نشرت صحيفة «الجارديان» تقريرا لمراسلها للشؤون الإيرانية سعيد كمالي دهقان، تحت عنوان «تنامي مخاوف وقوع صراع أمريكي إيراني في مضيق هرمز».
ويقول دهقان إن نذر مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران تتجمع في مضيق هرمز، بعد تهديد طهران بأن تغلق الممر الملاحي الحيوي؛ ردا على العقوبات الأمريكية المحتملة الوشيكة على صادرات النفط الإيراني، وهو تهديد قالت واشنطن إنها سترد عليه مباشرة.
ويشير التقرير، إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطالب الدول جميعها بالتوقف عن استيراد النفط من إيران، في تاريخ أقصاه الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، ضمن سياستها “العدائية” الجديدة، بعد انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني.
وتذكر الصحيفة أن رد الرئيس الإيراني حسن روحاني كان حاسما في زيارة نادرة له لأوروبا هذا الأسبوع، من خلال التلميح إلى أن بلاده قد تحدث خللا كبيرا في صادرات النفط الخام من المنطقة، وتقطع تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية.
وينقل الكاتب عن قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي تقوم قواته بدوريات في مضيق هرمز، الذي يمر فيه خمس إنتاج النفط العالمي في ناقلات، قوله أمس إنه على استعداد لتنفيذ وعيد روحاني إذا تطلب الأمر، ونسب إلى قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، قوله لوكالة الأنباء شبه الرسمية «تسنيم»: «سنجعل العدو يفهم أنه إما يستخدم الجميع مضيق هرمز أو لا أحد».
ويورد التقرير نقلا عن متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية بيل إيربان، قوله ردا على ذلك، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحافظون على أمن المنطقة، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي، وأضاف: «سنؤكد معا حرية الملاحة وحرية تدفق البضائع، بحسب ما يسمح به القانون الدولي».
وتعلق الصحيفة قائلة إن التهديدات الأخيرة ستعيد ذكريات الثمانينيات من القرن الماضي والحرب العراقية الإيرانية، عندما هاجمت القوات الأمريكية المياه الأقليمية الإيرانية، بعدما تعرضت سفينة أمريكية لحقل ألغام إيراني.
ويلفت دهقان إلى أن روحاني عاد إلى طهران يوم الثلاثاء، بعدما حاول الضغط على القادة الأوروبيين؛ من أجل تقديم رد حاسم على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، وقال في سويسرا: «زعم الأمريكيون أنهم سيوقفون النفط الإيراني، وهم لا يعرفون معنى هذا الكلام؛ لأنه لا معنى لأن يتوقف النفط الإيراني فيما يتم تصدير بقية نفط المنطقة”، وأضاف: “لو كنتم تستطيعون هذا فافعلوه، ودعونا نرى النتيجة».
ويذهب التقرير إلى أن مصير الاتفاقية النووية في مهب الريح بعد خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منها في أيار/ مايو، وإعادة فرض العقوبات على إيران، رغم مقاومة الدول الأوروبية، والتزام إيران بشروط الاتفاقية، كما شهدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم مطالب أمريكا الأولية وقف استيراد النفط الإيراني بحلول الخريف، إلا أنها قد تمنح استثناءات مؤقتة للدول التي تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني، مثل الصين وتركيا والهند.
وينقل الكاتب عن الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيلي جيرمانة، قولها إن إيران لا تنظر للاتفاقية النووية من خلال منظور الاقتصاد، بل عبر المنظور الأمني والسياسي، وأضافت أن سياسة إدارة ترامب لم تكن الخروج من المعاهدة النووية، بل استحالة الحفاظ عليها.
وتقول جيرمانة إن رسالة روحاني أثناء زيارته لأوروبا كانت «أولا، تتوقع إيران مواقف صلبة من الأطراف كلها في المعاهدة الإيرانية، والحفاظ على القنوات الاقتصادية، وثانيا تصدير النفط وحصتها من السوق هما خط أحمر بالنسبة لإيران».
وتضيف جيرمانة: «لو مضى ترامب وضغط على صادرات النفط الإيرانية، فإن طهران ستقوم بالتصعيد ضد الولايات المتحدة، وتفرض تكاليف مباشرة على أسعار النفط العالمي، وهذا موضوع في جوهر الأمن القومي، وتقف وراءه المؤسسة السياسية».
ويجد التقرير أنه رغم خروج أمريكا من الاتفاقية، إلا أنها لم تنهر، حيث تحاول أوروبا إنقاذها، وكما تقول جيرمانة فإنه من المتوقع من أوروبا تقديم حزمة اقتصادية قوية.
وترى الصحيفة أن «الرهان الكبير هو على مستقبل روحاني السياسي، وكان الاتفاق هو إنجازه الذي منحه فترة ثانية في الحكم، إلا أن عدوانية ترامب فتحت الباب أمام المتشددين المعارضين لروحاني، بشكل يجعله مثل البطة العرجاء».
وتختم «الجارديان» تقريرها بالإشارة إلى أن هجوم ترامب فاقم من مصاعب البلاد الاقتصادية والاحتجاجات وتراجع العملة، حيث شدد المتشددون حملتهم على روحاني، وحملوه مسؤولية المشكلات الاقتصادية والاحتجاجات.