لسنوات عديدة، حذرت وسائل الإعلام والمراكز العلمية والبحثية العالم من ظاهرة التغيرات المناخية، وقد سعت الكثير من الدول لإيجاد طرق للتكيف مع ذلك مستقبلًا، لكن يبدو أن الحكومة الإيرانية مازلت لم تدرك الأزمة بالكامل، وهي الأزمة التي ستهدد بحدوث أكثر من حرب و مشكلات عسكرية بإيران، حيث في أقل من 32 عام ستكون 70% من إيران غير قابلة للسكن، كما أن إيران قد بددت أكثر من 50% من مياهها الجوفية الغير متجددة.
وبالإضافة إلى الأزمات الإقتصادية والسياسية التي اجتاحت الشرق الأوسط خلال الإنقلابات والثورات، كانت أزمة المياه أيضا تعد جزء من العوامل الرئيسية لهذا، وهذه الأزمة ستلعب دورًا أكثر أهمية في السنوات القادمة.
بجانب التأثيرات الجدية للتغيرات المناخية التي أدت إلى جفاف غير مسبوق، ستزداد الهجرة الجماعية للباحثين عن العمل من المدن الزراعية الصغيرة إلى المدن الكبرى، مثل ما حدث في سوريا عندما هاجر مليون ونصف شخص من المناطق المتأثرة بالجفاف إلى دمشق.
ومن الجدير بالذكر أن إيران هي السابعة عالميًا في انتاج الغازات الدفيئة أي الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، فمن الممكن أن يؤثر التلوث المنتشر في المدن الإيرانية، وظاهرة إرتفاع درجات الحرارة في الأشهر الباردة من العام، والتنمية الغيرعلمية، وخفض الإنتاج الزراعي باستخدام الأسمدة النيتروجينية التي تتحد مع ملوثات الصناعة وعوادم السيارات على الطقس في المنطقة، كما سقطت إيران بسببهم في الجفاف.
فمحافظة طهران وحدها تستهلك يوميًا 16 مليون لتر بنزين أكثر مما تستهلك بولندا البالغ عدد سكانها 40 مليون وتركيا البالغ عدد سكانها 80 مليون، وفي مجال استهلاك المياه تستهلك محافظة طهران فقط 850 مليون متر مكعب من المياه وهو أكثر من ثلثي حصة الماء للبلد، أي يدمر 70 % من الماء ولا يتم تدويره.
ووفقًا لتقارير صحيفة إندبندنت، قد أشارت نتائج أبحاث الكلية الإمبراطورية في لندن أن السبب الرئيسي للتلوث الغير مسبوق في أروبا لعام 2000 كان إستخدام الدول الأوربية لعدة عقود الأسمدة النيتروجينية والآمونيا في الزراعة، فسبب التلوث الواسع الذي أشارت له الأبحاث التالية موجات الجفاف في البلدان البعيدة، حيث كان الجفاف الذي هدد حياة 130 مليون شخص في الهند هو النتيجة المباشرة لتلوث أوربا.
وقد سببت سوء الإدارة الإيرانية جفاف بحيرة أروميه التي ظلت لآلاف السنين مصدر للحياة، فالجفاف من أخطر الكوارث البيئية.
ولهذا يجب التحكم في التلوث المنتشر بإيران، وتبديل صناعة السيارات ذات الوقود الأحفوري بسيارات الطاقة الشمسية أو الكهربائية، ويجب الإشارة إلى أن كل من فرنسا و إنجلترا و الصين والنرويج بدأوا في تنفيذ خطة التخلص من الوقود الأحفوري بالتدريج وسيتقفوا عنه في عام 2025، كما ازداد معدل بيع السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة حتى 30%.
التمنية الزراعية في هولندا
يمكن وصف هولندا وإدارتها المذهلة كأحدى عجائب العالم الحديث، حيث استطاعت هولندا التي تبلغ مساحتها 41 كم، بينما مساحة إيران 195,1,648 كم أن تكون ثاني مُصدر للمنتجات الزراعية بعد آمريكا، كما أن جودة الإنتاج الزراعي الهولندي أفضل من آمريكا و آلمانيا.
ولذلك ، لإنقاذ إيران من الجفاف، ليس من الضروري إيقاف الزراعة، و لكن يكفي إتباع أسلوب التنمية الزراعية في دول مثل هولندا.
ايران اليوم الغارقة في الخلافات السياسية والحزبية تغفل عن الخطر الحقيقي الذي يهدد كيانها وكينونتها أكثر من أي خلاف داخلي أو حتى خطر هجوم أجنبي.
إيران اليوم يجب أن تعطي الأولوية لشعار ” الجفاف العظيم آت “، وتسخر جميع إمكانياتها لمواجهة هذا العدو الشرس الذي إجتاح حدودها، وسيمر بمدنها الواحدة تلو الأخرى.