هاجس إنسحاب الشركات والبنوك الأوروبية والأمريكية، يتزايد بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الموقع بين طهران وأمريكا وألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا.
وصباح اليوم، قررت شركة «بوينج» الأمريكية لتصينع الطائرات وقف تعاملها مع إيران، في أعقاب فرض العقوبات الأقتصادية على طهران، حسبما أفاد موقع «سبوتنيك» الروسي نقلًا عن الموقع العبري «0404».
وقال المتحدث باسم الشركة، وفقا لما ذكرته قناة «الحرة» الأمريكية، إن «الشركة لم يعد لديها رخصة لبيع الطائرات لإيران بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015».
بنك الاستثمار الأوروبي
في أول تعليق رسمي له على الموضوع أكد بنك الاستثمار الأوروبي رفضه دعم أنشطة الشركات الأوروبية في إيران، رغم دعوة بروكسل إليه للمساهمة في تعويض تأثير العقوبات الأمريكية عليها، وقال متحدث باسم بنك الاستثمار الأوروبي في رسالة إلى وكالة «رويترز»، إن البنك لا يمكنه تجاهل العقوبات الأمريكية المحتملة ضد إيران.
وأوضحت الرسالة موقف البنك: «من الشروط الأساسية لنموذج أعمال البنك أن يظل مؤسسة قوية وذات مصداقية في أسواق رأس المال الدولية، وهو ما يتعارض مع تجاهل العقوبات المحتملة ضد إيران»،
وأضافت أن «بنك الاستثمار الأوروبي هو مؤسسة تستند إلى سوق رأس المال، ومثل جميع الهيئات المماثلة الأخرى لا يمكن أن يكون حلا لهذه المشكلة. إن بنك الاتحاد الأوروبي ليس أداة مناسبة».
ويأتي ذلك بعد أن اقترحت المفوضية الأوروبية على بنك الاستثمارات الأوروبي خطة لتشجيعه على دعم استثمارات الشركات الأوروبية في إيران ضمن مساعي بروكسل للحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه الشهر الماضي وحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية الجديدة.
وأثارت الخطة معارضة البنك، علما أنه لم يمارس أي نشاط في إيران من قبل ويجمع أمواله في الأسواق الأمريكية، حيث حوالي ثلث القروض المقدمة منه مقومة بالدولار، وهو ما سيعرض البنك للعقوبات الأمريكية ضد إيران التي ستبدأ مفعولها في أغسطس القادم بعد إعادة فرضها.
انسحابات
وأصدرت شركة «توتال» للنفط والغاز الفرنسية؛ بيانًا أعلنت فيه أنها ستضطر إلى الإنسحاب من مشروع جنوب فارس للتنقيب عن الغاز، نظرًا لانسحاب أمريكا من الاتفاق وعودة العقوبات الأميركية.
بدورها توقفت شركة الصلب الإيطالية «دانييلي»، عن تنفيذ عقود لصالح إيران بقيمة 1.5 مليار يورو «1.8 مليار دولار»، حيث قال أليساندرو تريويلين، الرئيس التنفيذي للشركة إنه «نظرًا لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران، لم تعد البنوك مستعدة لتمويل مشاريع إيران بسبب المخاوف من مواجهة عقوبات ثانوية»، هذا بالرغم من أنه في عام 2016، وقعت صفقة مع إيران تبلغ قيمتها نحو 5.7 مليار دولار.
وانسحبت شركة «ساغا» النرويجية للطاقة الشمسية، عن تنفيذ عقد بقيمة 2.5 مليار يورو لمدة خمسة أعوام مع شركة الطاقة «أمين» الإيرانية كانت قد وقعته في أكتوبر 2017، من جهتها، أعلنت شركة «إيرباص» الأوروبية في ديسمبر 2016 أنها وقعت عقدًا لتسليم 100 طائرة إلى إيران، وحتى الآن تم تسليم ثلاث طائرات فقط إلى هذا البلد.
أما الشركة الإيطالية ANI التي وقعت اتفاقية لدراسة حقول النفط والغاز مع إيران في يونيو 2017 فقررت إلغاء اتفاقها مع إيران. وأخبر كلاوديو ديكالسي، مدير الشركة، مساهميه في اجتماعه السنوي أنه سحب من إيران كل استثماراته وليس لديه نية لتنفيذ مشروع جديد في إيران.
كما أعلنت شركة «مايرسك» الدنماركية، أكبر شركة شحن في العالم، يوم الخميس أنها ستوقف جميع أنشطتها التجارية مع إيران خوفا من العقوبات الأميركية، وكذلك، أعلنت « أليانز» وهي شركة خدمات مالية متعددة الجنسيات مقرها في ميونيخ، بألمانيا، يتمحور نشاطها حول تقديم خدمات التأمين، عن قرارها بمغادرة إيران بعد إعلان انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
مواجهة العقوبات
منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني سعت الشركات الأوروبية المتعطشة للأسواق الخارجية، خاصة أسواق الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز، إلى عقد صفقات تجارية وتوقيع عقود طاقة وطيران وتمويل مصرفي مع إيران تفوق 60 مليار دولار.
يعتقد الفريق الاقتصادي للرئيس حسن روحاني أنهم إذا قاموا بزيادة أرباح الشركات الغربية في إيران، فإنهم سيواجهون احتمالية فرض العقوبات من جدي، وهكذا، بعد تنفيذ خطة العمل المشتركة، فقد قاموا بفتح السوق الإيراني أمام السلع والخدمات الأجنبية، التي لم تؤذِ المزودين الإيرانيين وتسببت في ركود فقط، بل وأدت أيضًا إلى زيادة بنسبة 50% في الميزان التجاري السلبي بين إيران وأعلى 20 شريك تجاري من 2016 إلى 2017.
وتجاوز هروب رأس المال من البلاد دخولها، وفي العام الماضي كان عجز حسب رأس المال في إيران يبلغ 11 مليار دولار، وكان هذا التوازن قبل الاتفاقية يعد أمرًا إيجابيًا، ونتج عن هذه التطورات انحدار حاد في قيمة عملتها، وقد وعد الرئيس روحاني بالسيطرة عليه بعد تنفيذ خطة العمل المشتركة، وارتفعت الديون الخارجية الإيرانية قصيرة الأمد من 777 مليون دولار إلى ما يقرب من 3.7 مليار دولار بنهاية عام 2017.