لبحث تداعيات الإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، وصلت وفود الصين وروسيا ودول أوروبية وإيران إلى فيينا للمشاركة في لقاء (أربعة زائدا واحدا)، في ظل غياب الولايات المتحدة الأمريكية.
اللقاء الذي يعقد للمرة الأولى منذ انسحاب أمريكا، يبحث فيه المجتمعون نتائج المحادثات الرامية لإنقاذ الاتفاق، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت التزام إيران بالاتفاق الموقع في 2015.
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران ملتزمة الحدود القصوى لمستوى تخصيب اليورانيوم ولمخزوناتها من اليورانيوم المخصب وأنها وفرت لمفتشي الوكالة الوصول الى كل المواقع.
قبل المؤتمر
بالأمس، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن برلين ستواصل احترام الاتفاق النووي مع إيران، وفي مؤتمر صحفي عقب محادثاتها مع رئيس مجلس الدولة الصيني أشارت ميركل إلى أن جزءًا من الشركات الأوروبية قد يتعين عليها مغادرة إيران بسبب الإنسحاب الأمريكي.
وأكدت فرنسا على لسان، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آنييس فان دور مول، أنّ «فرنسا ستدعم الاتفاق النووي الإيراني طالما تحترم طهران تعهداتها»، وأضافت: «يحق للشركات الفرنسية التي تتعامل مع إيران وأن تتابع عملها هناك طالما تحترم إيران الاتفاق النووي».
من جانبه، أعاد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون التأكيد على رغبة بريطانيا في الحفاظ على الاتفاق، وأضاف «جونسون»: «هناك إصرارا على حماية الشركات الأوروبية في إيران، ورغبة في مواصلة الحوار (الحيوي) في هذا الشأن مع الولايات المتحدة».
من المستفيد؟
من الواضح أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي أكثر المستفيدين من هذا الاجتماع، الذي دعت له إيران، من أجل الوصول لحل يُرضي جميع الأطراف، ولمعرفة ما يمكن فعله خلال الأيام المقبلة.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين اتسمت بالحدة خلال الأيام السابقة للإجتماع، نظرًا لعدم وجود رد فعل قوي من الدول الأوروبية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك تجاه ما يمكن فعله مستقبًلا.
واعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بنظامه، وحدد للأوروبيين سبعة شروط للإبقاء على الاتفاق النووي، في حين أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن بلاده ستتجاهل العقوبات الأميركية وتتفاوض مع الأوروبيين.
وقال «خامنئي» إن عداء الولايات المتحدة لإيران عميق، وإن جميع التحركات الأمريكية ضد إيران هدفها الإطاحة بالنظام، وأضاف: «أن واشنطن مارست كل أساليب العداء بدف ضرب بلاده سياسيا وعسكريا واقتصاديا لكنها فشلت في كل تلك المحاولات».
ورأى خامنئي أن الولايات المتحدة ستهزم إذا قام المسؤولون الإيرانيون بواجبهم، موضحا أن بلاده تسعى للتوافق مع الدول الأوروبية للحفاظ على الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، ومحذرا في الوقت نفسه من أن التجارب السابقة تشير إلى أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا تسير على منوال واشنطن في القضايا الحساسة.
من جانبه، قال رجل الدين الإيراني البارز أحمد خاتمي يوم الجمعة إنه لا يمكن الوثوق بالدول الأوروبية وذلك بعد أن قال الرئيس حسن روحاني إن طهران ستبقى في الاتفاق النووي المبرم في 2015 حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
وقال خاتمي في خطبة الجمعة بجامعة طهران التي أذاعها التلفزيون الرسمي «أمريكا لا يمكنها أن تفعل شيئا. إنهم (الأمريكيون) يسعون دوما لإسقاط النظام الإيراني وخروجهم (من الاتفاق) يتسق مع هذا الهدف».
مفاوضات جديدة
ويوم الأربعاء الماضي، وافق المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي، على السماح لطهران بالتفاوض على انقاذ الاتفاق النووي الايراني بعد الانسحاب الاميركي منه لكنه طالب بضمانات جدية لكي تبقى الجمهورية الاسلامية فيه.
واعتبارا من الخميس، أعلن الرئيس الايراني حسن روحاني أن وزير خارجيته محمد جواد ظريف سيجري مفاوضات مع الدول الخمس الاخرى الموقعة على الاتفاق (المانيا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) لمعرفة ما يمكن انقاذه.
وقال خامنئي خلال خطاب بثه التلفزيون الإيراني ويبدو أنه موجه إلى المدافعين عن الاتفاق ومن بينهم الرئيس حسن روحاني، «يُقال بأنّنا سنواصل مع ثلاثة بلدان أوروبيّة. لستُ واثقاً بهذه البلدان الثلاثة أيضاً».
وأضاف «إذا أردتم عقد اتفاق فلنحصل على ضمانات عمليّة وإلا فإن هؤلاء سيقومون جميعاً بما فعلته أمريكا. إذا لم تتمكّنوا من أخذ ضمانات حتميّة – وأنا أشك فعلياً في انكم ستتمكنون من ذلك – فلن يكون مقدوراً مواصلة السير ضمن الاتفاق النووي».
الإنسحاب الأمريكي
أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب في 8 مايو الجاري، انسحاب بلاده من الاتفاق الموقع في فيينا عام 2015، والذي قبلت ايران بموجبه الحد من انشطتها النووية والتعهد بعدم السعي لامتلاك السلاح الذري مقابل رفع قسم من العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وعمدت واشنطن الى الخيار الاكثر تشددا عبر اعادة فرض كل العقوبات التي كانت رفعت بموجب الاتفاق لكن ايضا عبر الاعلان عن عقوبات اقسى وارغام الشركات الاجنبية على الاختيار سريعا بين مواصلة اعمالها في ايران او في الولايات المتحدة.