في 2010، بدأت ايران تخصيب اليورانيوم الى درجة تركيز 20 في المئة من يو-235 بعد انهيار محادثات بشأن اتفاق لمبادلة الوقود النووي كان يقضي بأن تزودها دول أخرى بوقود من درجة نقاء أعلى لتشغيل مفاعلها الخاص بالابحاث الطبية.
وبعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي إنه يمكن أن نستأنف تخصيب اليورانيوم إذا أخفق الأوروبيون الموقعون على الاتفاق في إنقاذه.
وبموجب الاتفاق المبرم عام 2015 كبحت إيران برنامجها النووي في مقابل رفع معظم العقوبات، التي فرضها الغرب عليها وهو ما جرى مطلع 2016، وطبقا للاتفاق، يجب ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم في إيران عتبة 3.67 بالمئة لـ 10 سنوات.
تخصيب اليورانيوم
يعدّ اليورانيوم أثقل العناصر الموجودة في الطبيعة، حيث يقع في الصف السابع في الجدول الدوري، وهو أحد أعضاء مجموعة الأكتينيدات، وقد تم اكتشافه على يد العالم الكيميائي الألماني مارتن كلابروت في عام 1789م أثناء قيامه ببعض التجارب على معدن اليورانينيت، ولا بد من الإشارة إلى أنّه يتميز بالعديد من الخصائص، منها: اللون الفضي، والكثافة العالية، والقابلية للسحب، والصلابة، والثقل، بالإضافة لإمكانية الاستفادة منه بعد تخصيبه، وهذا ما سنعرفكم عليه في هذا المقال.
تعرف عملية تخصيب اليورانيوم بأنّها العملية التي يتم من خلالها تحويل اليورانيوم الخام الموجود في الطبيعة إلى مادة قابلة لصنع الأسلحة الفتاكة، أو لإنتاج الطاقة، علمًا بأنّ نسبة التخصيب هي من تحدد كيفية إمكانية استخدامه في البرنامج النووي، كما يعرف التخصيب بأنه عملية معقدة تتم على عدة مراحل بهدف زيادة نسبة اليورانيوم 235 النظير القابل للانشطار في اليورانيوم الخام، والذي يرمز له بالحرف اللاتيني U-، وذلك لزيادة القدرة على استخدامه في مختلف المجالات.
وتعتمد محطات التخصيب على عملية الطرد المركزي عن طريق استغلال أجهزة الطرد المركزي للفارق البسيط الموجود بين نظيري اليورانيوم 235 و238، وذلك من خلال ضخ اليورانيوم بشكله الغازي في عدد من الأسطوانات التي تدور بسرعة عالية، تعرف بأنها أعلى من سرعة الصوت، الأمر الذي يؤدي لدفع الذرات الأثقل اليورانيوم 238 إلى الخارج، فتبقى الذرات الأخف اليورانيوم 235 المخصب في الأسطوانة، ويتم تكرار هذه العملية للعديد من المرات للحصول على التركيز الأعلى لليورانيوم.
اتهامات أمريكية
وقبل نحو أسبوعين، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي، إيران بالكذب بشأن السعي لامتلاك سلاح نووي، وهو يقف أمام أكوام من الأوراق قال إنها وثائق نووية إيرانية، وأضاف: «أولا، كذبت إيران بشأن أنها لم تمتلك برنامجا للأسلحة النووية أبدا، يثبت 100 ألف ملف سري أنها فعلت ذلك. ثانيا، حتى بعد الاتفاق النووي، واصلت إيران الحفاظ على خبراتها بالأسلحة النووية».
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماك بومبيو، في بيان، إن «النظام الإيراني أصر لسنوات عديدة أمام العالم على أن برنامجه النووي سلمي. تظهر الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل من داخل إيران بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام الإيراني لا يقول الحقيقة. لقد راجعت شخصياً العديد من الملفات الإيرانية. ويقوم مسؤولو الاستخبارات لدينا بتحليل عشرات الآلاف من الصفحات وترجمتها من الفارسية».
وأضاف: «تظهر الوثائق أن لإيران برنامج سري للأسلحة النووية منذ سنوات. سعت إيران إلى تطوير الأسلحة النووية ونظم إطلاق الصواريخ وأخفت أرشيفاً ذرياً ضخماً عن العالم وعن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وما زال ذلك مستمراً حتى اليوم»، وتابع بالقول: «كان تبييض صفحة أنشطة إيران غير المشروعة المتعلقة ببرنامجها النووي العسكري أحد عيوب الاتفاق النووي الإيراني».
ورأى بومبيو أن إيران «حظيت بالعديد من الفرص على مر السنين لتسليم ملفاتها إلى مفتشين دوليين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاعتراف بعملها في مجال الأسلحة النووية. ولكن بدلاً من ذلك، كذبت على الوكالة مراراً وتكراراً. كما كذبت بشأن برنامجها أمام الدول الست التي تفاوضت على الاتفاق النووي الإيراني».
وتابع بالقول: «الآن وقد عرف العالم أن إيران كذبت وما زالت تكذب، حان الوقت لإعادة النظر في مسألة ما إذا كان يمكن الوثوق بإيران لتخصيب أي مادة نووية أو التحكم فيها. ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس (دونالد ترامب) في 12 مايو لإصلاح مناهج الصفقة الإيرانية، سأتشاور مع حلفائنا الأوروبيين والدول الأخرى حول أفضل طريق للمضي قدماً في ضوء ما نعرفه الآن عن سعي إيران في الماضي إلى امتلاك الأسلحة النووية وخداعها المنتظم للعالم».
إيران تعود لتخصيب اليورانيوم
في 30 أبريل الماضي، نقل التلفزيون الرسمي عن علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قوله إن إيران تستطيع من الناحية الفنية تخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى مما كانت عليه قبل التوصل للاتفاق النووي.
وقال «صالحي» إن أمام إيران عددا من الخيارات إذا فشلت الدول الأوروبية في الحفاظ على الاتفاق، ومن بين تلك الخيارات استئناف تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 %، وأضاف أنه ليس أمام الاتحاد سوى بضعة أسابيع للوفاء بتعهداته.
وحذر «صالحي» ترامب من هذه الخطوة قائلا «إيران لا تناور… فنيا نحن مستعدون تماما لتخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى مما كان عليه قبل التوصل للاتفاق النووي… أتمنى أن يعود ترامب إلى صوابه وألا ينسحب من الاتفاق».
يُشار إلى أنه في يوليو 2015، كان لدى إيران ما يقارب 20 ألف جهاز طرد مركزي، و في إطار الاتفاق النووي، يمكن لإيران أن تحتفظ بما لا يزيد عن خمسة آلاف وستين من أجهزة الطرد المركزي الأقدم والأقل كفاءة في ناتانز حتى عام 2026، أي بعد 15 عاما من تاريخ بدء الا تفاق في يناير عام 2016.
تم تخفيض مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 98 في المئة إلى 300 كيلو غرام، وهي كمية لا يجب تجاوزها حتى عام 2031، كما يجب الحفاظ على مستوى تخصيب المخزون بدرجة 3.67 %، ولن يسمح بالتخصيب في فوردو حتى 2031، وسيتم تحويل مرفق تحت الأرض إلى مركز للفيزياء النووية والتكنولوجيا.