ظهر فن الدوبلاج في إيران منذ أكثر من نصف قرن، ويمكننا القول أن الدبلجة الإيرانية كانت من أفضل الدبلجات في العالم، حيث تقدم أصوات لا مثيل لها، ودبلجة فريدة من نوعها.
وعلى الرغم من إنتشار الدوبلاج في بلدان أخرى مثل المغرب العربي الذي استخدم الدبلجة إلى الفرنسية منذ عام 1942، إلا أن فن الدوبلاج عُرف في إيران خلال النصف الثاني لأربعينيات القرن الماضي، ففي يوم الخميس الموافق للخامس والعشرين من إبريل لعام 1946 ، شاهد الإيرانيون في سينما كريستال لأول مرة فيلمًا مدبلجًا إلى الفارسية وكان فيلم فرنسي يسمى ” هروب فتاة “، وقد انبهر المشاهدين بالعمل، وحظى بنسبة مشاهدة عالية جدًا.
وقبل هذا التاريخ كانت هناك تجارب بسيطة للدوبلاج ، حيث في العشيرينيات كان الناس يشاهدون أخبار الحرب العالمية بتعليق صوتي فارسي، لكن هذا لا يضاهي تجربة دبلجة الأفلام التي كانت حدث عظيم فريد من نوعه في تلك الحقبة، يعود الفضل فيه إلى الدكتور اسماعيل كوشان.
أبو السينما الإيرانية
اسماعيل كوشان ( 1917 : 1981 ) هو دكتور في الإقتصاد، قد درس الإقتصاد في المانيا، ولكن بسبب حبه للسينما أكمل دراسته في تخصص الصحافة و الإذاعة والسينما، وبعد فترة أراد العودة إلى إيران، لكن بسبب ظروف الحرب اضطر للبقاء فترة في تركيا، وهناك ظل يتدرب على الدوبلاج، و بمشاركة زوجته ديانا و جهانكير تفضلي الطالب بجامعة اسطنبول تم تأسيس استديو ميترا فيلم، بعد ذلك قام بشراء فيلمان أحدهم فرنسي والآخر أسباني.
وبدأ عمله بالفيلم الفرنسي الذي تم إنتاجه عام 1944 واختار له اسم “هروب فتاة ” وساعده تفضلي بطلاب أحبوا هذا المجال ليقوموا بتأدية الأصوات الرجالية، ولكن واجهته مشكلة الأصوات النسائية، حيث كان عمل الفتيات في مجال السينما أمر نادر، وفي النهاية قرروا الإستعانة بفتيات من تركيا و اليونان لإداء أصوات ممثلات الفيلم الفرنسي، ودربهم كثيرًا على النطق الفارسي، وبتقييم هذا العمل كأول فيلم مدبلج لم تكن النتيجة سيئة، بعد ذلك كرر التجربة في الفيلم الأسباني، وبعد إنهاء الفيلمان، عاد إلى إيران ونقل مقر شركته إليها، ليبدأ مشواره في عالم الدوبلاج والسينما.
وقد لُقب بأبو السينما الإيرانية لإيمانه بالسينما في بدايتها، وعشقه لها، حيث أخرج وأنتج وكتب عشرات الأفلام، و قد عمل ابنائه كوروش و داريوش أيضًا بالتمثيل والإخراج.
بداية جديدة
تعددت التجارب، وبدأت آمال البعض تتجه نحو هذا المجال، و ظهرت شركات أخرى كشركة إيران فيلم و شركة داريوش، ولكن مع الفيلم المدبلج الخامس بدأ الأمر يأخذ مسار آخر أكثر توفيقًا، فأصبحت اللغة أكثر سلاسة قريبة من حركة الشفاه، و المؤثرات الصوتية أكثر نضوجًا، والممثلين أكثر تمكنًا، لذا يمكننا القول أن هذا الفيلم كان أفضل من سابقيه، وقد تم تسجيله في باريس، ثم أنتقل تسجيل الأفلام إلى إيطاليا.
وكان فيلم ” اغفر لي ” أول عمل مدبلج بالفارسية يسجل في إيران بواسطة استديو إيران فيلم، وقد لاقى استقبال حافل وتم عرضه في سينما ديانا وسينما بارك.
وقد سُميت فترة الأربعينيات بالعصر الذهبي للدبلجة، لكن مع بداية الخمسينيات بدأ عصر التراجع حيث أن شركات الإنتاج اتبعت سياسة السرعة، ففقدت الأفلام جودتها، كما كانت هناك مشاكل تتعلق بقلة الرواتب وعدم وجود تأمينات ومعاشات مما أدى إلى إنصراف الممثلين عنه.
وبعد الثورة تم إهمال هذا الفن، ولكن في الآونة الأخيرة بعد إنتشار الدراما التركية، بدأ الدوبلاج يزدهر مرة أخرى في كثير من البلاد وبالطبع إيران.