أثار انتشار الشغب في إيران احتمالية قيام احتجاجات أوسع نطاقاً ضد الحكومة الإيرانية، حيث تواجه القيادة السياسية في طهران ضغوطاً متزايدة من إدارة ترامب لخفض مبيعات النفط في البلاد.
وخرج مئات الأشخاص إلى الشوارع في مدينة خورامشهر خلال عطلة نهاية الأسبوع في مظاهرة نجمت عن غضبهم من تعكر مياه الشرب، وتحولت المظاهرة إلى تعبير عن مظالم أكبر ضد الحكومة في طهران.
وجاء هذا الاضطراب بعد أن احتشد آلاف الأشخاص في سوق البازار في طهران الأسبوع الماضي، حيث تناضل حكومة الرئيس روحاني للتعامل مع البطالة المتصاعدة وانهيار العملة وغيرها من المشاكل الاقتصادية.
وتوقفت الأعمال في البازار لعدة أيام، وعلى صعيد آخر، في خورامشهر، انتشرت عدة مقاطع فيديو يوم الجمعة على مواقع التواصل الاجتماعية يظهر أحدها حشودًا كبيرة تردد “الموت لروحاني”، وفي البعض الآخر، ظهر تصادمًا لقوات الأمن مع بعض الأشخاص وهم يضرمون النيران في الشوارع، وعلى الرغم من سماع صوت طلقات نارية في بعض المقاطع، إلاّ أنه لم يتم التحقق من صحتها.
وقال مسؤول بوزارة الداخلية الإيرانية، إن عشرة من ضباط الشرطة أصيبوا في اشتباكات يوم السبت، وأفادت السلطات بعدم وجود وفيات.
وقد أدت المشاكل الاقتصادية والشكاوى السياسية إلى موجة من الاحتجاجات الشعبية في أوائل هذا العام في أكثر من 100 مدينة إيرانية، في أكبر توبيخ علني لحكام إيران على مدار عقد من الزمان، وقمعت قوات الأمن إلى حد كبير تلك المظاهرات.
وفي يوم الأربعاء، أعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن دعمه لمتظاهرين طهران، وقال بتغريدة على تويتر: “أن الإيرانيين سئموا من الفساد والظلم وعدم كفاءة قادتهم”.
وحذرت الولايات المتحدة مؤخرًا مشتري النفط الإيراني من أنهم قد يواجهون عقوبات أمريكية إذا لم يقطعوا علاقاتهم التجارية بحلول الرابع من نوفمبر، حيث تسعى واشنطن إلى زيادة الضغط على طهران للحد من برنامجها النووي وتطوير الصواريخ وتقليل أنشطة الجيش الإقليمية.
وانسحب الرئيس ترامب في مايو من الاتفاق النووي الايراني الذي منح إيران تخفيفًا من العقوبات الدولية في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، وكانت الصفقة بين القوى العالمية الست وإيران من أولويات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “إيرنا” أن الحاكم ولي الله حياتي أعلن يوم الأحد أنه قد تم فرض النظام بعد الاشتباكات في خورامشهر.
وقال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي يوم الأحد: “بدأ بعض المتظاهرين بإثارة الشغب أثناء المظاهرات، واستغلّ آخرون هذه الفرصة لتعطيل النظام، ولهذا كانت الشرطة ملزمة بالقيام بواجبها وإلّا لن يكون هناك نظام”.
وقد حدثت الاحتجاجات الأخيرة في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وفقد الريال الإيراني نصف قيمته مقابل الدولار منذ بداية العام ملحقًا الضرر بالمستثمرين والمستوردين.
وكانت احتجاجات البازار ملحوظة بشكل خاص لأن طبقة التجار المحافظة في طهران تعد من المؤيدين الهامين للنظام الحاكم.
وعلى الرغم من صغر حجم الاحتجاجات مقارنة بالمظاهرات السابقة في بداية هذا العام، إلّا انها أبرزت حجم التحديات الهائلة التي يواجهها حكام إيران للتصدي لمحاولات أمريكا والسعودية لتقليص دخلها النفطي، وهو أمر يمكن بالفعل أن يزعزع الاستقرار بشكل خطير.
في حين أن المشاكل الكامنة وراء الاحتجاجات الأخيرة كانت موجودة قبل إدارة ترامب، ويقول المحللون إن الضغوط الأمريكية الجديدة ساعدت على إبراز الضغوط القديمة.
وقال كريم ساجادبور، المحلل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “إن استراتيجية ترامب هي إخضاع إيران لضغوط هائلة من أجل تحقيق واحدة من نتيجتين: استسلام النظام أو انهيار النظام، ومن الممكن أن تعمل هذه الاستراتيجية على تقوية قوات الأمن الإيرانية المتشددة أو تؤدي إلى صراع عسكري”.
وتعهد السيد روحاني بإخضاع أمريكا والانتقام منها، ردًا على الضغوط التي تمارسها في خطاب بثه التلفزيون الرسمي يوم الأربعاء، ولكنه لم يقدم الكثير من الحلول لمعالجة المشاكل التي تؤثر على الاقتصاد الإيراني.
وفي الأيام الأخيرة، أمر روحاني بخفض الإنفاق واتخاذ إجراءات في محاولة للإشراف على أسواق العملات ووقف تراجع الريال.
وعقب احتجاجات واضرابات البازار، أرسل ما يقرب من ثلثي أعضاء البرلمان الإيراني لروحاني رسالة تطلب منه إصلاح فريقه الاقتصادي.
وأعلن السيد روحاني يوم الأربعاء إن حكومته لن تستقيل، وألقى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي باللوم على أمريكا في الاضطرابات، ودعا النظام القضائي يوم الأربعاء للتعامل مع أي شخص يخل بالنظام الاقتصادي.
وقال يوم السبت إن الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين -في إشارة إلى دول الخليج العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية- كانوا يتعاونون في محاولة لقلب الشعب الإيراني ضد حكومته إلاّ أن هذه الجهود سوف تفشل.
وقال بعض المسؤولين الإيرانيين إن احتجاجات خورامشهر، والاضطرابات التي وقعت في 23 يونيو في عبادان حول تعكر مياه الشرب لم تكن مفاجأة.
حيث أظهر مقطع فيديو نشره “مركز حقوق الإنسان” في إيران على موقع “تويتر” يوم السبت، ماءًا بنيًا يتدفق من صنبور في مصرف موضحًا الصراع اليومي الذي يعاني منه الناس في خورامشهر.
وقال ممثل مدينة عبادان في البرلمان غلام رضا شرفي لوكالة أنباء العمال الإيرانية شبه الرسمية: “لقد مر عام ونصف منذ حذرت المسؤولين من وضع عبادان وخورامشهر، ولكن لا أحد أخذ ذلك على محمل الجد”. وقال إن الناس لم تكن لتهاجم إذا كان لديهم ماء وأمن.