بلومبرغ
نشرت صحيفة الجارديان مقالًا للسيناتور الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق بريني ساندرز يعرض فيه رأيه بشأن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية والذي في رأيه كان قرارًا متهورًا ويجر أمريكا إلى حرب جديدة لا يرغب فيها أحد. وجاء في نص المقال:
قام دونالد ترامب الأسبوع الماضي بأحد أكثر الخطوات تهورًا في فترته الرئاسية فيما يخص خطة العمل المشتركة الشاملة، المعروفة أيضًا باسم الاتفاق النووي الإيراني. وبهذا القرار، أهدر الرئيس سنوات من العمل الشاق من قبل دبلوماسيينا، الذين استطاعوا فرض مجموعة من القيود والتفتيش الصارمة للغاية لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. كما أغلق الباب في وجه إمكانية الوفاق بين الولايات المتحدة وإيران التي كانت ذات يوم واعدة.
من المهم أن نفهم أن خطة العمل المشتركة ليست مجرد اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، بل هي اتفاقية تم التفاوض عليها جنبًا إلى جنب مع شركائنا في المملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، وقد أيدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويزيد انسحاب ترامب من حدة التوترات مع أهم حلفائنا الديمقراطيين كفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، الذين سيستمرون في دعم الاتفاقية، وقد قالوا دومًا أنه من مصلحة أمنهم القومي أن يدعموا هذه الاتفاقية.
كما رفض ترامب نصيحة كبار مسؤولي الأمن القومي لديه، مثل رئيس الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، وكلاهما قال مرارًا وتكرارًا أن البقاء في الاتفاقية هو في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. ويتشارك في هذا الرأي متخصصو عدم الانتشار النووي والأمن القومي في جميع أنحاء العالم. ولكن كما فعل ترامب في مسألة تغير المناخ مع انسحابه من اتفاقية المناخ في باريس، فقد اختارت تجاهل إجماع الخبراء واتجه بدلاً من ذلك إلى رأي فصيل إيديولوجي صغير، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على أمننا العالمي.
لن يقودنا تهديد إيران ومحاربتها إلى مستقبل أفضل
يضر انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة بشدة وبقدرتها على التفاوض على اتفاقيات عدم الانتشار مستقبلًا، مثل اتفاقية كوريا الشمالية. فلماذا قد توقع أي دولة في العالم مثل هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة وتقدم التنازلات الصعبة التي تتطلبها مثل هذه الاتفاقيات، إذا وجدت أن رئيسها متهوّرًا وقد يتخلص من هذا الاتفاق بعد بضع سنوات من عقده بكل بساطة؟
ولنكن واضحين، إيران منخرطة في الكثير من السلوكيات السيئة، بما في ذلك دعم الدكتاتور بشار الأسد ضد الشعب السوري، ودعم الجماعات المتطرفة العنيفة مثل حزب الله في لبنان، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران. ومع ذلك، إذا كنا قلقين حقاً إزاء هذه السياسات الإيرانية، مثلي، فإن هذا هو أسوأ مسار يمكن اتخاذه. وسوف يجعل التعامل مع كل هذه القضايا الأخرى أكثر صعوبة. ولسوء الحظ، لم نسمع من ترامب عن أي إستراتيجية ستُتبع بعدما أعلن قراره، فقط سمعنا التهديد المعتاد.
وبعد مرور 17 عامًا من الحرب في أفغانستان و 15 عامًا من الحرب في العراق، لا يرغب الشعب الأمريكي في الانخراط في حروب جديدة لا تنتهي في الشرق الأوسط. إنهم لا يريدون الانجرار إلى صراع إقليمي سني-شيعي، وصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران.
لكنني أخشى جدًا من أن هذا هو بالضبط المكان الذي يأخذنا إليه الرئيس ترامب. وإذا كان هناك أي شخص يرفض هذه المخاوف، فأود أن أذكره بأن مستشار الأمن القومي الذي عينه ترامب “جون بولتون” كتب مقالاً قبل بضع سنوات بعنوان “لوقف قنبلة إيران، لنقصفها بواحدة”. وبالانسحاب من الاتفاقية النووية، وتوضيح هدفهم التصعيدي، يبدو أن ترامب وإدارته يختلقون حجتهم للقيام بذلك بالضبط.
ومن الحماقة أن نتخيل أنه بعد إطلاق العنان لهذه المشاكل من خلال إساءة استخدام القوة العسكرية، يمكننا حلها بالطريقة نفسها، فيجب أن نتذكر أن الطريق إلى حرب العراق لم يبدأ ببساطة في 2003، بل تم على مدى عدد من السنوات بقرارات سياسية ربما بدت صغيرة نسبيًا في ذلك الوقت، لكن أدت في النهاية إلى أسوأ خطأ في تاريخ سياستنا الخارجية. فقد كان لحرب العراق عواقب وخيمة لم تكن في الخطة، ولا نزال نتعامل معها حتى اليوم، وستستمر لسنوات عديدة قادمة. في الواقع، كانت واحدة من تلك النتائج غير المقصودة تمكين إيران في العراق وأماكن أخرى في جميع أنحاء المنطقة.
وكما قلت، من الحماقة أن نتخيل أنه بعد أن أطلقنا العنان لهذه المشاكل من خلال إساءة استخدام القوة العسكرية، يمكننا حلها بنفس الطريقة، ومع ذلك بدا بوضوح أن خطاب الرئيس ترامب العدواني الأسبوع الماضي قد حوّل السياسة الأمريكية نحو الهدف نفسه بتغيير النظام والذي شكل أساس حرب العراق. القيادة الحقيقية للولايات المتحدة، والقوة الأمريكية الحقيقية لا تظهر من خلال قدرتنا على تفجير الأمور، ولكن من خلال قدرتنا على الجمع بين الأطراف، وصياغة رأي جماعي دولي حول المشكلات المشتركة، ثم تحريك هذا الإجماع لمعالجة هذه المشاكل. وهذا ما فعلته خطة العمل المشتركة. وللأسف، اختار الرئيس ترامب الآن أن يضعنا على مسار مختلف وخطير للغاية.