انتقل الرئيس دونالد ترامب مرة أخرى إلى تويتر لانتقاد أوبك لرفع أسعار النفط، حيث أصبحت المجموعة هي كبش الفداء لإلقاء اللوم عليها بسبب ارتفاع أسعار البنزين، ولن يساعد حثها لضخ المزيد من النفط الخام لخفض الاسعار بشكل يذكر، والحل الأمثل لخفض الأسعار هو تغيير سياسة ترامب نحو إيران.
وهو ما ليس محتملًا حدوثه لسوء الحظ، وبالتالي ستستمر أسعار النفط في الارتفاع، وقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 50% خلال عام، وبلغت ما يقارب 80 دولارًا للبرميل في الأسبوع الماضي، حيث توقع المتداولون أن يتقلص احتياطي النفط العالمي بشكل خطير لتعويض انقطاع الإمدادات.
وهذا مالا يفهمه ترامب، فعندما تدخل العقوبات على إيران حيز التنفيذ في نوفمبر، لن يملك المنتجون المجال للتعويض عن ناتجها المفقود، وإذا نجح ترامب في وقف جميع صادرات النفط الإيرانية، فسيتعين عليه إيجاد ما يعادل 2.7 مليون برميل يومياً من الإمدادات الإيرانية، ما يعد ثغرة كبيرة لسدها.
وإذا لم يتمكنوا من فعل ذلك، ستكون التكلفة باهظة، فوفقًا لبنك أوف أميركا ميريل لينش، فإن الإغلاق الكامل للمبيعات الإيرانية قد يدفع أسعار النفط إلى ما فوق 120 دولارًا للبرميل إذا لم تتمكن السعودية من المواكبة.
وقالت السعودية يوم الأربعاء إنها ضخت نحو 10.5 مليون برميل من النفط الخام يوميًا خلال الشهر الماضي قبل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مجموعة أوبك في فيينا، وتعد هذه الزيادة بمقدار 500 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من شهر مايو، مما يجعلها أكبر قفزة شهرية في إنتاج المملكة منذ يونيو 2004.
ضغط الغاز
بلغت الأسعار أعلى مستوياتها منذ عام 2014، قبيل انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر.
إلّا أن المشكلة الحقيقية، أن تلك القفزة في إنتاج السعودية، يجب أن تظهر كزيادة مماثلة في إجمالي أوبك، وهو مالم يحدث، فقد كانت الزيادة كبيرة للغاية بسبب الانخفاض من أماكن أخرى في المجموعة، بالإضافة إلى خسارة 350 ألف برميل يوميًا من الإمداد الكندي من النفط الرملي، مما أدى إلى التغلب على كل الدعم المقدم من السعودية.
والحقيقة البسيطة هي أنه لا يوجد احتياطي من الطاقة الإنتاجية قد يكفي العالم ليحل محل الخسارة الكاملة للصادرات الإيرانية. ويمكن للمملكة العربية السعودية زيادة الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل في اليوم على الفور وقد تذهب إلى 12.5 مليون في غضون ستة أشهر، وفقًا لما قاله ولي العهد محمد بن سلمان، في مقابلة مع بلومبرغ في عام 2016.
ولم يقل أي شيء منذ تلك المقابلة لاقتراح تغيير الأرقام، وقالت وكالة الطاقة الدولية في ذلك الوقت إن الاقتراب من 11 مليون برميل، سيتطلب زيادة في تكلفة الإنتاج البحري.
وبحسب الأرقام الرسمية المقدمة لأوبك، فإن أكثر ما ضخته المملكة العربية السعودية في المتوسط الشهري هو 10.72 مليون برميل في اليوم في نوفمبر 2016، وأي شيء أبعد من ذلك يعدُ مجهولًا.
هذا بالطبع لا يعني أنه مستحيل، ولكنه فقط غير مؤكد، كل ما يمكننا أن نقوله على وجه اليقين في هذه المرحلة هو أن لديها حوالي 200 ألف برميل يوميًا من القدرة الاحتياطية التي يمكن تقديمها على الفور.
قرب القمة
يقترب إنتاج السعودية من النفط من أعلى مستوى له على الإطلاق، حتى قبل فرض عقوبات إيران.
وقد يكون هناك مئتي ألف برميل يوميًا في الإمارات العربية المتحدة والكويت، وما يصل إلى 500 ألف في المنطقة المحايدة المشتركة بين السعودية والكويت، وقد ظلت الحقول هناك خاملة منذ عام 2015 بعد أن أغلقتها السعودية لأسباب بيئية، وهناك الآن اقتراحات بأنه يمكن إعادة فتحها في الأشهر القادمة.
وقد تمتلك بقية أوبك مائة ألف برميل من الطاقة الاحتياطية، ومن خارج المنظمة، بدأت روسيا بالفعل في تعزيز إنتاجها، ولم تشارك روسيا أبدًا في تقدير رسمي لمقدار القدرة الإنتاجية غير المستقرة التي يمكن أن تستعيدها.
وتختلف التوقعات من 215 ألف برميل يوميًا من شركة رينيسانس كابيتال إلى نحو 500 ألف برميل من شركة غازبروم نفط التي تحتل المرتبة الثالثة في الدولة.
ولكن ضخ حوالي 1.5 مليون برميل يوميًا من النفط البديل ليحل محل النفط الإيراني ليس كافيًا.
قد يوفر تحرير النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي في الولايات المتحدة إجابة نظرية قصيرة الأمد، ولكن لن ينجح ذلك.
فقد بدأت المصافي الأمريكية في النضوب بالفعل، لذا سيتعين البدء في تصدير أي إمدادات إضافية من الاحتياطي الاستراتيجي وسيستغرق الأمر بضعة أشهر لحصول المصافي الآسيوية عليه.
وفي تغريدته على تويتر، قال ترامب: “يجب أن يتذكر احتكار أوبك أن أسعار الغاز مرتفعة وأنهم لا يقدمون الكثير للمساعدة، فكل ما يفعلونه هو زيادة الأسعار في الوقت الذي تدافع فيه الولايات المتحدة عن الكثير من أعضائها مقابل القليل جداً من الدولارات، يجب خفض الأسعار الآن!”
ومن الواضح، كما قال مستشار الطاقة في تقرير الأسبوع الماضي: “إما أن مستشاري الرئيس ترامب لا يفهمون سوق النفط أو أنه ببساطة لا يستمع إليهم”.
هناك طريقة واحدة يمكن أن يحقق بها الرئيس انخفاض الأسعار وهي إعادة فرض العقوبات على إيران بطريقة أكثر تدرجًا، بدلاً من فرضها مرة واحدة يوم 4 نوفمبر. ومن المؤكد أن يطيل هذا أمد العملية، لكنه سيخفف أيضًا الضغط على أسواق النفط وأسعار البنزين المهمة، ولكن للأسف، لا يبدو أن الصبر من فضائل ترامب.
قد يبدو ضخ المزيد من النفط الخام في السوق سببًا لتقليص المخاوف من نقص الإمدادات عندما تبدأ عقوبات ترامب على إيران في النفاذ، ولكن أي تخفيف سيكون قصير الأمد، وستعكس أسعار النفط ذلك.