أعلنت القاعدة الجوية العسكرية التابعة للقوات الروسية في سوريا يوم الثلاثاء إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع أمريكا والأردن في جنوب غرب سوريا، مشيرة إلى خروقات الجماعات المتمردة.
وأتى هذا القرار في الوقت الذي بدأ فيه الرئيس السوري بشار الأسد هجومًا جديدًا لاستعادة واحدة من آخر المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في البلاد.
قاعدة حميميم، وهي مطار يقع في مقاطعة اللاذقية الساحلية الغربية، وهي واحدة من منشأتين عسكريتين روسيتين في سوريا، والأخرى هي قاعدة بحرية تبعد حوالي 40 ميلاً عن الساحل في طرطوس.
وبحسب ما ورد، فقد قصفت الطائرات الحربية الروسية أهدافًا يوم الإثنين في مقاطعة درعا بجنوب غرب البلاد، حيث اتفقت روسيا وسوريا في العام الماضي على وقف إطلاق النار مع الجماعات المتمردة التي تحاول الإطاحة بالأسد منذ انتفاضة عام 2011 بدعم من الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج العربية.
ونشرت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية على فيس بوك: «يمكن تأكيد نهاية فترة خفض التصعيد في جنوب سوريا بعد أن انتهكتها الجماعات المتطرفة والجماعات المسلحة غير الشرعية التي تعمل ضد القوات الحكومية السورية، في حين أن الاتفاق لا يزال قائمًا في محافظة إدلب السورية».
كما نفت القاعدة تقارير تفيد بسقوط ضحايا مدنيين في رسالة لاحقة، مؤكدة أن: «القاذفات الروسية لا تستهدف المواقع المدنية بأي وسيلة، فمهمتنا تقتصر على تدمير قواعد الإرهابيين التابعة لتنظيم (داعش)، من أجل دعم القوات البرية الصديقة التي تتقدم على الأرض».
وجاء في الانباء التي نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، أن القوات السورية اقتحمت المدن والقرى الجنوبية التي تسيطر عليها جماعات متمردة، بما في ذلك عناصر من الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام، وهو ائتلاف جهادي، تمت إضافته مؤخرًا إلى قائمة المنظمات الإرهابية المعترف بها في الولايات المتحدة بسبب علاقاتها بتنظيم القاعدة.
وقد دفعت المكاسب الحكومية السريعة «حركة تحرير الشام» إلى إصدار سلسلة من التصريحات تدعو الفصائل المتمردة إلى الاتحاد ضد الجيش، وأدانت أولئك الذين يحاولون حاليًا عقد صفقات للمصالحة مع دمشق”.
كما انهار اتفاق وقف إطلاق النار في الوقت الذي قصفت فيه الغارات الجوية مطار دمشق الدولي يوم الثلاثاء، وبينما لا يزال مدبر الهجوم مجهولًا، فقد أُلقي باللوم على إسرائيل، التي نادرًا ما تتحمل المسؤولية عن شن هجمات ضد أهداف إيرانية ومؤيدة لإيران في سوريا المجاورة. وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره في المملكة المتحدة أن الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربت “شحنة من الأسلحة الإيرانية” وصلت إلى المطار، بينما أبرزت الأنباء الروسية التي تديرها الدولة تقاريرًا تقول إن طائرة الشحن الإيرانية ربما كانت الهدف.
وذكرت وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية أن صاروخين إسرائيليين سقطا بالقرب من المطار الرئيسي في البلاد دون تحديد الهدف. وربطت القناة الهجوم الإسرائيلي المشتبه به باستعادة الجيش السوري لأجزاء كبيرة من الأراضي في درعا، حيث هرعت القوى الدولية لمنع تصعيد أكبر بين إيران وإسرائيل.
وتوقعت أمريكا وروسيا مفاوضات هادئة مع الأردن بهدف استبعاد القوات الإيرانية، والمؤيدة لإيران من المشاركة في الحملة السورية. وتعتبر إسرائيل وجودها استفزازياً وقد قصفت على مدى سنوات ممتلكات عسكرية يُزعم أنها مرتبطة بإيران.
وعندما ردت هذه القوات على الهجوم الإسرائيل المميت في الشهر الماضي بإطلاق صواريخ على مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، ردت إسرائيل بأكبر هجوم جوي لها على سوريا منذ حرب يوم الغفران عام 1973.
وعلى الرغم من معارضتهم للأسد، إلا أن الولايات المتحدة والأردن تراجعوا عن دعمهم للجماعات المتمردة، حيث أصبحوا مشبعين على نحو متزايد بالحركات الجهادية. وقالت واشنطن لقادة الجيش السوري الحر: «يجب ألا تبني قراراتكم على افتراض أو توقع تدخل عسكري من جانبنا» في رسالة صارمة نشرتها وكالة رويترز يوم السبت.
وذكرت الأردن مراراً أنه لن يمنح أي دخول لأي مقاتلين أو مدنيين يفرون إلى الحدود الجنوبية لسوريا مع المملكة الأردنية، مع تأكيد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن “حدودنا ستبقى مغلقة” في تغريدة يوم الثلاثاء.
وبحسب ما ورد فإن الجماعات المدعومة من إيران، مثل حركة حزب الله اللبنانية، قد انسحبت من جنوب غرب سوريا كجزء من اتفاق تم التوصل إليه مؤخراً، لكن إيران أكدت أنها لن تغادر سوريا ما لم تطلب منها الحكومة المحلية ذلك.
بيد أن الضربات الجوية الأخيرة في دمشق قد تشير إلى أن الصفقة قد انهارت أو أنها لم تستبعد الهجمات الإسرائيلية في أماكن أخرى من البلاد. وفي الأسبوع الماضي، قيل إن الغارات الجوية غير المطالب بها والتي ألقي باللوم فيها على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل قتلت العشرات -بما في ذلك الميليشيات العراقية- في محافظة دير الزور في أقصى شرق سوريا.
وقد رحب الأسد بكل من روسيا وإيران كشركاء في المعركة ضد المتمردين والجهاديين، لكنه دعا أمريكا وتركيا إلى سحب قواتهما على الفور. وفي أثناء انتقاده بشدة لاستهداف الولايات المتحدة وإسرائيل لقوات الحكومة الموالية لسوريا، فقد تمكنت العراق من الحفاظ على علاقات وثيقة مع كل من سوريا وروسيا وإيران بالإضافة إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.