فتح الاتفاق النووي الإيراني المجال أمام مشروع أنبوب الغاز المتوقف بين ايران وباكستان ليخدم البلدين في تصدير الغاز لكل من باكستان وللهند والصين معا وتعاني باكستان من أزمة طاقة وكهرباء طاحنة، وتواجه البلاد انقطاعات مستمرّة للامداد الكهربائي.
لكن مع انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو الماضي، وإعادة فرض عقوبات جديدة طالت شخصيات وكيانات مرتبطة بطهران، وكذلك إنسحاب العديد من الشركات العالمية الأوروبية، زادت الشكوك حول المشروع.
مشروع الغاز
طرح المشروع لأول مرة منذ عشرون عامًا، كما ان الأنبوب الذي يبلغ من الطول 1682 كيلو مترًا، سينقل الغاز من جنوب إيران الى المدن الباكستانية منها جاودير و ناوباشاه. واكبر مدينة في باكستان كراتشي التي يبلغ عدد سكانها 27.3 مليون نسمة سوف تغذيتها بالغاز عبر انابيب غاز موجودة اصلا سيتم ربطها بمشروع انابيب السلام.
سيكون الأنبوب بتنفيذ وتمويل (وغطاء) صينيّ، اذ سيوقّع الاتفاق رسمياً خلال زيارة الرئيس الصيني للباكستان في الثلث الأخير من الشهر الحالي، وستموّل الصين القسم الأكبر (85%) من كلفة المشروع التي تقارب الملياري دولار على شكل قرضٍ للحكومة الباكستانية، فيما تتولى شركة النفط الصينية الوطنية -المملوكة من الحكومة- التنفيذ.
سيُبنى الأنبوب وفقًا لخطّة مدروسة لتلافي خرق العقوبات، اذ ستمدّه الصين كأنّه انبوب باكستاني «داخلي»، من مرفأ جوادار قرب الحدود الايرانية الى مدينة نواب شاه في قلب باكستان، حيث يتّصل بشبكة التوزيع الوطنية للغاز ويغذّي كراتشي وحيدر آباد والمدن الكبرى، أمّا وصل الأنبوب من جوادار الى الحدود الايرانية، فهو مسؤولية باكستان.
تمسك باكستاني
وتقول الولايات المتحدة الامريكية ان «هذا المشروع من شأنه أن يسهل لايران بيع كميات أكبر من الغاز، ما يعرقل الجهود المبذولة لمنع امتلاكها الاسلحة النووية»، وترى واشنطن ان «هناك طرقاً أخرى لتخفيف أزمة الطاقة المتفاقمة في باكستان».
وأكدت الحكومة الباكستانية أنها «لن ترضخ لأي ضغوط بشأن مشروع خط أنابيب الغاز بينها وبين ايران»، وقالت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني كهر: «مشروع خط انابيب الغاز بين باكستان وايران يصب في مصلحة بلادها، مضيفة «ان هذا المشروع سيكتمل بعض النظر عن الاعتبارات الخارجية».
عقبات
قال وزير النفط الباكستاني إن باكستان ملتزمة بمد خط لأنابيب الغاز من إيران المجاورة، ممّا يكلّف عدة مليارات من الدولارات، لكن العقوبات الدولية تجعل المشروع صعبا، وأضاف شاهد خاقان: «توجد التزامات تعاقدية بين باكستان وإيران».
وأنفقت إيران بالفعل مئات الملايين من الدولارات، وأكملت بناء معظم القطاع الذي يبلغ طوله 900 كيلومتر حتى حدود باكستان، لكن باكستان لم تحقق تقدُّما يذكر في بناء القطاع الذي سيمتدّ في أراضيها بسبب نقص التمويل وتحذيرات من انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وذلك من أن إسلام أباد تعاني من أزمة شديدة في الغاز.
وقال الوزير: «ثمّة عقبات في بناء الخط، فهناك خطر العقوبات سواء من الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة أو ربما الاتحاد الأوروبي، وهذا يحد من خياراتنا في بناء الخط»، وأضاف: «نأمل أن يبدأ البناء قريبا حالما تحل هذه المسائل».
عقوبات أمريكية
وحول تأثير قرار الرئيس الأمريكي، على إيران، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أن تقديرات رفعتها الاستخبارات الإسرائيلية للمسؤولين السياسيين، تشير إلى أن الخطوة الأميركية أتت بنتائج أفضل بكثير مما كان متوقعا.
وبحسب الصحيفة: «لكن وعلى الرغم من ذلك لا يزال مبكراً القول إن استقرار النظام الإيراني في خطر»، وأضافت: «قرار ترامب المذكور ألحق بإيران وبشكل مباشر أضراراً اقتصادية كبيرة، لجهة خفض الاستثمارات والعقود التجارية».
وأضافت الصحيفة أن «الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن الضغوط الاقتصادية المضاعفة، من الداخل والخارج تفاقم الخلافات الداخلية في صفوف قيادة النظام، حيث يتمحور جزء من هذه الخلافات حول موضوع المساعدات الإيرانية لمنظمات إرهابية ومليشيات تنشط في الشرق الأوسط، إذ تنفق طهران وفق بعض التقديرات، سنويا نحو مليار دولار، وتحول أموالاً أيضا لحزب الله ومليشيات تقاتل بالوكالة عن إيران إلى جانب نظام بشار الأسد في سورية، والحوثيين في اليمن ولحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة».
ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، فإن المعسكر المعتدل في القيادة الإيرانية «يؤيد تقليص حجم هذه المساعدات، وقد رفعت في بعض المظاهرات التي اندلعت في إيران مؤخراً، مطالب وشعارات تعارض تخصيص هذه الأموال لهذه الفصائل والمليشيات على حساب الشعب الإيراني».
وبحسب هذه التقديرات أيضاً، فإن القيادة الإيرانية قلقة من الضغوط التي تمارس عليها في الملف السوري، لتقليص وجودها العسكري خاصة في جنوب سورية، عند الحدود مع إسرائيل، وأن تحركات قاسم سليماني في الجولان وسورية، تثير معارضة داخلية في صفوف القيادة الإيرانية، تحسباً من تصعيد المواجهة العسكرية مع إسرائيل.