في 5 يونيو 2017، فوجئ العالم بقرار جماعي من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، وفي اليوم التالي، أعلن الأردن عن تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
تفاصيل الأزمة
بدأت الأزمة، قبل قرار قطع العلاقات الدبلوماسية بأيام، حيث قالت الحكومة القطرية أن موقع وكالة الأنباء القطرية وغيره من منصات وسائط الإعلام الحكومية تم إختراقها.
وذكرت قناة «الجزيرة»، إن القراصنة نشروا تصريحات وهمية على وكالة الأنباء القطرية، نسبت لأمير قطر، أعرب فيها تأييده لإيران، وحماس، حزب الله و«إسرائيل».
ونقل عن الأمير تميم بن حمد قوله «إيران تمثل ثقلا إقليميا وإسلاميا لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكدا أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة».
نفت قطر تلك الأخبار ووصفتها بالكاذبة، وعلى الرغم من ذلك، فقد تجاهلت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية تصريحات الحكومة القطرية، وتناولت التصريحات المنسوبة للأمير على نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام العربية، بما في ذلك سكاي نيوز عربية و قناة العربية.
في بداية الإختراقات أشارت المخابرات التي جمعتها أجهزة الأمن الأمريكية إلى أن قراصنة روس كانوا وراء التدخل الأول الذي أبلغ عنه القطريون، ومع ذلك، قال مسؤول أمريكي اطلع على التحقيق لـ«نيويورك تايمز»: «من غير الواضح إذا كان القراصنة تحت رعاية الدولة».
تفاقمت الأزمة أكثر فأكثر، عندما تم تسريب رسائل من حساب البريد الإلكتروني لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، واعتبرت تلك المراسلات محرجة، لإحتوائها على مراسلات مع مؤسسة «إسرائيلية» تدعى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
تم تغطية التسريبات من قبل قناة «الجزيرة» القطرية و«هافينجتون بوست عربي»، وأعتبرت دول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) ذلك استفزازًا، وتعميقًا للخلاف بين الجانبين، وفي 9 يونيو تعرضت شبكة «الجزيرة» الإعلامية لهجوم إلكتروني عبر جميع منصاتها.
الموقف الإيراني
عقِب قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الحوار أمر حتمي ولا يمكن للإكراه أن يكون حلًا، وأضاف في تغريدة له على «تويتر»: «أنه لا يمكن تغيير الجغرافيا، وأن الجيران باقون في المنطقة».
ودعا بيان وزارة الخارجية الإيرانية، الدول الخليجية إلى تحكيم العقل لخفض التوتر بينها وإعادة الهدوء للمنطقة، وقال إن «الحل الوحيد للخلاف القائم بين الدول الخليجية الثلاث وقطر لا يمكن حله إلا عبر الحوار والدبلوماسية والحوار الصريح والشفاف بينها».
كما أشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن اللجوء إلى سياسة العقوبات في ظل العلاقات الدولية الحالية أمر غير فعال ومرفوض، ودعا البيان جميع الأطراف إلى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الدولية كمبادئ أساسية في العلاقات الدولية.
كيف استفادت إيران؟
أكد اقتصاديون، أنّ الحصار فرصة للقطاع الخاص الإيراني وخاصة المحافظات الجنوبية، وقال الخبير الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز لـ«الجزيرة نت»: «إن إيران التي تنتج سنويا 120 مليون طن من المواد الغذائية تستطيع تزويد قطر بما تحتاجه».
تشكل المواد الغذائية ومواد البناء قرابة 73% من الصادرات الإيرانية إلى قطر، وبعد الحصار بدأت طهران تصدير 1300 طن من المواد الزراعية يوميا إلى الدوحة، وقررت طهران تخصيص ميناء بوشهر مركزًا للتبادل الاقتصادي بين إيران وقطر، وذلك نظرًا لقرب ميناء بوشهر من قطر.
من جانبه، صرّح سيد رضا نوراني رئيس اتحاد مصدري المنتجات الزراعية بإيران، قائلًا إن «قطر شريك تجاري قديم، لكن بعد الحصار ازدادت وتيرة التعاون الاقتصادي، مؤملا أن يسرع التجار القطريون حركتهم كما يفعل نظراؤهم الإيرانيون».
وأكد في تصريحات صحفية: «نحن نستطيع تأمين ما تحتاجه الدوحة في سنة بمدة شهر واحد» مشيرا إلى أن هناك موانئ كثيرة يمكنها التصدير لدولة قطر الشقيقة مثل بندر عباس ولنغا وبوشهر، ومطارات كمطاري شيراز والإمام الخميني.
يُذكر أن صادرات إيران إلى قطر عام 2016 قدرت بحوالي 103 ملايين دولار، في حين بلغت صادرات قطر إليها 11 مليونا، وتسعى إيران بعد الحصار إلى رفع صادراتها لقطر لنحو مليار دولار سنويا خلال السنوات القليلة المقبلة.
وقال سيد عطاء الله صدر المدير العام لمؤسسة الموانئ الإيرانية إن ما يقارب من 1100 طن من المواد الغذائية التي تشمل الفواكه والخضروات، يتم تصديرها يوميًا من موانئ المحافظة باتجاه قطر.
العلاقات الإيرانية القطرية
شهدت العلاقات بين البلدين المزيد من التطور خلال زيارة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي لقطر في مايو 1999، ودعمت إيران قطر لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامي حينها، وتطورت العلاقات بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد، وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت قطر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج في الدوحة كضيف شرف.
وفي الوقت الذي كانت الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص قلقة من الأنشطة النووية الإيرانية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها، كانت قطر في عام 2006 العضو الوحيد بين 15 عضوا في مجلس الأمن الذي صوت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني والذي دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية على هذا الصعيد.
أهم ما يربط البلدين اقتصاديا هو حقل الغاز المشترك بينهما في مياه الخليج العربي، وهذا بات عاملا إضافيا ليجعل قطر لا تبتعد عن طهران حفاظا على مصالحها في الحقل المشترك، خاصة أن إيران فتحت باب الاستثمار في هذا الحقل، وتبلغ مساحة هذا الحقل 9700 كيلومتر مربع، وتمتلك قطر 6000 كيلومتر مربع منه، وإيران تمتلك 3700 كيلومتر مربع منه.
وفي 14 مارس الماضي، قال نائب قائد القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني العميد علي رضا تنكسيري، في تصريح له على هامش معرض «ديمدكس 2018» في الدوحة، إن الظروف مهيأة لتنمية التعاون مع قطر ونحن نسعى إلى مزيد من تعزيز العلاقات مع هذا البلد، وذلك وفقاً لوكالة «تسنيم» للأنباء.
ولفت نائب قائد القوة البحرية للحرس الثوري إلى التعاون الإيراني القطري في مجال الدفاع الساحلي وخفر السواحل والمشاركة في المناورات العسكرية، وقال: «إن إيران تمد دوما يد الصداقة إلى دول الجوار ونؤمن بأن بإمكان دول المنطقة أن توفر الأمن فيها من خلال مزيد من التقارب. والخليج الفارسي هو بيتنا وأمنه أيضا بيدنا».