رغم عمرها القصير تعتبر من أشهر الشاعرات الإيرانيات، فقد استطاعت فروغ في خمسينيات القرن الماضي أن تعبر عن مشاعر ورغبات المرأة في الوقت الذي كانت تخشى فيه النساء الحديث، فسببت حالة من الجدل والرفض والتقدير والقبول جعلتها امرأة جامعة لأضداد.
وقد كانت تقول دائمًا ” أمنيتي هي تحرير المرأة الإيرانية ومساواتها مع الرجل، فأنا أعاني كأخواتي من ظلم الرجال في هذا البلد، و أحاول أن أصور معانتهن وآلامهن بفني، وطموحي هو تحقيق بيئة ملائمة للأنشطة العلمية والفنية والاجتماعية للمرأة.
حياتها
ولدت فروغ الزمان محمد فرخزاد في طهران عام 1935، وكان والدها عقيد في الجيش، وكان لها الكثير من الأشقاء منهم المطرب فريدون فرخزاد.
في عام 1951 تزوجت من أحد أقاربها وهو الرسام برويز شابور وهي في السادسة عشر من عمرها، وأنجبت ابنها الوحيد كاميار، ثم انفصلت بعد عامين، لتبدأ مسيرتها الشعرية القصيرة.
سافرت إلى أوربا و كانت كثيرة التردد على المسارح والأوبرا والمتاحف، وقد تعلمت الإيطالية والفرنسية و الآلمانية، وقد نتج عن هذه الرحلة تحول كبير في شخصية فروغ، فقد تأثرت بالثقافة الأوربية و جرأة فنونها و أدبها مما جعلها تحلق بشعرها في آفاق جديدة لم تسبقها إليها شاعرة إيرانية.
علاقتها بإبراهيم كلستان
كان إبراهيم كلستان مخرج وكاتب معروف، قد أتفقا أن يغيرا المفاهيم الإجتماعية التقليدية و يقدمان فنًا مختلف، وبالفعل قدما معًا فيلم ” المنزل الأسود ” ليحكي معاناة مرضى الجزام.
ولقربهما على مدى سنوات من بعضهم البعض كان يشاع وجود علاقة حب بينهما.
مكانتها الشعرية
يقول بعض النقاد الإيرانين أن فروغ لم تدرس الأوزان الشعرية، فقط كانت تنظم الشعر بشكل عفوي.
وقد مثلا ديواناها الرابع والخامس تطورًا واضحًا، جعلاها من أفضل من كتب الشعر الحر الإيراني، حيث استخدمت تعبيرات مختلفة و جديدة.
كما لم يكن من المتعارف عليه في الشعر الإيراني أن نجد فتاة تتحدث عن أحلامها ومخاوفها ورغباتها والرجل الذي تحبه ونقدها للمجتمع وأفكاره.
وبالطبع قد أحدث فشل زواجها شرخًا عميقًا في قلبها جعلها تتحدث بصدق عن حالات الإحتياج والألم.
أعمالها
قد نشرت فروغ خمسة دواوين شعرية هم :
أسير عام 1952
الجدار عام 1956
تمرد عام 1957
ولادة أخرى عام 1962
فلنؤمن بحلول الفصل البارد عام 1963
نماذج من أشعارها
من قصيدة في شوارع الليل الباردة
أنا لست نادمة
أنا أفكر بهذا الاستسلام
هذا الاستسلام المعفّر بالألم
أني قَبَّلتُ صليب قدري
على مرتفع تلال مقتلي.
في شوارع الليل الباردة
الأزواج دائماً يهجرون بعضهم مترددين
في شوارع الليل الباردة
لا صوت سوى: الوداع…الوداع…
أنا لست نادمة
كأنما قلبي يجري في تلك الجهة من الزمن
الحياة ستكرر قلبي
وزهرة القاصد التي تجري على بحيرات الريح
هي التي ستكررني.
آه، هل ترى
كيف يتمزق جلدي؟
وكيف حليب نهدي الباردين
يتجمّد في عروقي المزرقة؟
من قصيدة بين الظلام
” أغنية حزينة
تصاعدت من مدينة السلاسل
كالدخان،
وكالدخان
تتزحلق على النوافذ.
طوال الليل
ثمة بين نهدي
أحد ما يلهث يائساً
نفَسَاً نفسَاً.
أحد ما ينهض
أحد ما يريدك
أحد ما يناديك،
مرة أخرى سوف يسحب
يديه الباردتين.
طوال الليل، هناك
يتساقط الحزن
من الغصون السوداء.
أحد ما متأخر عن نفسه
أحد ما يناديك
والهواء يتساقط عليه كالحطام.”
من قصيدة ولادة أخرى
” وجودي كلّه آية مظلمة
تكررك دائماً في نفسها
ستأخذك إلى سَحَر الدهشة
والعود الأبدي
أنا تأوهتك في هذه الآية: آه…
أنا، بهذه الأية، ربطتك بالشجر
والماء
والنار.
لعلّ الحياة شارع طويل تجتازه امرأة كل يوم بزنبيل
لعلّ الحياة حبل يعلّق به رجل نفسه من غصن.
لعلّ الحياة طفل يعود من المدرسة.
لعلّ الحياة
إشعال سيجارة في برهة ارتخاء متعانقين
أو مرور عابر سبيل دائخ
يرفع قبعة عن رأسه
قائلاً لعابر آخر بابتسامة فارغة:
صباح الخير.”
من قصيدة فلنؤمنْ بحلول الفصل البارد
“وهذه أنا
امرأة وحيدة
على عتبة الفصل البارد،
في بدء إدراك الوجود الملوث بالأرض
ويأس السماء البسيط الحزين
وعجز تلك الأيدي الإسمنتية.
مضى الزمن
مضى الزمن ودقّت الساعة أربع مرات
دقت أربع مرات
اليوم أول شهر دي
أنا أعرف سرّ الفصول
وأفهم كلام اللحظات.
المنقذ يرقد في لحده
والتراب، التراب المضياف
علامة السكينة.”
وفاتها
قد حاولت فروغ الإنتحار خلال عام1962عن طريق تناول علبة دواء، لكن تم إنقاذها، وفي عام 1967 أثناء قيادتها للسيارة توفت إثر حادث وهي في الثانية والثلاثين من عمرها، وقد حضر جنازتها أهم شعراء وكتاب إيران آنذاك من بينهم صادق چوبک، و جلال آلاحمد، و مهدی اخوانثالث، و أحمد شاملو، و أحمدرضا أحمدی، وغيرهم.
ودُفنت في مقابر ظهير الدولة.
ومن الجدير بالذكر أنه لم يتم فرض رقابة على أعمال فروغ فروخزاد خلال حياتها في عهد محمد رضا شاه بهلوي، ولكن بعد وفاتها، تم حظر أعمالها في فترات حكم بعض رؤساء إيران.