ندم قادة حماس على التحدث عن علاقاتهم المتجددة مع إيران وفقًا لما ذكرته بعض المصادر، وقد أوصى بعض المستشارين الأجانب حركة حماس بأن تتوقف عن تفاخرها.
وينتقد المستشارون الاجتماعات العامة المتعددة التي عقدها بعض قادة حماس مع شخصيات إيرانية، وقال مصدر مقرب من الدائرة الداخلية لحماس للمونيتور شرط عدم ذكر اسمه، أن حماس تعيد الآن النظر في سلوكها.
وبحسب المصدر، فإن قادة حماس سيعقدون اجتماعًا قريبًا لبحث الوضع ومحاولة التخفيف من التداعيات، وتعتقد حماس أن الدعاية قد ألحقت الضرر بالشعب الفلسطيني بشكل عام وحركة حماس بشكل خاص، وحرضت الشعب الإيراني على القضية الفلسطينية.
يأتي هذا التقرير في الوقت الذي يواصل فيه الإيرانيون الاحتجاج على اقتصاد بلادهم المضطرب بشكل متزايد وانهيار العملة، وإنفاق مليارات الدولارات في حروب إقليمية على حساب اقتصاد البلاد المكافح ورفاهية المواطنين الإيرانيين، ومن بين الهتافات التي هتف بها المحتجون: “اتركوا سوريا وفكروا بنا” و “لا لغزة، لا للبنان”، وقد سمع البعض في الآونة الأخيرة وهم يصرحون “الموت لفلسطين”، مما يشير إلى استيائهم من مساعدة النظام لحماس والجهاد الإسلامي.
وبعد سنوات من العلاقات المتوترة -لرفض حماس الإبقاء على الخط الإيراني في سوريا ودعم الرئيس بشار الأسد ضد الثورة الإسلامية- تمكنت حماس في العامين الماضيين من استعادة العلاقات مع المعسكر الإيراني.
وقد تفاخر يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة، في مناسبات متعددة حول اتصالاته مع قائد قوة القدس الإيرانية، قاسم سليماني.
ودخلت حماس بتباهيها بالتقارب مع طهران في فخ إسرائيل، حيث تحرص إسرائيل على وصف الحركة الإسلامية بأنها دمية بيد إيران، وسهّل هذا التفاخر من تشويه صورة المسعى السلمي لحماس، بوصفها مؤامرة إرهابية من صنع إيران.
وقد ظلت حماس على اتصال منذ سنوات مع مسؤولين أجانب ومفكرين، حيث نصحوها بتغيير ميثاقها وتعديل سلوكها، ومحاولة اتباع أساليب جديدة واعتناق المقاومة السلمية.
وامتثلت حماس وبدأت في “مسيرة العودة العظيمة” بدون عنف، وتحولت لمأساة كبيرة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 155 متظاهرًا فلسطينيًا وأصابت 15500 شخص.
ومنذ الانتخابات الداخلية لحماس في فبراير 2017، والتي جاءت بعد أربع سنوات من العزلة الشديدة لقطاع غزة، تبنت حماس استراتيجية الانفتاح على الجميع، بغض النظر عن الأيديولوجية.
لذا قامت الحركة بإصلاح علاقاتها مع إيران والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رغم الانتقادات الشرسة من نظرائها الإسلاميين، وتحاول حماس الآن إصلاح العلاقات مع النظام السوري والسلطة الفلسطينية.
وتحرص حماس على راحة أعضائها، وتحاول أن تظهر لعدوتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية بأنها ليست معزولة، ساعيةً إلى إعادة صياغة نفسها للعالم العربي والغرب.
وقامت حماس بتغيير ميثاقها في مايو 2017 ليشمل قبول الحل القائم على دولتين استنادًا إلى حدود ما قبل عام 1967؛ كما أكدت على أن عدو حماس ليس اليهودية وإنما الصهيونية، ونأت الحركة بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين القومية، وأصرت على أن حماس لا تسعى للتدخل في شؤون الدول العربية الأخرى، وشددت على روابط الحركة بالفلسطينيين على حساب الحركة الإسلامية.
بيد أن تفاخر حماس الأخير بشأن علاقاتها مع إيران يكفي لهدم جميع الإصلاحات.
وقال أحد أعضاء حماس للمونيتور بعد أن طلب عدم الكشف عن هويته: “يتوجب على إيران أن تعيد النظر في علاقتها مع إيران، لا أن تعيد النظر في إعلاناتها عن هذه العلاقات”.
ويستخدم القادة الإيرانيون القضية الفلسطينية لتسجيل نقاط سياسية داخل إيران وخارجها مبررين اعتداءاتهم في جميع أنحاء المنطقة باسم فلسطين.
وقال حسن نصر الله، زعيم حزب الله: “الطريق إلى تحرير القدس يمر عبر سوريا، بالإضافة إلى ذلك، فإن حماس لا تتلقى أي دعم كبير من المعسكر الإيراني، إنما في الغالب مجرد لغة فارغة، وأحيانًا مجرد مساعدات مالية صغيرة ومتفرقة للحد الأدنى الذي يحافظ على علاقاتها مع حماس”.
وفي عام 2016، تم تسريب مكالمة خاصة من موسى أبو مرزوق، النائب السابق لرئيس المكتب السياسي لحماس، يقول فيها: “إن إيران لم تقدم أي مساعدة لوجستية أو اقتصادية لحماس منذ عام 2009 وأن جميع مزاعمها حول المساعدات أكاذيب”.
ويكرر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي من وغيره من الأشخاص بالمعسكر الإيراني نفس الرواية حول الكيفية التي يهدف إليها تورط إيران العسكري الإقليمي لمواجهة “الأدوات الأمريكية والصهيونية”، أي الدولة الإسلامية وغير المؤمنين الذين من وظيفتهم إلهاء المسلمين عن القضية الفلسطينية والنضال ضد إسرائيل.
وعلى الرغم من هذا، وبغض النظر عن حجم المساعدات التي تقدمها إيران، فمن المرجح أن تعلق حماس علاقاتها مع طهران، حيث لا تستطيع الحركة تحمل خسارة حليف واحد، وهي في أمس الحاجة إلى كل المساعدة التي يمكن أن تحصل عليها.