اهتم الإيرانيون باللغة العربية منذ دخول الإسلام بلادهم، حيث أرادوا معرفة تلك اللغة التي كتب بها القرآن الكريم، لدراسته وفهمه في المقام الأول، ومن دراسة القرآن انتقل الاهتمام باللغة إلى الإبداع نفسه بكل ما يحويه من شعر ونثر على لسان الكتاب، لذا تذوقوا الإبداع العربي، وقاموا بترجمته منذ وقت طويل، وحتى العصر الحالي، وهو اهتمام لم يقتصر بالطبع على العنصر الفارسي، بل كان ضمن حالة من التأثير والتأثر بين الأدبين العربي والفارسي.
بداية
بدأت حركة الترجمة منذ القرنين الثاني والثالث في إيران، حيث ترجمت كتب العلوم المختلفة، كما اهتم الملوك السامانيون بترجمة العديد من الكتب العربية إلى الفارسية على أبرزها “تاريخ الطبري، وتفسير جامع البيان وكليلة ودمنة” وغيرها من الكتب.
كما ترجمت بعض الكتب في عصرها وقت حياة مؤلفيها، وهو الأمر الذي تم في عهد الدولة الكاكوية، ومن ثم تطور هذا الاهتمام على مدار التاريخ حتى الوقت الحالي، ولم تتوقف في أي وقت من الأوقات.
كتاب بعينهم
وقد ترجم الإيرانيون في العصر الحديث لكتاب بعينهم حظوا بشهرة كبرى داخل إيران كما حظوا داخل بلادهم، ومن هؤلاء أحمد أمين وتوفيق الحكيم وطه حسين وعائشة عبد الرحمن وعباس محمود العقاد وزكي محمد حسن ومصطفى صادق الرافعي ومصطفى لطفي المنفلوطي ونزار قباني ونجيب ومحفوظ.
أما أهم المترجمين الذين ترجموا من العربية إلى الفارسية فهم عباس خليلي وأبو الفضل طباطبائي وخديو جم وخليليان وأحمد آرام ومحمد باقر وعبد الحسين فرزاد وغيرهم.
أما من الأدب الفلسطيني فقد ترجم الإيرانيون أعمال لكتاب مثل غسان كنفاني وسميح القاسم وأحمد دحبور ومعين بسيسو ومحمود درويش الذي نالت أشعاره بشكل خاص اهتمام موسع داخل المجتمع الإيراني وترجم قصائده عدد من أهم مترجمي إيران.
كتب محبوبة
وهناك اتجاه إيراني لعدد من الكتب المترجمة للعربية، مثل كتب كتاب بعينهم كأعمال نجيب محفوظ، التي تعد من أكثر الأعمال شعبية بين قراء الفارسية، وبالأخص ترجم كتاب “النبي” لجبران عشرات المرات، إضافة إلى رواية “ميرامار” لنجيب محفوظ التي تحظى بشعبية جارفة داخل المجتمع الإيراني.
كما حظت قصائد مختارة للفيتوري والبياتي باهتمام ملحوظ، إضافة إلى ديوان “أحلام الفارس القديم” لصلاح عبد الصبور، وكذلك مجموعة من القصائد لأمل دنقل.
الترجمة مصحوبة بالتاريخ
تميزت كل مرحلة تاريخية باتجاه معين ناحية ترجمة شىء بعينه، ففي الستينات كان هناك اهتمام بترجمة الأشعار الحماسية بشكل خاص، لذا ترجمت أعمال البياتي والفيتوري ومحمود درويش، ثم في السبعينات ومع الثورة الإسلامية ترجمت أشعار نفس الشعراء لكن ترجم بشكل خاص الأشعار التي تعبر عن غضب الشعراء لما يحدث في أوطانهم.
ومع انتصار الثورة ظهرت أشعار المقاومة العربية التي تناسب الجو الثوري المحيط، فترجمت أعمال سميح القاسم ومعين بسيسو ومظفر النواب وأحمد مطر، ثم وفي العقد الأخير من القرن الماضي ظهر نوع جديد من التراجم التي تهتم بالإنسانيات في المقام الأول، فصارت أشعار نزار قباني هي الأنسب لتلك المرحلة، وفي تلك المرحلة أيضًا تم ترجمة كتب الشاعرة سعاد الصباح التي ترجم لها عشرة دواوين شعرية مترجمة للفارسية بعضها دواوين متكررة، إضافة إلى الشاعرة غادة السمان التي ترجمت لها خمسة أعمال، يليها أدونيس الذي ترجم له أربعة أعمال.
أزمة
رغم ذلك الاحتفاء فهناك أزمة تخص ترجمة الأدب العربي، إذ لا يوجد اهتمام حكومي واضح ناحية الترجمة، فالترجمة تتم بشكل خاص وعلى نفقة دور النشر الخاصة، مما يجعل هناك ترجمة لأعمال بعينها دون التفات لآخر مهم، وكذلك ترجمة نفس العمل عدة مرات دون تنسيق مسبق ما بين دور النشر.