وصف عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني حالة الاتفاق النووي الإيراني بأنها حرجة، في الوقت الذي حذر فيه من احتمال انسحاب «في الأسابيع القادمة» إذا لم تضمن طهران ضمانات مالية كافية من أوروبا.
أدلى عراقجي بهذه التصريحات يوم الجمعة في العاصمة النمساوية «فيينا»، حيث اجتمع الموقعون على خطة العمل المشتركة لمناقشة مستقبل الإتفاق النووي لعام 2015، عقب انسحاب أمريكا منه في الشهر الماضي.
ونقلت وكالة مهر للأنباء الإيرانية عن عراقجي قوله: «قلت في المؤتمر اليوم، أن خطة العمل المشتركة في وحدة العناية المركزة، لأنها فقدت توازنها نتيجة لانسحاب أمريكا من الصفقة».
وإلى جانب الوفد الإيراني، فقد حضر اجتماع فيينا ممثلون عن الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي.
ومن بين الضمانات التي طالب بها عراقجي، أن يتم حماية الشركات الأوروبية في إيران من العقوبات الأمريكية، وطالب أن تستمر معاملات النفط الخام الأوروبي من خلال البنوك الإيرانية في العمل بدون أي مشاكل.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن عراقجي قوله: «إن صبر إيران ينفذ، وهناك احتمال أن تغادر البلاد الصفقة في الأسابيع المقبلة».
وتأتي تصريحاته وسط تساؤلات متزايدة بشأن ما إذا كان بوسع الدول الأوروبية حماية الصفقة من العقوبات الأمريكية وسط تهديدات واشنطن بمعاقبة الشركات التي لا تزال تتعامل مع إيران.
ومن المتوقع أن تعود العقوبات الأمريكية في أغسطس ونوفمبر. كما فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات الإضافية على الكيانات والأفراد الإيرانيين، فضلاً عن الشركات الأجنبية في إيران.
تحول ترامب
وبموجب اتفاق 2015 الموقع في فيينا، وافقت إيران على تقليص برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد.
وفي المقابل، تم رفع العقوبات التي وافقت عليها الأمم المتحدة، وتم السماح لطهران باستئناف تداول النفط والغاز في السوق الدولية، كما تم تحرير ما يعادل 100 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة.
وكدولة موقعة على الاتفاق، تعهدت أمريكا – أثناء حكم باراك أوباما- بالتنازل عن العقوبات الأمريكية الثانوية طالما استمرت إيران في الالتزام بالاتفاق.
لكن ترامب المعارض للصفقة منذ فترة طويلة، مضى قدمًا وانسحب من الاتفاق على الرغم من التأكيدات المتكررة لمفتشي الأمم المتحدة بالتزام إيران بجانبها من الصفقة.
وفي الأسابيع التي أعقبت قرار ترامب، اتخذت أوروبا خطوات للدفاع عن الصفقة، بما في ذلك إعادة تفعيل «قانون الحظر» الصادر في عام 1996 والذي يحمي الشركات الأوروبية في إيران من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.
كما فوّض الاتحاد الأوروبي البنك الأوربي للاستثمار بتسهيل استثمارات الشركات الأوروبية في إيران.
وبعد تصريح ترامب، قالت عدة شركات أوروبية، من بينها شركة الطاقة الفرنسية توتال، إنها ستسحب استثماراتها من إيران، لتجنب العقوبات الأمريكية الثانوية.
وقال محسن ميلاني، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في جامعة جنوب فلوريدا، إن معضلة الحكومات في أوروبا تتمثل في كيفية منح طهران «ضمانات عملية» بأنهم سيستفيدون من الاستمرار في الصفقة- حتى مع تراجع الشركات الأوروبية عن الاستثمار في إيران.
وقال ميلاني لقناة الجزيرة: «إذا كان بإمكان إيران الحصول على بعض الضمانات، وبعض الحماية التي طلبوها، فإنها سبتقى مع الصفقة».
وأضاف أنه نظرًا لضيق الوقت المقرر لإعادة فرض العقوبات الأمريكية، يتعين على الحكومات الأوروبية أن تبرهن على قيامها بشيء يكفي لإبقاء القيادة الإيرانية.
وقال محلل إيراني، إن قرار البقاء أو الانسحاب من الاتفاق النووي، يعتمد في النهاية على المرشد الإيراني الأعلى.
البطاقة الأخيرة
وقالت هولي داجريس، وهي محللة أمريكية من أصل إيراني، إلى قناة الجزيرة، أن ألمانيا تتخذ بالفعل خطوات لمنع شركاتها من مغادرة إيران.
وأحدها هو إنشاء مكتب للعقوبات الإيرانية المتخصصة لمعالجة مخاوف الشركات الألمانية من العاقبة من قبل أمريكا.
وقال أرون ميرات، محلل إيراني يعيش في المملكة المتحدة، من غير المستبعد أن تتخلى إيران عن الاتفاق النووي، بل والانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي التي صدقت عليها في 1970.
وقال لقناة الجزيرة: «إيران لديها عدد محدود من الخيارات إذا لم تنجح الدبلوماسية مع الأروبيين، فالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، والاتفاق النووي، والتخصيب، هي البطاقات التي يتعين عليهم لعبها».
وأضاف أن النزاع القائم بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين بشأن التعريفات الجمركية قد يجعل من الصعب على أوروبا تحدي ترامب بشأن العقوبات الإيرانية.
وصرّح قائلًا: «حقيقة أن أمريكا تضع قيودًا تجارية على الصلب الأوروبي، يقلل من فرصة الأوروبيين في تحدي أمريكا بشأن العقوبات على إيران للأسف، وأعتقد أن أوروبا ستستخدم امتثالها للعقوبات الأمريكية كورقة تفاوض للتخلص من العقوبات الأمريكية على الفولاذ الأوروبي».
وقالت هولي داجريس، إن إدارة الرئيس حسن روحاني في إيران «تبذل قصارى جهدها» للبقاء في الاتفاق النووي لتثبت للعالم أن طهران تلتزم «بخطة العمل المشتركة الشاملة»، على عكس أمريكا.
ولكن في النهاية، قرار إيران بالبقاء أو الانسحاب من الاتفاق النووي يعتمد على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقد بدأ صبره بالنفاذ!