فايننشيل تايمز
كتبت “كاترينا مانسون”، وترجمت إيران خانه:
عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن 12 مطلبًا أمريكيًا من إيران، وصف إياها بأنها “متطلبات أساسية للغاية”، وكانت في معظمهم “غير منطقية”، لكن العديد من المراقبين اختلفوا على الأمر.
وضع بومبيو متطلباته كأساس لاتفاقية كبرى –حيث يسعى إلى الحصول على تنازلات ضخمة في مقابل معاهدة مُلزِمة من شأنها أن تحقق منافع اقتصادية ودبلوماسية دائمة لإيران. لكن النقاد يدركون أن شيءٌ أكبر بكثير خلف إصرار إدارة ترامب على أن تتخلى طهران عن كل شيء، كتخصيب اليورانيوم وسياستها الخارجية القائمة منذ فترة طويلة، أو أن تخضع لعقوبات معوقة: وهو التي تعد محاولة للإطاحة بالنظام الحاكم للبلاد.
وفي حين أن السيد بومبيو لم يصل إلى حد الدعوة صراحةً بتغيير الحكومة، فإن مطالبه كانت صارمة للغاية، ومن غير المرجح أن توافق عليها طهران التي ستراها بمثابة الشيء ذاته (الإطاحة بالحكم).
وقالت ويندي شيرمان، كبيرة المفاوضين الأمريكيين والتي ساعدت في إبرام الاتفاق النووي لعام2015، والتي تخلى عنها دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الشهر: “في النهاية، ما يحاولون فعله هو التحريض، إن لم يكن التغيير المباشر للنظام الحاكم”.
وكان وَعْدُ ترامب بتمزيق الاتفاق النووي الإيراني هو حجر أساس حملته الانتخابية. لكنه وسع منذ ذلك الحين انتقاداته لطهران، لتشمل كل جوانب النظام تقريبًا، ومعارضًا بشدة لترتيباته الأمنية الداخلية وسياسته الخارجية.
ويُعرف عن الأعضاء الجدد لسياسة ترامب الخارجية -بومبيو ومستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون- أنهم من أشد منتقدي إيران، والذين قد دعوا إلى تغيير النظام في إيران فيما سبق.
وقال نيد برايس المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، والذي عمل كمستشار خاص للرئيس أوباما، أن إدارة ترامب قد أعلنت عن مطالبها هذه، والتي وصفها بأنها مستحيلة بشكل لا يمكن تحقيقه، فقط كمحاولة لتضع نفسها في ثوب المنطق والبراغماتية.
لكن مايك سينغ، المدير السابق في مجلس الأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش، قال أن شكاوى بومبيو تتفق مع المخاوف التي أعربت عنها الحكومات الأمريكية المتوالية. وقال أن القائمة لم تحتوي على طلبات جذرية ولا كانت بمثابة دعوة لتغيير النظام، ولكنها بدلًا من ذلك ناقشت أن الصعوبة الرئيسية ستكمن في تحديد كيفية تحقيق هذه الأهداف. وقال:”تراهن الإدارة على أنها ستكون أكثر نجاحًا في مواجهة إيران إذا انسحبت من [الاتفاق النووي] ومع مجموعة العقوبات الكاملة المتوفرة لدينا. . . وأنها تستطيع القيام بكل شيء بضربة واحدة. لكن الجانب السلبي هو أن الحلفاء ليسوا مؤيدين ببساطة لاستراتيجيتنا، والمسافة بين الانسحاب من الاتفاقية والوصول إلى واحدة أكبر ستكون شاسعة”.
فعندما رفضت واشنطن مناشدات الحلفاء للولايات المتحدة للبقاء في الاتفاق النووي وانسحبت، فقدت التأييد العالمي الذي كان سيساعدها على إبرام اتفاقية أكبر. كما أن الحلفاء قد تأثروا بالعقوبات الأمريكية المفروضة على التعامل التجاري مع إيران.
وقالت شيرمان: “سيتفق معظمنا على أننا نرغب في غالبية ما قاله بومبيو إن لم يكن كله، لكن السؤال هو كيفية القيام به”، وأضافت أنه من الواضح أن إدارة ترامب تفتقر إلى الدعم الأوروبي، وقد فشلت في الحصول على دعم من الصين أو روسيا.
وقالت أن أي جهد حقيقي لتحقيق كل المطالبات الإثنا عشر في نفس الوقت من شأنه أن يؤدي إلى مفاوضات معقدة وطويلة جداً يمكن أن تدوم لعقود.
وقد تعكس قائمة المطالب الطويلة أيضًا الذعر البيروقراطي بدلاً من أن تعكس أي جهد ضمني لإحداث تغيير النظام. في أعقاب قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية وإعادة فرض العقوبات الضخمة قبل أسبوعين، سارع مسؤولو وزارة الخارجية إلى تطوير “خطة بديلة” لم توضح بعد. ولم يقم المسؤولون الأميركيون بإطلاع الحلفاء على أي استراتيجية، ومن المقرر أن يلتقوا بنظرائهم الأوروبيين في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقد تطلع مسؤولون كبار في إدارة ترامب نحو مستقبل الخلافة نظرًا إلى أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يبلغ من العمر 78 عاماً مع اعتلال صحته. وقال مسؤول أمريكي كبير للصحفيين في وقت سابق من هذا العام “لا يمكن التنبؤ بموعد موت أحدهم” وأشار إلى أن وفاة خامنئي ستشكل “لحظة انفتاح للشعب الإيراني”.
وقد تفاجأ مسؤولو إدارة ترامب عندما اندلعت الاحتجاجات ضد النظام في جميع أنحاء البلاد في ديسمبر ويناير. وعلى الرغم من أنهم اغتنموا سريعًا المبادرة، إلا أنهم كانوا حريصين على عدم تأييد المظاهرات في حال كان دعم الولايات المتحدة للمتظاهرين سيأتي بنتائج عكسية. لكن الإدارة عززت الاتصال بالإنترنت للتغلب على الجهود التي يبذلها النظام لمنع وسائل الإتصال الشعبية.
وقال برايس أن إدارة ترامب تعتمد على “الفكرة الخاطئة بأن الشعب الإيراني على حافة الثورة” لإطاحة السلطة الحاكمة. وقد لمح السيد بومبيو إلى أن الإنقلاب الشعبي قد يكون أسرع طريقة للتأثير الأمريكي.
وقال يوم الاثنين: “في نهاية المطاف، سيكون اختيار القيادة بين يدي الشعب الإيراني. إذا اتخذوا القرار بسرعة، فسيكون ذلك رائعًا. إذا اختاروا عدم القيام بذلك، فسوف نبذل قصارى جهدنا حتى نحقق النتائج التي حددتها اليوم”.