخبط في حرب أخرى غير ضرورية مع جار العراق المجاور”.