واشنطن بوست
أملت السعودية أن يفوز دونالد ترامب في انتخابات 2016 وذلك بسبب وعوده بتغيير السياسة تجاه إيران والشرق الأوسط، فلم تكن سنوات أوباما جيدة بالنسبة للسعوديين، وما زال العديد منهم يلومون باراك أوباما على معظم الأحداث التي وقعت في المنطقة خلال فترة رئاسته.
تعد المشكلة الرئيسية هي إيران حيث يعتقد السعوديون أن أوباما سمح لطهران بتوسيع نفوذها الإقليمي وبأن أولوية الحصول على اتفاق نووي طغت على أمور أكثر أهمية، مثل العنف المستمر في سوريا.
بالنسبة لأوباما، كان الخيار المطروح أمامه هو مواجهة إيران أو تقاسم المنطقة معها، فهل سيكون الرئيس ترامب مختلفًا؟ هل سيتولى زمام الأمور بحزم وشدة كما تأمل الرياض؟
إن عداء الرئيس ترامب للنظام الإيراني واضحًا، فقد انسحب من الاتفاق النووي، وكسب ثناء السعوديين والإسرائيليين، وأعاد فرض العقوبات.
وبحسب ما ورد فقد شنت إسرائيل غارات جوية مستهدفة على مواقع إيرانية في سوريا، لكن إيران ما زالت متمسكة بموقعها في البلاد. بل وتمارس المزيد من السلطة في لبنان أكثر من أي وقتٍ مضى، وليس هناك حاجة لذكر تأثيرها المتزايد في العراق.
والجدير بالذكر أن إيران لا تحتاج للكثير كي تحافظ على وجودها في سوريا، فهي تساعد الرئيس بشار الأسد في إخماد التمرد ضد نظامه القمعي. وبمساعدة الروس، نجح الأسد وإيران في القضاء على المتمردين الذي رفض العالم تسلحيهم أو حمايتهم. فقد تم إخراجهم بكل وحشية وقسوة من مدنهم.
ويقال إن إيران تنسق الآن التغيرات الديموغرافية والثقافية في مناطق معينة من سوريا من خلال القمع والتشريد.
بطبيعة الحال، يجب أن يتم كل هذا دون صراع مفتوح مع إسرائيل. فالاستحواذ على الإسرائيليين، يعني أن الترويكا ستحرم من أكبر جائزة لها: الاستحواذ على سوريا في المستقبل.
كما يجب الأخذ في الاعتبار بأن استهداف إسرائيل للمواقع الإيرانية في سوريا هو محاولة لتحديد قواعد الاشتباك. إن إخراج إيران من سوريا يتطلب تدخلًا بريًا، وهو السبب الذي جعل الإسرائيليين يطلبون من السعودية التعاون معهم علنًا لإكمال تلك المهمة ضد إيران.
فهل الرياض مستعدة لهذا التحدي؟
إن ما يجري في المنطقة الآن معقد، ويحدث تحول تاريخي، حيث تنشر إيران فكرًا طائفيًا يتنافى مع عصرنا. فمن بين 20 مليون سوري، غادر 11 مليون منازلهم.
في مايو، اقترحت حكومة الأسد المادة 10 التي تشترط على المواطنين العودة إلى ديارهم في غضون 30 يومًا أو أن يتم مصادرة ممتلكاتهم إلى الأبد.
ومع استمرار الحرب في العديد من المناطق، والدمار الهائل في كل المدن، سيجبر هذا القانون الملايين على البقاء مشردين أو لاجئين وسيعيد تشكيل المنطقة.
ومن المحتمل أن يكون السكان الجدد من الشيعة السوريين من الشمال والشيعة من العراق الذين سيعيدون بناء دولة كانت سنية بأغلبية ساحقة لعدة قرون. وستؤدي هذه التغييرات إلى عكس التاريخ الذي جعل من الشيعة هم الأقلية، والمسلمين هم الأغلبية الحاكمة.
ويمهد نظام الأسد وإيران الطريق لحرب طائفية في المستقبل. حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قال الأسبوع الماضي في باريس أن إيران يمكن أن “تشعل حربًا دينية أخرى” مما سيؤدي إلى زيادة الهجرة إلى أوربا.
وسوف تنتظر الأغلبية السنية الضعيفة بكل أسى مرارة الانتقام، ومالم يصبح الوضع المتدهور في الشرق الأوسط مهمًا لأمريكا، فإن الوضع سيزداد سوءًا، ويجب إنقاذ المنطقة من إيران.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يدرك أن ترامب ليس مستعدًا لاتخاذ إجراء مباشر ضد طهران، وهو حريص على القضية المشتركة مع نتنياهو.
وعلى الرغم من كل الضجيج الذي تحدثه إسرائيل فلن تجازف بتل أبيب أو يافا لكي تبعد إيران من دمشق وحلب.
وكان ترامب على حق في دعوة السعوديين على وجه الخصوص للعب دور أكبر في سوريا، فإذا كانت المملكة العربية السعودية تشعر بقلق حقيقي إزاء الوجود الإيراني في سوريا، فعليها أن تسعى إلى إخراج طهران بنفسها لا أن تنتظر من أمريكا وإسرائيل القيام بذلك.
عندما يتمكن السوريون من الحصول على الحرية التي طالبوا بها منذ عام 2011 فحينئذ فقط سوف تجبر إيران على الخروج من اللعبة.