تمر العلاقات الإماراتية الإيرانية بحالة تنافر ظاهري، لكن العلاقات السرية قوية جدًا على المستوى السياسي والاقتصادي، ولا تمر مناسبة يلتقي فيها مسؤولون من البلدين إلا ويؤكد كلا الطرفين رغبتهما في تطوير العلاقات وتنميتها.
هجوم إماراتي
قال مروان أحمد بن غليطة، النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، إن المنطقة العربية تعانى من تحديات كبيرة، على رأسها التحركات والأطماع الإيرانية والإسرائيلية، جاء ذلك في كلمته بالمؤتمر السابع والعشرين، للاتحاد البرلماني العربي، المنعقد في مجلس النواب المصري.
وأكد على ضرورة ومحورية دور البرلمانات العربية في قضايا المنطقة في ظل الانقسام الذي نعاني منه وظروف دفع بعد الدول لحافة الانقسام، وأيضا وجود أطماع كثيرة وأجندات أجنبية بالمنطقة، ولهذا كانت الإمارات من أوائل الدول التي أمنت بأن الأمن العربى لا يتجزأ والتعاون والتنسيق العربى السبيل للخروج من الوضع الراهن.
وأكد بن غليطة، أن التحديات الملحة التي تحتل صدارة المشهد، على رأسها الاحتلال الإسرائيلى وأطماع إيران بالمنطقة، ناهيك عن أزمات الإرهاب والتطرف والتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية لدول المنطقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مشيرًا إلى أن الدور الإيرانى باليمن يهدد أماكننا المقدسة في السعودية.
ولفت إلى أن دولة الإمارات أيضا تؤكد أنها لن تتخلى عن جزرها الثلاث المحتلة من إيران، قائلا: «لن نتخلى عن مطالبنا السلمية لإنهاء الاحتلال الإيرانى على جذرنا طواعية أو من خلال الوسائل التفاوضية لحل النزاعات من خلال المحكمة الدولية»، مطالبا جميع المؤسسات الدولية بضرورة الضغط على إيران لضمان الاستجابة لمطالب الإمارات.
قبل الحديث عن العلاقات الإماراتية الإيرانية، يجب الإشارة إلى أزمة الجزر الإماراتية الثلاث.
الجزر الإماراتية
أقدمت إيران في 30 نوفمبر عام 1971 على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى, طنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، وجزيرة أبو موسى التي تتبع إمارة الشارقة، قبل أيام من استقلال الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971, وفي هذا اليوم أيضا نالت استقلالها من الحماية البريطانية.
وتعود الأسباب التي دفعت إيران لاحتلال الجزر، لان الجزر الثلاث تقع في مدخل الخليج العربي واحتلالها للجزر يمكنها من السيطرة على مضيق هرمز، كما توفر النفط الخام فيها وتواجد كميات كبيرة من أكسيد الحديد في أبو موسى، إذ ان هذه الجزر تعد منطقة استراحة للسفن القادمة والخارجة من مضيق هرمز.
العلاقات بين البلدين
في يناير 2016، أفادت الإحصائيات المقدمة من الجمارك الإيرانية أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي أكثر دول العالم تصديرًا إلى إيران، وتشكل صادراتها إلى إيران ما يقارب 29 % من إجمالي مستوردات إيران، وأن حجم صادرات الإمارات إلى إيران خلال أوّل شهرين من العام الإيراني 1393 (من 21 مارس إلى 20 مايو) وصل إلى أكثر من مليون و950 ألف طن، بقيمة 2 مليارات و225 مليون دولار.
وفي دراسة أخرى أظهرت أن الإمارات خلال فصل الربيع من عام 2014 كانت أكبر الدول المصدرة لإيران، إذ شكلت ما نسبته 27 بالمئة من مجموع الواردات الإيرانية، وبلغ حجم الصادرات الإماراتية لإيران في الشهور الثلاث الأولى من عام 2014 ما يقارب 2 مليون و600 ألف طن بقيمة 3 مليار و367 مليون دولار.
ووفقا للتقارير المقدمة من الجمرك بخصوص حجم التبادلات التجارية لإيران خلال الخمس شهور الأولى من نفس العام (2014)، بلغ حجم التبادلات 41 مليارا و620 مليون دولار، بينما بلغ حجم الصادرات 19 مليارا و639 مليونا و21 مليارا 981 مليونا حجم الواردات، وأهم الدول المصدرة للبضائع لإيران كانت على الترتيب التالي: الإمارات، والصين، والهند، وكوريا الجنوبية وتركيا.
هذا يعني أن حاجة إيران إلى الإمارات أربعة أضعاف حاجة الإمارات إلى إيران، ومن السهل أن تجد الإمارات البديل التجاري لإيران لأن نسبة تجارتها معها فقط 7.5 بالمئة من إجمالي تجارتها الخارجية، بينما تعتمد إيران على الإمارات في استيراد البضائع خاصة السلع الضرورية بما نسبته 29 بالمئة من إجمالي الواردات الإيرانية.
بينما سيصعب على إيران إيجاد بديل تجاري للإمارات، وذلك لأسباب عدة أهمها الارتفاع المستمر في حاجتها للبضائع القادمة من الإمارات، وكذلك التسهيلات التي تتم عن طريق ميناء جبل علي العملاق بدبي والذي يعتبر من أكبر موانئ العالم ويمتاز ببنية تحتية متقدمة، كما أن موانئ الإمارات هي الأقرب لإيران والأقل تكلفة بالنسبة إليها في عملية استيراد البضائع.
وتصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية من حيث حجم التبادل التجاري مع إيران، وذلك على الرغم مما تعلنه أبوظبي بوسائل إعلامها من عداء لإيران، وبحسب معطيات رسمية صادرة عن هيئة الجمارك الإيرانية، فإن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران بلغ 11.114 مليار دولار، شكلت الصادرات الإيرانية 4.458 مليارات دولار، أما صادرات الإمارات إلى إيران فقد وصلت إلى 6.656 مليار دولار.
وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء التي نشرت المعطيات الأحد الماضي، بأن إجمالي حجم الصادرات الإيرانية إلى الصين ارتفع بنسبة 12.78%، خلال الفترة ما بين مارس وديسمبر، في حين ارتفعت الصادرات إلى العراق خلال الفترة المذكورة بنسبة 36%.
تغريد خارج السرب
وفي مطلع 2015، ورغم الخلاف السعودي الإيراني في أزمة النفط، كانت الإمارات تغرد خارج سرب الخليج؛ حيث وقعت أبوظبي وطهران مذكرة تفاهم مشتركة، تتضمن 17 بندا حول تسهيل تأشيرات الدخول والإقامة بين البلدين؛ بالإضافة إلى مواصلة التعاون القضائي في مجال مكافحة المخدرات.
وعلى عكس معظم دول الخليج، رحبت الإمارات باتفاق جنيف الذي توصلت إليه إيران، مع الدول الكبرى في يوليو 2015، والذي بموجبه رفعت فيه العقوبات عن طهران. وحينها قال وزير الخارجية الإماراتي: أملنا أن يفتح ذلك الباب أمام انطلاق طاقات أكبر للتعاون بين إيران ودول العالم وفي مقدمتها دول الجوار.
وعلى خلفية اقتحام السفارة السعودية بطهران عام 2016، وقرار المملكة ودول خليجية وعربية وإسلامية سحب سفرائها من طهران، أو قطع علاقتها بها، اكتفت أبوظبي فقط بتخفيض تمثيلها إلى مستوى القائم بالأعمال، وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الإمارات.
وتلعب الإمارات دورا مشبوها في سوريا، حيث إن كل تحركاتها تصب بشكل كبير في صالح إيران، فأبوظبي فضلت حماية العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع نظام بشار الأسد، حليف إيران، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار، على وقف نزيف الدم السوري، ودفعت الإمارات إلى تقديم دعم لوجستي وعسكري، وتسجيلات لرموز المعارضة السورية، إلى الأسد من أجل الحفاظ عليه، وهو أمر صب في صالح حليفته طهران.