لأول مره منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيس البنك المركزي الإيراني وثلاثة آخرين، ومصرف بالعراق، في إطار إجراءات تستهدف «أنصار الإرهاب العالمي».
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان على موقعها الإلكتروني إنها أدرجت محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، ومصرف «البلاد» ومقره العراق، واتهمته الوزارة، بتحويل ملايين الدولارات إلى تنظيم «حزب الله» في لبنان.
العقوبات الأمريكية
وانسحبت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء قبل الماضي، من الاتفاق النووي الإيراني، وبعد 90 يوما من المقرر أن تفرض أمريكا قيودًا على بيع العملة الأمريكية لإيران، وشراء الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
وبعد الـ 180 يوما ستطال العقوبات التي سيقرها ترامب الموانئ الإيرانية وسفنها ومصانع السفن، كما ستفرض قيود على تحويلات مالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني وخدمات التأمين.
لكن رغم بعض التباين في الموقف الأوروبي وكيفية التعامل مع مخاوف «إسرائيل» من برنامج إيران النووي الإيراني وتجاربها للصواريخ البالستية، إلا أن هناك إجماعًا على أهمية الاتفاق وضرورة الحفاظ عليه.
كشف وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين، عن تفاصيل الجهود التي ستتخذها واشنطن لإعادة فرض العقوبات على إيران بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
وأكد «منوشين» في بيان له، أن قسم مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة يباشر الإجراءات لتنفيذ قرار ترامب، مشيرا إلى أن العقوبات سيعاد فرضها في الفترة من 90 لـ 180 يوما.
كما سيتم أيضا سحب تراخيص التصدير من شركات الطيران المدني، بما فيها «بوينغ» و«إيرباص»، واعتبارا من 6 أغسطس سيفرض الحظر على استيراد السجاجيد والمواد الغذائية.
وأوضح «منوشين» أن الهدف من إعادة فرض العقوبات هو التوصل لاتفاق جديد، أفضل من السابق، وتوقع أنها لن تكون أقل فاعلية من العقوبات التي كانت مفروضة في وقت سابق.
خيارات إيران
أكدت إيران، صباح اليوم الأربعاء، أن العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على محافظ المصرف المركزي الإيرانى ستجعل الإيرانيين «أكثر تصميما وصبرا ومقاومة من أى وقت مضى».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي «نحن نعتبر هذه السياسة غير المناسبة جزءا من السلوك المستمر غير الحكيم والسياسات العدائية للحكومة الأمريكية»، بحسب بيان الوزارة.
وأضاف متحدث الخارجية، أن هذه العقوبات هي محاولة للضغط على دول أخرى عارضت قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أسبوع بالانسحاب من الاتفاق النووي الايراني المبرم في 2015.
وتابع: «بعد فشل التأثيرات المدمرة لأخطائها وسوء فهمها الواضح بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي، تحاول الحكومة الأمريكية الآن التأثير على إرادة وقرارات الدول الأخرى الاعضاء في الاتفاق».
الصين وروسيا
في دراسة حديثة صادرة عن معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجيّة في تل أبيب، نشرها موقع «نون بوست» حاولت إلقاء الضوء على المخاطر التي من الممكن أن تسفر عن خطوة ترامب الأخيرة، محذرة الإدارة الأمريكية من عدم الوقوع في هذا الفخ الذي سيقوض نفوذ واشنطن في المنطقة بصورة من الصعب استعادتها في الآونة الأخيرة.
تجديد العقوبات أو إلغاء الاتفاق سيدفع طهران إلى الارتماء في أحضان التنين الصيني، خاصة حال خضوع أوروبا لإملاءات ترامب، وهنا ربما تعيد إيران تشكيل خارطة تدفق الغاز الطبيعي لديها والذي يبلغ 24.6 مليار متر مكعب، رابع أكبر احتياطي في العالم ومرجح أن يصل إلى المركز الثاني مستقبلاً.
هذه الخطوة ووفق الدراسة ستُشكّل عاملاً رئيسيًا في السعي إلى تشكيل البنية المستقبلية للطاقة الأوراسية، مما قد يدفع طهران إلى تفضيل بكين بدلاً من أوروبا في تخصيص الفائض المتوقع خلال السنوات الخمسة القادمة، مما ينعكس إيجابًا على قوة الصين الاقتصادية ومن ثم السياسية.
جزئية أخرى حذرت منها الدراسة العبرية تتعلق بتشكيل تحالف يضم الصين والهند وروسيا يهدف إلى إحكام السيطرة على الشرق الأوسط وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس على إمكانية تسليح دول المنطقة بأسلحة متقدمة في ظل ما تشهده دول هذا التحالف المتوقع من إمكانيات هائلة، بعضها قد يصل إلى مرحلة التسليح النووي خاصة إن انضمت كوريا الشمالية إلى هذا التحالف مستغلة التوتر الشديد مع واشنطن.
وتسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة في محاولة لإحياء دورها العالمي مرة أخرى، وربما تجد في التحالف مع إيران بما لديها من إمكانيات وموارد فرصة سانحة لتحقيق هذا الحلم مستغلة تراجع الدور الأمريكي بشكل واضح.
الدراسة كشفت النقاب عن أن الصين -وفق المعطيات السابقة- ستكون المستفيد الأكثر من وراء تأرجح الولايات المتحدة حيال ملف الاتفاق النووي الإيراني، وإن كانت تتجنب الصدام مع واشنطن إلا أن ذلك لا ينكر حقيقة تأهبها للقيام بهذا الدور الإقليمي الجديد.حراج الحليف الأوروبي.