في 8 يوليو الجاري، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، قرارًا لم يكن مفاجئًا للجميع، حيث وصف ترامب أثناء حملته الانتخابية، الاتفاق النووي مع إيران بأنه «أسوأ اتفاق وقعته أمريكا في تاريخها».
ويسعى دونالد ترامب إلى تعديل الاتفاقية بإضافة بعض البنود مثل السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالدخول إلى كافة المناطق العسكرية السرية الإيرانية، واستمرار حظر الأسلحة على إيران لمدة خمس سنوات.
كما نص الاتفاق الذي وقعت عليه فرنسا وألمانيا والصين وأمريكا وبريطانيا وروسيا، على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية.
عقوبات سريعة
من المفترض أن تبدأ العقوبات الأمريكية على إيران، بعد 90 يومًا، عقِب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم إبرامه في 2015 وساهم في رفع العقوبات الاقتصادية على طهران.
لكن عقِب الإنسحاب الأمريكي بنحو أسبوع، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات ضد إيران، تستهدف 4 أشخاص على علاقة بالحرس الثوري و«حزب الله»، ومن بين الأشخاص محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف.
وشملت العقوبات بنك «البلاد» الإسلامي، ومقره العراق، بحسب ما ذكرته وزارة الخزانة الأمريكية على موقعها الإلكتروني على الإنترنت، وتهدد العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران بخفض إمدادات النفط العالمية.
وكان من القرر أن تفرض الولايات المتحدة بعد 90 يومًا قيودًا على بيع العملة الأمريكية لإيران، وشراء الذهب والمعادن الثمينة الأخرى من إيران، وكذلك شراء الصلب والألومنيوم والاستثمار في السندات الإيرانية، وصفقات مع شركات صناعة السيارات.
وكشف وزير الخزانة الأمريكي، عن تفاصيل الجهود التي ستتخذها واشنطن لإعادة فرض العقوبات على إيران بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
وأكد «منوشين» في بيان له، أن قسم مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة يباشر الإجراءات لتنفيذ قرار الرئيس، مشيرا إلى أن العقوبات سيعاد فرضها في الفترة من 90 لـ 180 يوما.
كما سيتم أيضا سحب تراخيص التصدير من شركات الطيران المدني، بما فيها «بوينغ» و«إيرباص»، واعتبارا من 6 أغسطس سيفرض الحظر على استيراد السجاجيد والمواد الغذائية.
شروط خانقة
في مؤتمر صحفي يوم الإثنين الماضي، طرح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قائمة من 12 مطلبا وضعتها أمريكا أمام الحكومة الإيرانية كشرط لتطبيع العلاقات، وأوضح بومبيو: «المطلوب من إيران ليس من الصعب تنفيذه ونحن لن نتساهل مع ما تفعله طهران من خلال حزب الله في أوروبا والدول العربية».
وأوضح بومبيو أن هذه المطالب هي:
1. وقف تخصيب اليورانيوم وعدم القيام بتكرير بلوتونيوم، بما في ذلك إغلاق مفاعلها العامل على الماء الثقيل
2. تقديم تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البعد العسكري لبرنامجها النووي والتخلي بشكل كامل عن القيام بمثل هذه الأنشطة
3. منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية الوصول إلى كل المواقع في البلاد
4. وقف نشر الصواريخ الباليستية والتطوير اللاحق للصواريخ القادرة على حمل الأسلحة النووية
5. إخلاء سبيل كل المحتجزين من الولايات المتحدة والدول الحليفة والشريكة لها، الذين تم توقيفهم بناء على اتهامات مفبركة أو فقدوا في أراضي إيران
6. التعامل باحترام مع الحكومة العراقية وعدم عرقلة حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها
7. سحب جميع القوات، التي تخضع للقيادة الإيرانية، من سوريا
8. وقف تقديم الدعم لـ«التنظيمات الإرهابية»، الناشطة في الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله اللبناني، وحركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، ووقف الدعم العسكري للحوثيين في اليمن، ولحركة طالبان والإرهابيين الآخرين في أفغانستان، وعدم إيواء مسلحي القاعدة.
9. وقف «دعم الإرهاب» بواسطة قوات «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني.
10. التخلي عن لغة التهديد في التعامل مع دول مجاورة لها، كثير منها حلفاء للولايات المتحدة، بما في ذلك الكف عن التهديدات بالقضاء على «إسرائيل» والهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات.
11. التخلي عن تهديد عمليات النقل البحرية الدولية.
12. وقف الهجمات السيبرانية.
وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن «شعبه لا يخشى التهديدات الأمريكية الفارغة، وهو أعظم شأنا بكثير من دونالد ترامب ومايك بومبیو وجون بولتون وكل المتطرفين في واشنطن»، حسب تعبيره.
وقال روحاني أمام حشد من الرياضيين مساء الثلاثاء: «الشعب الإيراني انتصر وصنع المفاخر في كل ساحات التاريخ وهنا أقول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن هذا الشعب سينجح وينتصر في مواجهتكم».
وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تصريحات نظيره الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة بخصوص طهران، بأنها باطلة ومبنية على أوهام قديمة.
وشدد «ظريف» على أن أمريكا باتت رهينة جماعات الضغط، مضيفا أن بومبيو كرر في تصريحاته الاتهامات السابقة تجاه طهران لكن باستخدام لهجة أكثر صرامة ووقاحة.
وقال إن «تصريحات بومبيو غير منطقية وخرقاء ولا تستحق الرد، وسياسة أمريكا الخارجية مهزومة»، مؤكدا أن الشعب الإيراني سيظل صامدا أمام أي عقوبات أمريكية.
حرب وشيكة
توقع باحث ألماني أن تشن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربا على إيران بمشاركة «إسرائيل» ودعم محتمل من السعودية على خلفية تصاعد التوتر بين الجانبين بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع بين الدول الكبرى وطهران عام 2015.
وقال الخبير في السياسة الأميركية والعلاقات الأطلسية بالمؤسسة الألمانية لدراسات السياسة الخارجية في برلين البروفيسور جوزيف برامل في مقابلة مع الجزيرة نت، إن رفض إيران المطالب الـ12 التي قدمها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وإبقاءها المجال مفتوحا للعودة لأنشطتها السابقة في مجال تخصيب اليورانيوم قد يدفعان الولايات المتحدة للرد بضربات وقائية.
ورأى الباحث الألماني البارز أن العقوبات الاقتصادية التي تعتزم واشنطن فرضها على إيران تعكس رغبة إدارة ترامب في الإضرار بأوروبا والصين، إضافة لاستهدافها تغيير النظام الإيراني.
وأضاف: «ليس هناك تفسير لإعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو غير أن حرب إدارة ترامب بمشاركة إسرائيل وربما بدعم السعودية ضد إيران باتت مسألة وقت، والرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير قال عندما كان وزيرا للخارجية لقد وقعنا الاتفاق النووي مع إيران لكي نمنع الحرب».
وتابع: «والتداعيات المنطقية لانسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق هي وقوع هذه الحرب، ومجرد إبقاء إيران المجال مفتوحا لعودتها لأنشطتها النووية السابقة سيرد عليه الأميركيون بـ(الضربات الوقائية) التي خططوا لها، وهذا هو التوجه القوي لمستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جون بولتون الذي أعلن عام 2014 أن إيقاف طموحات إيران النووية يتطلب ضربها».