يبدو أن الاتفاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الكوري الشمالي، كم جونغ أون، انعكس على الموقف الإيراني، حيث أكد «ترامب» أن سلوك إيران سيتغير، وأن طهران ستقبل بمفاوضات جديدة.
وقال «ترامب» خلال مؤتمر صحفي عقد بعد قمته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أمس الثلاثاء، في سنغافورة: «إن تغيرات مهمة طرأت على إيران وتوجهاتها السياسية في الفترة الأخيرة».
وأضاف: «أمل بأنهم سيعودون لبحث صفقة جدية في الوقت المناسب بعد فرض عقوبات، سبق أن قلت إنها ستكون شديدة.. لكن الوقت لم يحن لذلك بعد»، واعتبر أنه «فيما يتعلق بالاتفاق النووي».
وأوضح: «لا أظن أنهم يعيرون نفس الاهتمام بمنطقة البحر المتوسط وسوريا، كما كان الأمر سابقا. لم يعودوا يمتلكون ذات الثقة الكاملة (بالنفس) التي كانت لديهم في الماضي، باتت إيران الآن تختلف عما كانت عليه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر».
عقوبات وخسائر
منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني سعت الشركات الأوروبية المتعطشة للأسواق الخارجية، خاصة أسواق الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز، إلى عقد صفقات تجارية وتوقيع عقود طاقة وطيران وتمويل مصرفي مع إيران تفوق 60 مليار دولار.
على صعيد التمويل الخارجي لمشاريع مشتركة بين شركات عالمية ومحلية وتمويلات تجارية في إيران، من المعتقد أن تخسر إيران تمويلات تفوق 30 مليار دولار، بعد قرار الانسحاب، ومن بين الصفقات التي ستخسرها صفقات تمويل من بنوك في إيطاليا والنمسا تخص صفقات كانت في طور التوقيع لشركات أوروبية في إيران.
وتقدر قيمة هذه التمويلات بنحو 30 مليار دولار، وكانت طهران قد أعلنت عن هذه العقود في أغسطس الماضي، ووقعت إيران في العام الماضي أكبر صفقة ائتمانية لها في السنوات الأخيرة مع بنك «اكسيمبانك» في كوريا الجنوبية، وتهدف الصفقة إلى تقديم قروض تصل إلى 8 مليارات يورو لتمويل مشاريع مختلفة من قبل شركات كورية جنوبية في إيران.
يذكر أن الحكومة الإيرانية وقعت خلال زيارة الرئيس حسن روحاني إلى روما خلال العام الماضي اتفاقيات مع شركات إيطالية في مجال الطاقة والبنى التحتية تقدر قيمتها بـ17 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تكون كل هذه الصفقات معرضة للإلغاء في أعقاب توقيع انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني، وإعلان ترامب العودة إلى الحظر خلال 180 يوماً من الانسحاب.
ومن بين كبار الخاسرين، من الانسحاب من الاتفاق النووي، شركات صناعة الطيران في أوروبا وأميركا، وعلى رأسها كل من شركة «إيرباص»، وشركة بوينغ الأميركية، وطلبت شركة طيران «إيران إير» 100 طائرة من إيرباص و80 طائرة من شركة بوينغ الأميركية و20 محركاً توربينياً من شركة «أيه.تي.أر»، وكانت إيران تأمل في تمويل هذه الصفقات عبر مصارف أوروبية.
وفي فرنسا، وقعت شركة رينو الفرنسية للسيارات شراكة مع إيران لاستثمار 660 مليون يورو في السوق الإيراني. وكانت رينو قد اختارت مصنعًا موجودًا بالفعل في مدينة سافيه، على بعد نحو 120 كلم جنوب غرب العاصمة الإيرانية طهران، ليكون مقراً للمشروع المشترك، وذلك بعد تطويره وتحديثه.
وبحسب عقد الشراكة الذي أعلنت عنه طهران وقتها، تستحوذ رينو على 60% من حصص الشركة الجديدة، بينما تمتلك «هيئة التحديث والتنمية الصناعية»، وهي هيئة حكومية إيرانية، 20% وشركة بارتو نيجين ناسيه وهي شركة إيرانية خاصة الـ20% المتبقية، ويستهدف المشروع إنتاج 150 ألف سيارة سنوياً، على أن يرتفع الإنتاج لاحقًا إلى 300 ألف سيارة.
خنق الاقتصاد الإيراني
ذكرت صحيفة «يسرائيل هايوم» العبرية، في ساعة متأخرة من مساء أمس، الثلاثاء،أن الرئيس دونالد ترامب يخنق الاقتصاد الإيراني، خطوة تلو الأخرى، بعد إعلانه الخروج من الاتفاق النووي، الشهر الماضي، وإعادة العمل بالفترة التي سبقت الاتفاق، مما يعني العمل بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وهو ما جعل المواطن الإيراني يدرك أن البرنامج النووي يجلب له الكوارث.
أفادت الصحيفة العبرية بأن إيران تدرك أن نتائج القمة التاريخية بين الرئيسين، الأمريكي والكوري الشمالي، سيكون لها تداعيات خطيرة على طهران، فضلا عن أن بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قد أوضح هذا الأمر، حين تحدث عن أن الاتفاق النووي الإيراني تم توقيعه إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وبأن واشنطن لا يمكن الوثوق بها، للدلالة على أن خروج إدارة ترامب من الاتفاق النووي قد أضر باقتصاد بلاده.
يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن خروج بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، في الثامن من مايو الماضي، وهو الاتفاق الذي أبرمته إيران مع مجموعة (5+1)، في الخامس عشر من يوليو 2015، وبانسحاب ترامب قد أعاد بدوره فرض العقوبات الاقتصادية على إيران.
خطوات جادة
من جانبه، استعرض خبير عسكري إسرائيلي مدى تأثير الضغوط الكبيرة التي تمارس على إيران، التي توقعت أن تحصد العديد من المكاسب عبر الصفقات مع الشركات الأوروبية والأمريكية التي تستعد للانسحاب من طهران.
وأكد الخبير العسكري الإسرائيلي لدي صحيفة «هآرتس» العبرية، عاموس هرئيل، أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران «تسبب بضرر اقتصادي كبير لإيران»، وهو ما ستعاني منه إيران الفترة المقبلة.
«هرئيل» أشار إلى أن «تقديرات استخبارية عرضت مؤخرا على المستوى السياسي في إسرائيل تشير إلى إن الردود المتتالية التي أحدثها القرار الأمريكي، في الشهر الماضي، هي أكثر أهمية من المتوقع».
ولفت إلى أن تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بـ«تفعيل عقوبات قاسية على صناعة النفط الإيرانية وشركات أجنبية تتاجر معها، يتوقع أن تدخل حيز التنفيذ الكامل في بداية شهر أكتوبر المقبل».
ونوه «هرئيل» إلى أن عدة شركات أمريكية وقعت عقودا لتزويد صناعة النفط القديمة لإيران بالمعدات، تستعد الآن لوقف استثماراتها مع طهران، كما أن شركة «نايكي» ألغت تزويد المنتخب الإيراني لكرة القدم بأحذية رياضية، أضافة لشركة النفط بريتيش بتروليوم، التي أعلنت بأنها ستوقف استثمارا مشتركا مع شركة النفط الإيرانية لحفريات تحت الماء.