رغم تباين الموقف الأوروبي من الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن هناك اجماع على ضرورة الحفاظ على الاتفاق مع إيران، حيث، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، إن الاتحاد الأوروبي تعهد بإنقاذ الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.
وأضاف صالحي، في مؤتمر صحفي مشترك في طهران مع مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة والمناخ ميجيل أرياس كانتي: «نأمل أن تثمر جهودهم.. تصرفات الولايات المتحدة توضح أنها دولة ليست محل ثقة في التعاملات الدولية»، وفقا لـ«رويترز».
لماذا تثق إيران في أوروبا؟
عقّب قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، جاءت التصريحات الإيرانية على ثقة كبيرة بأن أوروبا ستحاول إنقاذ الاتفاق، أو على الأقل لن تنسحب كما فعل دونالد ترامب.
وقال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون: «إن المملكة المتحدة وفرنسا عازمتان على حماية جوهر الاتفاق النووي مع طهران»، واعتبر أنه من الضروري استمرار الحوار مع أمريكا.
ويوم الخميس الماضي، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على أنه يجب على إيران مواصلة احترام التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق الموقع مع دول (5 + 1 ).
وجاء في بيان، صدر عن مكتب رئيسة الوزراء البريطانية، عقب لقاء ثلاثي، «أكد الزعماء نيتهم الالتزام بشروط الصفقة، وأكدوا أهميتها على الأمن المشترك»، وتابع البيان «ووعدوا بالعمل مع جميع الأطراف التي لم تخرج من الاتفاق المبرم مع إيران».
ونستعرض في السطور القادمة، لماذا تثق إيران في أوروبا إلى هذا الحد؟
(1) مكاسب الاتفاق
بعد 22 شهرا من المفاوضات استطاعت فرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا والصين وألمانيا من الوصول لاتفاق مع إيران يحد من أنشطتها النووية، وهو ما كانت ترغب فيه أوروبا بشدة.
وفي 15يوليو 2015، أبرمت مجموعة «5+1» وإيران، بعد 22 شهرا من المفاوضات، اتفاقًا تاريخيًا حول البرنامج النووي الإيراني، نص على عدد من البنود التزم بها جميع الأطراف.
ومن أبرز البنود، استمرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لمدة خمس سنوات، فيما لن ترفع العقوبات المتعلقة بتسليح إيران بالصواريخ إلا بعد مرور ثماني سنوات.
كما نص على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية واقتصادية.
وأعلنت الدول، التي وقعت على الوثيقة، في 16 يناير 2016، إطلاق تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة، التي تقضي برفع العقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية السابقة.
وفي المقابل قامت طهران بالحد من نطاق برنامجها النووي ووضعه تحت المراقبة الشاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت مرارا أن الحكومة الإيرانية تلتزم بالصفقة.
(2) الاقتصاد
وبفضل العلاقات الإيرانية الروسية، تحاول موسكو استقطاب مشاورات دبلوماسية لمحاولة إنقاذ الاتفاق، وأعلن الكرملين أن موسكو وحلفاءها في الفضاء الروسي سيوقّعون اتفاقًا للتجارة الحرة مع إيران، مرجّحًا تقاربًا روسيا – أوروبيًا نتيجة رفض الجانبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق المُبرم عام 2015.
وكرّر وزير المال الفرنسي برونو لومير أن على أوروبا ألا تقبل تصرّف الولايات المتحدة مثل «شرطي اقتصادي عالمي»، متسائلاً: «هل نريد أن نكون خدمًا يطيعون القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة، أم نريد أن نقول ان لدينا مصالحنا الاقتصادية، ونعتبر أننا سنواصل التجارة مع إيران»؟.
ورأى برونو لومير، أن الوقت حان لتظهر أوروبا سيادتها واستقلالها المالي، مشيرًا الى أنه اتصل بنظيره الأميركي طالباً إما استثناءات لشركات فرنسية تعمل في إيران، أو فترات زمنية أطول لبعضها، قبل تطبيق واشنطن عقوباتها. واستدرك أن لا «أوهام» لديه في شأن ردّ أميركي سخيّ.
واقترح تأسيس هيئة أوروبية تتمتع بالصلاحيات التي تمارسها وزارة العدل الأميركية في معاقبة شركات أجنبية نتيجة ممارساتها التجارية. واضاف: «هناك إدراك بين كل الدول الأوروبية بأننا لا نستطيع مواصلة الاتجاه الذي نسير فيه الآن، والذي نخضع فيه للقرارات الأميركية».
وبالفعل بدأت أوروبا في إجراءات للحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع طهران، ويعتزم الاتحاد الأوروبي التحول من الدولار إلى اليورو في الحسابات التجارية مع طهران فيما يتعلق بإمدادات النفط من إيران، وذلك للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على هذا البلد. بحسب «روسيا اليوم».
ويعد الدولار العملة الوحيدة، التي يتم بها تسعير النفط في البورصات، وبالتالي فإن جميع عمليات التبادل التجاري بين المصدرين والمستوردين تتم بالعملة الأمريكية، وبعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران فإنه من المهم لهذا البلد، الذي يصدر 2.5 مليون برميل في اليوم، تجاوز هذه العقبة.