قالت وكالة «رويترز» للأنباء، إن أسعار النفط سجلت 80 دولارا للبرميل، للمرة الأولى منذ نوفمبر 2014 بفعل المخاوف من أن تتراجع الصادرات الإيرانية ليتقلص المعروض في سوق شحيحة بالفعل.
وكانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 57 سنتا عند 79.85 دولار للبرميل، بعد أن بلغت 80 دولارا للبرميل، وزادت عقود الخام الأمريكي، غرب تكساس الوسيط 64 سنتا، إلى 72.13 دولار للبرميل.
وترتفع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة بفعل احتمالات حدوث تراجع حاد في صادرات النفط الإيرانية في الأشهر المقبلة جراء تجدد العقوبات الأمريكية، إثر قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
لماذا ارتفعت أسعار النفط؟
يرى الكثير من المحللين وخبراء الطاقة أن العقوبات الأمريكية على إيران هي سبب رئيسي لارتفاع أسعار برميل النفط، التي رغم أنها قد تضغط على الإنتاج الإيراني، إلا أن أوروبا وآسيا، خاصة الصين، ستظل تتعامل مع إيران.
وربما تعوض الصين تراجع وارداتها من أنغولا بزيادة كميات النفط الإيراني إليها، كما أن الجمهورية الإيرانية ستجد هذه المرة منفذا في تركيا وقطر يسهل عليها الالتفاف على العقوبات الأميركية، فيما يتعلق بصادرات الطاقة عائداتها.
ويرى تحليل نشره موقع «الغد» الأردني، أن هناك عوامل آنية ساهمت في ارتفاع الأسعار، غير التوازن التقليدي لأساسيات السوق (عرض وطلب)، أهمها هو استمرار التراجع في إنتاج فنزويلا من النفط، والذي انخفض في الشهر الأخير بمعدل 40 ألف برميل يوميا تقريبا.
وتنتج فنزويلا حاليا نحو 1.4 مليون برميل يوميا من النفط (أي أقل بنحو 550 ألف برميل يوميا من حصتها المقررة)، ويساوي التراجع في إنتاج فنزويلا نتيجة العقوبات الأميركية والمشاكل الاقتصادية، التي تواجهها البلاد حصة السعودية من خفض الإنتاج ضمن اتفاق أوبك.
وتزامن الاستمرار في انخفاض إنتاج فنزويلا مع تراجع إنتاج أنغولا المستمر منذ نهاية العام الماضي تقريبا، إذ تراجع ما تشحنه أنغولا من النفط إلى آسيا (وتحديدا الصين أكر مستورد منها) بما يقارب 3 بالمئة في الربع الأول من العام.
توترات
توقع محللون في «آر.بي.سي كابيتال ماركتس» أن تنخفض صادرات إيران من النفط بواقع 200 ألف إلى 300 ألف برميل نتيجة لقرار الرئيس الأمريكي، وتعد إيران ثالث أكبر مصدر للخام داخل «أوبك» بعد المملكة العربية السعودية والعراق.
وتسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على طهران أوائل عام 2012 بسبب برنامجها النووي في انخفاض صادرات النفط الإيرانية من 2.5 مليون برميل يوميا قبل العقوبات إلى ما يزيد قليلا عن مليون برميل يوميا.
ونقلت «رويترز» عن وليام أولافلين، المحلل الاستثماري في «ريفكين سيكيوريتيز» الأسترالية قوله: «بعد انسحاب الرئيس الأمريكي، من المرجح أن تُفرض العقوبات مرة أخرى على إيران وهو ما سيؤثر قطعا على صادراتها النفطية».
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد قالت إن الولايات المتحدة ستعيد فرض مجموعة كبيرة من العقوبات المتعلقة بإيران بعد انتهاء فترة تخفيف العقوبات التي تصل إلى 180 يومًا، ومنها عقوبات تستهدف قطاع النفط الإيراني وبنكها المركزي.
وكان وزير الطاقة السعودي، قد أكد التزام المملكة باستقرار سوق النفط بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدًا أنّ المملكة قد تعمل مع مصدري نفط أساسيين من داخل أو خارد منظمة «أوبك» لمنع أي نقص في الانتاج.
توقعات
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن «يزيد انتاج النفط الصخري الأمريكي 145 ألف برميل يوميًا، إلى 7.18 مليون برميل في يونيو المقبل»، ويُرجح ازدياد إنتاج حوض برميان أكبر رقعة نفط أميركية، بمقدار 78 ألف برميل يوميًا إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 3.28 مليون برميل يوميًا.
وأظهرت دراسة لإدارة معلومات الطاقة، أن الإنتاج العالمي من النفط خارج إيران «بلغ 92.4 مليون برميل يومياً في المتوسط من فبراير إلى مارس، مقارنة بـ91 مليون برميل يوميًا بين 2015 و2017، وعلى رغم ذلك، كان الاستهلاك خارج إيران مرتفعاً، بالغاً 96.4 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ93 مليون برميل يومياً من 2015 إلى 2017.
وفي كوريا الجنوبية، أظهرت بيانات أولية للجمارك، «استيراد 1.2 مليون طن من النفط الخام من إيران في نيسان الماضي، بانخفاض نسبته 12.1 في المئة على أساس سنوي»، ويعادل ذلك 9.1 مليون برميل، وفقاً لحسابات «رويترز»، وأفادت البيانات أيضاً بأن «الكميات الإجمالية التي تشتريها بلغت 11.6 مليون طن من الخام الشهر الماضي، مقارنة بـ11.3 مليون طن قبل عام».
ورفع بنك باركليز توقعاته لأسعار النفط الخام للعامين الجاري والقادم، قائلًا إن السوق تزداد شحا في ظل انخفاض الإنتاج في فنزويلا واحتمال حدوث تعطيلات إضافية للإمدادات مع إعادة فرض الولايات المتحدة لعقوبات على إيران.
وقال البنك، إنه يتوقع أن يكون متوسط سعر خام برنت خلال الفترة المتبقية من 2018 إلى 73 دولارا للبرميل من 61.8 دولار بارتفاع قدره 11.2 دولار للبرميل، وتوقع أن يصل متوسط سعر النفط خلال العام المقبل 2019 إلى نحو 70 دولارا للبرميل وذلك بعد أن كانت التوقعات لا تتجاوز مستوى 60 دولارا.
بنك مورجان ستانلي، رفع هو الاخر توقعاته لسعر خام برنت إلى مستوى 77.5 دولار للبرميل وذلك خلال الربع الأخير من العام الحالى ، تصل إلى مستوى 80 دولارا للبرميل فى الربع الأول من 2019، ثم ترتفع مرة أخرى إلى مستوى 85 دولارا للبرميل بنهاية 2019 و90 دولارا للبرميل بنهاية 2020.
ويتوقع البنك سعرا لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 71 دولارا للبرميل في الربع الأخير من 2018 و73 دولارا للبرميل في الربع الأول من 2019، وقال إن الطلب على نواتج التقطير الوسيطة ينمو بقوة والمخزونات تقترب من أدنى مستوياتها في خمس سنوات؛ ولوائح جديدة للمنظمة البحرية الدولية ستضيف حوالي 1.5 مليون برميل يوميا إلى الطلب بحلول 2020.