في 22 مايو الجاري، أكد رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، أن الحركة تربطها «علاقة ممتازة» بحزب الله اللبناني تقوم على «تنسيق وعمل مشترك»، وكذلك أيضًا بإيران التي قال إنها زودت كتائب القسام، «بالكثير من المال والعتاد والخبرات».
وأضاف «السنوار» في مقابلة له بثتها قناة «الميادين» الفضائية: «نحن علاقاتنا ممتازة للغاية مع الأخوة في حزب الله وهي متطورة بشكل رائع جدًا، وهناك تنسيق وعمل مشترك واتّصالات شبه يومية بيننا وبينهم، والعلاقات في أوجها وفي أحسن مراحلها».
«السنوار» أكد أنّ «محور المقاومة والممانعة قد عاد والتم شمله»، مشددًا على رفض حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أي هجوم على سوريا أو إيران أو جماعة «حزب الله» الشيعية اللبنانية الذي يقاتل في سوريا دعمًا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
دعم عسكري
وأضاف «السنوار»: «علاقاتنا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ممتازة، وطهران لم تقصر خلال سنوات ما بعد عدوان 2014 في دعم المقاومة بالمال والعتاد والخبرات».
وشدد «السنوار» على جهوزية حركته للتصدّي لأي هجوم إسرائيلي، وقال «أصابع مجاهدينا على الزناد إذا ما حدثت مواجهة مع العدو وسنُفاجئ العدو بالكثير من العتاد».
كما أعلن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، أن إيران تقدم دعما جوهريا لقوات «المقاومة»، معتبرا أن هذا يدل على عزم إيران مواجهة إسرائيل.
وأكد العاروري في مقابلة تلفزيونية مع «قناة القدس» أن «الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية لم يتوقف»، مضيفًا: «مؤشر على جدية إيران في مواجهة الكيان الصهيوني».
علاقات حماس وإيران
بدأت بذرة العلاقة بين الطرفين خلال مؤتمر أقامته طهران لدعم الانتفاضة الفلسطينية عام 1990، وذلك بعد مضي 3 أعوام على تأسيس حركة حماس، شارك فيه آنذاك القيادي في الحركة خليل القوقا.
وتطورت العلاقة بينهما عندما افتتحت طهران مكتباً للحركة في العام التالي، وعيّنت القيادي المبعد عماد العلمي ممثلاً لحماس في إيران، لطلب الأخيرة وجود تمثيل سياسي لها في طهران خلال المؤتمر الثاني لدعم الانتفاضة.
اتجهت علاقة طهران بمنظمة التحرير الفلسطينية للفتور، بعد اتخاذ الأخيرة المفاوضات مع إسرائيل طريقاً لحل القضية الفلسطينية، في حين تبنت حماس المقاومة المسلحة ورفضت الاعتراف بإسرائيل.
بدأت طهران ترى في حماس ممثلاً للشعب الفلسطيني، وذلك بناءً على وثيقة بين الطرفين كشفها مصدر فلسطيني في تونس عام 1993، ليتبعها بعد ثلاث سنوات تصريح لممثل حماس في طهران آنذاك عماد العلمي، بأن حماس تعتبر إيران حليفاً استراتيجياً لها.
وتعززت العلاقة بين حماس وإيران بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، بينما اعتبر عام 2011 بداية التراجع فى العلاقة بعد اندلاع الثورة السورية حيث تراجع الدعم الإيرانى المالي والعسكري بسبب موقف حماس من الثورة.
وتعتبر زيارة وفد رفيع من الحركة للعاصمة الإيرانية طهران للمشاركة في حضور مراسم تنصيب الرئيس حسن روحاني بدعوة واستقبال رسمي رفيع المستوى ولقاءه مسئولين على رأسهم رئيس البرلمان ووزير الخارجية ورئيس المجلس الاستراتيجى للسياسة الخارجية الإيرانية، إشارة لعودة العلاقة مع الحركة واهتمام طهران بهذه العلاقة.
وأكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خلال لقائه وفد الحركة، أهمية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية لبلاده وأهمية العلاقة بفصائل المقاومة على رأسها حماس، مضيفًا أن موقف طهران من القضية الفلسطينية ثابت وغير قابل للتغيير ولن يشهد هذا الدعم أى تبدل.
وقال رئيس مجلس الشورى الإسلامى على لاريجاني، خلال لقائه وفد حماس، أن إيران مستمرة فى دعمها للقضية الفلسطينية ودعم صمود الفلسطينيين باعتبارهم الخط الأمامي لجبهة المقاومة.
وأكد أن إيران تدعم القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة ومواجهة الاحتلال باعتباره العدو المركزى وذلك على رأس أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، منبهًا أن إسرائيل تحاول من خلال بث الفرقة والخلاف في جسم الأمة شعوبا وحكومات ضمان حياتها ومستقبلها.
مكاسب
مؤمن بسيسو، الكاتب الصحفي الفلسطيني، أكد في مقال له نُشر عبر «الجزيرة نت»، أنّه في الوقت الذي تبدو فيه الأهداف السياسية الإيرانية -من استعادة تحالفها وتوطيد علاقاتها مع حماس- غاية في الوضوح، فإن الحركة تعوّل على تحقيق مكاسب سياسية ومالية وعسكرية هامة، وذلك على النحو التالي:
أولًا: المكاسب السياسية: «لا يختلف اثنان في أن حماس عاشت على مدار السنوات الماضية أزمة سياسية بكل معنى الكلمة، فقد فقدت حكم الإخوان المسلمين في مصر الذي شكل لها فتحا إستراتيجياً بنت عليه الحركة الكثير من الطموحات والحسابات على مختلف الأصعدة والمستويات».
ولم تستطع حماس أن تتجاوز نسبيا أزمة سقوط حكم الإخوان إلا عبر تعزيز علاقاتها السياسية مع قطر وتركيا، وتفعيل آليات الجباية الضريبية داخل القطاع تجنبا لتداعيات الانهيار المؤسسي لبنيتها الحاكمة، في ظل التردي الخطير للأوضاع الاقتصادية هناك جراء قسوة الحصار.
إلا أن الاتفاق التركي/الإسرائيلي، وانكفاء تركيا على أولوياتها الداخلية ومصالحها القومية، ونشوب الأزمة الخليجية التي وضعت حماس في بؤرة الاستهداف السياسي جراء علاقتها المميزة مع قطر؛ أفقد الحركة ظهيرها السياسي، وأجبرها على إعادة رسم خياراتها وتوجهاتها السياسية بما يتناسب مع خطورة المرحلة وتحدياتها الجسام.
ثانيًا: المكاسب المالية: منذ خروج حماس من سوريا وتراجع علاقتها مع إيران إلى درجة غير مسبوقة؛ عانت الحركة من أزمة مالية خانقة، وانتعشت حماس ماليا في سنوات ما قبل الأزمة السورية، فأرست أركان حكمها في غزة وأطلقت العنان لتطوير بنيتها العسكرية، إلا أن انقطاع الدعم المالي الإيراني عقب خروج الحركة من سوريا وضعها أمام تحديات مالية كبرى، واضطرها للبحث عن موارد مالية جديدة لم تجد تعويضا لها إلا بتفعيل الجباية الضريبية للبضائع والبترول المصري المهرب عبر الأنفاق بين غزة ومصر.
واليوم، تجد حماس فرصتها في الدخول إلى الملعب الإيراني مجددا، وإعادة تجديد آليات الدعم المالي الواسع الذي كانت تتلقاه في مرحلة ما قبل اندلاع الأزمة السورية، كي تستنهض ذاتها وبنيتها الداخلية وقطاعاتها الحيوية المختلفة.
ثالثًا: المكاسب العسكرية: جاهرت حماس كثيرا بحجم الدعم العسكري الإيراني الذي تلقته في مرحلة ما قبل خروجها من سوريا، ولم تترك مناسبة إلا وأشادت فيها بالفضل الإيراني على مستوى تزويدها بتقنية الصواريخ المتطورة التي مكنتها من ضرب العمق الإسرائيلي.
وكذلك أشادت بتدريب إيران لعناصر الحركة العسكرية وتأمين الخبرات العسكرية لهم، وهو ما كان له أثر بيّن وملموس خلال الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة خلال السنوات الماضية.
ومن هنا؛ فإن الباب بات مشرعا أمام استئناف الدعم العسكري الإيراني لحماس، بل وربما تطوير أشكاله وآلياته عن ذي قبل بما يسهم في تعزيز القدرة العسكرية لحماس، التي توليها الحركة أهمية كبرى خلال المرحلة القادمة.