إندبندنت
نشرت صحيفة “إندبندنت”، وترجمت إيران خانة:
كانت “درعا” الواقعة تحت سيطرة المتمردين في جنوب سوريا جزءًا من صفقة تهدئة استمرت قرابة عام. لكن في الأسبوع الماضي، أسقط سلاح الجو السوري منشورات على سكان المنطقة كتب عليها: “رجال الجيش السوري قادمون. خذ قرارك قبل فوات الأوان”.
يتطلع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد سنوات من قتال المعارضة التي سحقها كلها -بما في ذلك داعش- في ضواحي دمشق الشهر الماضي، إلى فرض سيطرة الحكومة على جنوب البلاد من جديد. لكن جيشه المجهد لا يمكنه القيام بذلك بمفرده.
وكانت مساعدة القوات الإيرانية والميليشيات التي تدعمها إيران، مثل حزب الله اللبناني، أساسية في مساعدة النظام على استعادة السيطرة على مدن مثل حلب ومقاطعة الثوار الشرقي في دمشق. وساعدت القوات الجوية الروسية أيضًا في تحويل الحرب لصالح الأسد.
وبعد سبع سنوات من الصراع، أصبحت سوريا الآن تتضمن خمس مناطق نفوذ مختلفة تقريبًا.
استعادت الحكومة السيطرة على معظم المدن الرئيسية والطرق. أما شرق البلاد فيقع تحت سيطرة القوات الكردية بشكل رئيسي، بدعم من الولايات المتحدة. وتسيطر تركيا الآن على معظم شمال سوريا بعد تحركها عبر الحدود إلى عفرين في يناير، وتسيطر جماعات المعارضة على إدلب المجاورة، ومن بينها هيئة تحرير الشام، التي صنفتها الولايات المتحدة مؤخراً على أنها جماعة إرهابية.
وفي الجنوب الغربي، يحافظ متمردو الجبهة الجنوبية المدعومين من الولايات المتحدة على علاقات ودية على الحدود مع الأردن وفي مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
هذه الأحجية غير المتجانسة بين القوى العالمية والإقليمية المتواجدة أو المستثمرة في مستقبل سوريا هي التي ستحدد الفصل التالي من الحرب.
وأظهرت تقارير هذا الأسبوع بأن روسيا توصلت إلى اتفاق غير مسبوق مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: يبدو أن موسكو وافقت على إبقاء القوات المدعومة من إيران بعيدًا القتال في درعا، مما يخلق منطقة عازلة بطول 19 ميلاً على الحدود.
وضَعُف صبر دمشق وموسكو بشكل كبير بسقوط الصواريخ الإسرائيلية داخل سوريا والتي تستهدف البنية التحتية الإيرانية وحزب الله.
ويعد طرد القوات الأجنبية التي تقاتل في سوريا -من جميع الأطياف- أيضاً مشكلة أساسية لبقايا المعارضة السورية، التي قالت لصحيفة الإندبندنت هذا الأسبوع أنها أولوية متزايدة.
وقال نصر الحريري، كبير المفاوضين في مجموعة المعارضة الوطنية في المجلس الوطني السوري: “من دون دعم إيران، لا يمكن للنظام أن يختفظ بالمنطقة التي يملكها. لا يمكن أن يكون هناك حل دبلوماسي أو تسوية بينما آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا يرتكبون جرائم ويثيرون التوترات الطائفية”.
وعلى الرغم من الأخبار التي ترددت في الجنوب، إلا أنه من غير المرجح أن يتم ترحيل إيران بسهولة من البلاد.
وقال توبياس شنايدر، الباحث في المعهد العالمي للسياسات العامة: “ما فائدة 10 كيلومترات أخرى إن كنت قد حصلت على ألف بالفعل؟”
“لن يتم احتواء النفوذ الإيراني في سوريا الموالية بكل بساطة على 10 أو حتى 30 كيلومترًا من الحواجز. الأمر له أبعاد اقتصادية وثقافية وسياسية وعسكرية”.
كما أن دمشق لن تقطع علاقاتها مع طهران أبدًا، فهي تدرك أن الوجود الإيراني يوفر دعمًا ضد التسوية الدبلوماسية الروسية المحتملة.
وقد استفادت الحكومة السورية وحلفاؤها أيضًا من حقيقة أن عملية جنيف الرسمية للسلام قد أثبتت أنها غير قابلة للتطبيق لسنوات، وتحت رئاسة دونالد ترامب أصبحت أهداف الولايات المتحدة في سوريا أصبحت الآن أقل وضوحاً بكثير.
ويشعر الأكراد في الشمال الشرقي بالقلق من حلفائهم الأميركيين، لكنهم اضطروا بشكل متزايد للجوء إليهم حيث أن روسيا أعطت موافقة ضمنية على غزو تركيا لعفرين التي يسيطر عليها الأكراد في يناير.
في مقابلة هذا الأسبوع مع آر تي المعروفة سابقاً باسم روسيا اليوم، هدد الرئيس الأسد بمهاجمة المناطق الواقعة شرق نهر الفرات التي كانت تحت سيطرة القوات السورية الكردية-العربية المدعومة من أمريكا (قوات سوريا الديمقراطية)، وقال أن وجود القوات الأمريكية -ما يقدر بنحو 5000 مستشار عسكري- لن يتم التساهل معه هناك.
وقال الرئيس ترامب في أكثر من مناسبة أنه يريد سحب القوات الأمريكية -والتمويل- من البلاد. ولكن هذا الأسبوع أيضًا، ظهرت تقارير بأن واشنطن وأنقرة قد أبرمتا صفقة تتنازل بموجبها قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة عن بلدة منبج إلى تركيا من أجل تجنب حدوث تصعيد أوسع.
وقال آرون لوند، زميل في مؤسسة “سينشري فاونديشن”، أنه من غير المرجح أن يكون هناك هجوم مباشر من الجانب السوري: “أعتقد أن الجزء الأكثر أهمية من بيان [الرئيس الأسد] هو لحظة قوله أن الأمريكيين سيغادرون، في وقت ما وبطريقة ما. من المحتمل أن تكون هذه قناعاته وربما يكون محقًا أيضًا.
“ويقول أن جميع المناطق في سوريا يجب أن تعود تحت سيطرة الحكومة المركزية، والتي كانت دائماً هي الطريق الرسمي، ويقول أن القوى الديمقراطية السورية يمكنها إما التوصل إلى اتفاق والعودة برغبتهم، أو سيتم إعادتهم بالقوة.
“طالما بقيت الولايات المتحدة في تلك المناطق، وكان لديها اتفاق مع روسيا لتجنب النزاعات، فإن هناك حدودًا قصوى لما يمكن أن يفعله الأسد لاستعادتهم”.
وعلى الرغم من حقيقة أن الحرب قد دخلت في فصل جديد ودموي هذا العام، إلا أن الصفقات التي تم إبرامها بين روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة وتركيا قد صنعت لسوريا واحد من الأسابيع الأكثر هدوءاً منذ سنوات.
ويبدو الحل الدبلوماسي أبعد وأبعد في كل حين الآن.
“سوريا ليست قضية محلية بعد الآن. إنها قضية إقليمية وعالمية” قال نصر الحريري.
سوف يظل القتال على الأرض السورية مستمرًا. سوريا تستحق أفضل”.