سيطرت حماس في الواقع على المظاهرة الأخيرة على حدود غزة مع إسرائيل، ولكنها ليست الطرف الوحيد المسؤول عن التصعيد اللاحق في غزة أو عن وضع حد له. قد تموّل حماس وتوجه وتقرر حدة الاحتجاجات الحدودية لها ، ولكن حركة “الجهاد الإسلامي” هي التي ستحدد إلى حد كبير ما إذا كانت المواجهة مع إسرائيل لا تزال على طول الحدود ، أم ستتصاعد إلى إطلاق قذائف الهاون والصواريخ فوق الحدود.
في السنوات الأخيرة ، تمكن أعضاء حركة الجهاد الإسلامي من وضع قواعد واضحة لمواجهة الجيش الإسرائيلي، فعلى خلاف حركة حماس – المسؤولة أيضًا عن السكان المدنيين في غزة والتي لها طموحات سياسيًا -، فإن حركة الجهاد الإسلامي لا تلتزم بشيء سوى المواجهة المسلحة مع إسرائيل ولذلك فهي تملي كيفية قيام جيش الدفاع الإسرائيلي بنفسه، فمن المعروف أن أي حادث تتسبب فيه حركة الجهاد الإسلامي يسفر عن خسائر بشرية وأضرارًا في الممتلكات حيث تنطوي معظم حركاتها على إطلاق صواريخ أو هجوم كبير على طول السياج الحدودي مما يدفع الجيش الإسرائيلي للتصدي له على الفور برد عسكري.
ومع ذلك فإن الجهاد الإسلامي لا يعتبر سيد بيته ، فمن خلال تقديم المساعدات الإقتصادية والعسكرية على مر السنين، حولت إيران منظمة الجهاد إلى جناح عسكري خاص بها في غزة والضفة الغربية .
ووقال مؤخرًا ضابط كبير في القيادة الجنوبية لقوات الدفاع الإسرائلية : ” كلما واصلنا رؤية الضرر الذي يلحق بإيران في سوريا وبالقدر الذي يزداد فيه وضعها صعوبةً، فإن زيادة حوافز طهران لنشر الجهاد الإسلامي في غزة ضدنا سوف تزداد ” معقبًا أن ” مقر قيادة حركة الجهاد يقع خارج غزة ، لكن الإيرانين لهم مصلحة في تصعيد الوضع هنا ، وغدًا ستتمكن إيران – كما تعتقد- من أن تتخذ قرارًا بنشر الجهاد ضد إسرائيل”.
وحتى لو لم يعترف مسؤولو الجيش الإسرائيلي بذلك ، فإن أهمية ضرب أهداف الجهاد الإسلامي مفهومة جيدًا في الجيش ، كما حدث في آخر حادثتين تعرضت فيهما المنظمة لضربة ، وقع الحادث الأول في 30 تشرين الأول (أكتوبر) عندما قتل أعضاء في حركة الجهاد الإسلامي في هجوم إسرائيلي على أنفاق إرهابية بالقرب من كيسوفيم ، وقد علم المسؤولون في الجيش أن ذلك سيحفز على رد فعل ، وعلى الرغم من محاولات حماس لتوجيه ضربة واحدة ، فقد أطلق الجهاد الإسلامي بعد شهر من ذلك قذائف الهاون على المجتمعات الإسرائلية وقوات الجيش بالقرب من حدود غزة.
وقعت الحادثة الثانية في الشهر الماضي عندما تم توجيه نيران أسلحة ضخمة إلى المجتمعات المحلية القريبة من حدود غزة ، واصطدمت قذيفة هاون بروضة أطفال في كيبوتس عين هاشلوشا ، وكان ذلك ردًا على قتل الجيش الإسرائيلي لثلاثة من أعضاء الجهاد الإسلامي قبل ذلك بيومين ، واستمر الجيش في القتال بعد ذلك يومًا انتهى بعد أن طالبت حماس بوقف إطلاق النار.
إن حركة حماس بشكل عام غير مهمتة بالتصعيد ، لكنها لا تسطيع منع رد الجهاد الإٍسلامي في كل مرة ، كما تدرك حماس أن الجهاد الإسلامي متواجد على وسائل التواصل الإجتماعية بعد اشتباكه مع الجيش الإسرائيلي وتدرك أنه يملك سلطة في شوارع غزة عندما يطلق قذائف الهاون على مجتمعات إسرائيلية حدودية ، وقد اختارت حماس التعاون مع الجهاد الإسلامي ، وإن كان ذلك محدودًا.
ولدى الجهاد الإسلامي حالياً عدة آلاف من المقاتلين الذين تم تدريبهم في إيران ، وقد تلقّت المجموعة مساعدة في البداية من حماس في الحصول على أسلحة ، ولكنها في السنوات الأخيرة ، جمعت بالفعل ترسانة كبيرة تشمل صواريخ القسام وغراد ذات النطاقات القادرة على استهداف مركز إسرائيل، كما أنها تملك مرافقها الخاصة لإنتاج الأسلحة الخاصة بها.
كانت العلاقة معقدة للغاية بين الجهاد الإسلامي وحماس في الآونة الأخيرة ، وعادة ما تقوم حركة الجهاد الإسلامي بتعزيز موقف حماس من السياسة وتتعاون أحيانًا معها خلال فترات التصعيد العسكري ، وقد أعلن الجانبان المسؤولية المشتركة عن إطلاق الصواريخ الأخيرة عبر الحدود الإسرائلية.
ومع ذلك فإن الفرق في أهداف المجموعتين يعني أن أعضاء الجهاد الإسلامي غالبًا ما يشكلون تحديُا لحماس، وذلك من خلال شن هجمات تنتهك القيود التي تحاول حماس فرضها ، وعلى الرغم من رغبة حماس في تأكيد سلطتها في غزة ، إلا أنها تخصع أحيانًا لأعمال الجهاد الإسلامي رغبةً في الاقتراب من إيران في ضوء الحالة الصعبة في قطاع غزة.
وكما يقول المصدر الأول في القيادة الجنوبية لقوات الدفاع الإسرائلية : ” يوجد حاليًا تنسيق بين المنظمات ، وحماس تسيطر على الوضع، ولكن في كل خطوة يمكن أن تكون حركة الجهاد الإسلامي مستقلة وتتصرف كما تراه مناسبًا لتحقيق مصالح الإيرانيين”.